قارئي العزيز ،تذكر دائما أن كلمة واحدة قادرة على تغيير كل شيئ،

هُناكَ بعضُ الكلماتِ التِي جعلتَ لها مكانًا محفوظًا في ذاكرَتِكَ بالتأكيد.أُقسمُ لكَ أنَكَ الآن تذّكرت فلانًا يومَ قال لكَ هذا و آخر حين قال لك ذلك ، أكادُ أرى الدموعَ في عينيكَ الآن فقد تذكرّتَ تلكَ الكلمةِ التي أخبركَ بها أحدُهم و مضى و لكنّها لم تمضِ ، ظلّت محفورةً في ذهنِكَ و تتقلبُ في قلبِك.أعي جيدًا نغزةَ قلبِكَ عندما تنظُر للمرآةِ كلّ صباحٍ فتتذكرّ فلانًا و تعليقَهُ على حبوبِ وجهِكَ التي لم تجدْ لها علاجًا ، و تتذكرّي عزيزتي كل صباحٍ أمامَ المرآةِ من قالت لكِ أنّ وجهكِ يحتاجُ الكثير من مستحضراتِ التجميل ، هي كلماتُ تُستدعى بلا نداء ، تتكررُّ في أذهاننا بلا إراداتنا ، لذلكَ اليومَ أنا هُنا و أتمنّى لو يقرأُ العالمَ مقالي و يعي كمّ للكلمة السيئة من آثارٍ لو تعلمُها و تعيها ما تجرأت على الكلام ، و قدّ تتفكرُّ مائة مرة قبل الحديثِ مع البشرِ ، فالكلماتُ أسلحةٌ فتّاكة كما يُمكنُها أن تكونَ غيثٌ للقلوبِ فتتنزّلُ بردًا و سلامًا عليها.إن تحدّثنا في البدايةِ من منظورِ الرحمةِ المُهداةِ و النبيُ محمد صلى الله عليه و سلم ، فسنرى رحمتُه التي قادتنا و أرشدتنا بحديثين عظيمين:."من كان منكم يؤمنُ باللهِ و اليومِ الآخر فليقلّ خيرًا أو ليصمت " ..."الكلمة الطيبة صدقة" ...فكان النهجُ الرحيم هو أنْ تتفوّه بالخيرِ و لا تتحدثْ بالسوء ، و لا يكن لسانُكَ سلاحٌ تضربُ به العُزّل و تفتكُ سلامَ قلوبِ الآمنين ، أو تفتك عرضَ نفوسهم ،و لمْ يكتفِ بالنهي عن الحديثِ بالكلامِ الذي يُنغِّصُ القلوب ، بل جعلَ الكلمة الطيبة في ميزانِ الصدقة التي تُطفِئُ غضب الرّب ، و جعلّ أحبُّ الأعمال إليه هو سرورٌ تدخلهُ على قلبِ إنسان و إن كانت بكلمة.فحينَ يأتِي الأمرُ بالنهي عن شيء و الثوابِ الجزيل للآخر ، لابد و أن تُدرُكَ جلل الموقف و هيبةَ الأمر.أما من الناحية النفسية و العلمية و الطبية حين نوّدُّ ربطَ الأوامرِ الإلهية و البحثِ خلفَ تفاسيرِها و التي بالتأكيد تحملُ من الإعجازِ ما يفوقُ عقولنا ،بالتأكيدِ و كيفّ لا و ما نحنُ سوى باحثونَ عن إله عظيم مدبرٌ لهذا الكون.فقدْ تداركتْ الكثيرُ من الأبحاثِ مدى خطورة الكلمة الواحدة السيئة على عقلِ الإنسانِ ، و كيفَ لكلمةٍ واحدة سيئة قادرة على تغيير بعضِ الهرمونات في الجسم المسؤولة عن التوتر ، و قد تُغير في بعض العمليات الفيسيولوجية في الفص الأمامي من المخّ ، و هو المسؤول عن السلوك ، كما أثبتت العديد من الدراسات العلمية أنّ بعضَ الكلماتِ لا تؤثر علينا من الناحية النفسية فقط بل قد تؤثر على حياتنا بأكملها.عزيزي بعضُ كلماتِكَ المؤلمةِ و تعليقاتُكَ السلبية ليست مسؤولة فقط عن تغيير مستويات هرمونات التوتر في الدم ، بل قد تكون مسؤولة عن التسبب بنوباتِ قلقٍ مزمنة أو ما يُعرف بـ ."long term anxiety”قد يستهينُ الكثيرُ ببعضِ الكلماتِ و يتفوّهُ بها و لا يدري مدىَ تأثيرُها على من حولُه .. قد تُثرثرُ بتعليقاتٍ ساخرة أو ضاحكة و لكنّ الحقيقة هي أسلحةٌ قاتلة ، فإن تحدّثنا لوهلةٍ فقط عن الألمِ التي تسبّبهُ كلمةٌ فأودُّ لو أعتذرُ لكَ، هذا ألمٌ أبديٌ لن يزول، مرضٌ خبيثٌ لا يُشفى ، فأرجوكَ لا تسببه لأحد ،فقد أدلى أحدُّ الباحثين بشهادتِه حيثُ قال:الألمُ النفسي هو الألمُ الوحيدُ الذي تستطيعُ إحياءهُ في كلّ مرةٍ تتذكرُّه ، فقط يُمكنُكُ تذكرّ الألم النفسي لأحد الكلمات بنفسِ تأثيرهِ كأولِ مرة تماما ، بعكس الألم الجسدي فقد لا تتذكرّ الآن كيفَ كان يؤلمك ضرسكَ أو لا تستطيع إحياء الألم و الشعورِ به الآن ، في حينِ تذكرك لكلمةٍ قد تُجددُ الألم في قلبك و تُبكي عينك.يقول الدكتور "أندرو" و الدكتور مارك في كتابهم "الكلمات تستطيع تغيير عقلك":أنّ كلمة واحدة تستطيع التحكم في ظهور بعض الجينات المسؤولة عن التوتر العصبي!و ذكرا أيضًا على الصعيد الآخر أن بعضَ الكلماتِ الإيجابية مثل "الحب " و"السلام" قد تمنع ظهور تلك الجينات المسؤولة عن التوتر العصبي.و أن الكلماتِ الإيجابية قد تُقوّي بعضَ مناطق المخ كالفصّ الأمامي و هو المسؤول عن السلوك والوظائف الإدراكية و تنشيط مراكز التحفيز و دفعها للعمل بشكل أفضل.ومن هُنا نعودُ لمدَى الإعجاز في "فليقل خيرًا أو ليصمت".كما ذكرا أيضًا أنّ الكلماتِ الإيجابية قد تدفعُكَ بلغة خاصة للمخ لتكون أكثر فاعلية في المجتمع و أكثر إنتاجية.و أيضًا حين تمت مراقبة الجسم بعد بعض الكلمات السلبية ، كانت النتيجة أن الكلمة السلبية كانت قادرة على تحويلك لإنسانٍ متوتر و خلل في الهرمونات لبعضِ ثوانٍ.و قد يستمر تأثيرها في بعضِ الأحيان للاكتئاب و فقدان الشهية.لذلك فبعضُ الكلمات السلبية التي تتفوّه بها غير آبهٍ لها قد تقتُل نفوسًا ببطئ ، قد تُسممُ أحياءً بلسانِك.تفوّه بالكلماتِ الطيبة و الإيجابية و رددها بداخِلك أشبِع بها نفسك ، ثمّ بُثها في المجتمع ، بين أهلك و أحبابك و أصدقائك ، و لا سيما إن كنت تملِكُ أطفال ، فانتظروني في مقالٍ جديد لأُخبرك بالتفصيل كيفَ يمكن أن كلماتِك قد تصنع بطلًا منه أو قد تجعلُه عدوًا للمجتمعِ للأبد ، أتمنى لو أُخبركَ مدى أن طفلكَ قد يكونُ نتاجَ كلماتِك.أرجوكَ و إن كان توسلا ، فأتوسلُ إليك ، حافظ على كلماتك ، راقبها جيدًا ، فلقد مررتُ بالعديدُ من التجارب السيئة ما يكفي لأُخبرك أنّ كل كلمةٍ سيئة كانت بمثابة ندبةٍ في قلبي ، لا تُشفى و هاهي الآن تدبّ فيها الحياة و تنضح بالدماء لأخبركَ عزيزي لا تتسبب بمثلها لغيري ، بل اُجعل كلماتُك ورودًا تغرسها في قلوبِ من ترى و موسيقى متناغمة في عقولِ من حولِك ، حتى يستيقظَ كلّ يومٍ في الصباحِ يشمَُ عبقها و يتراقص على موسيقاها.طاب يومُكَ و طابت كلماتكم.

مريم طه
إقرأ المزيد من تدوينات مريم طه

تدوينات ذات صلة