"أنا لست معاديًا للمجتمع. أنا فقط لست اجتماعيًا ". - وودي الن
نريد أن نعتقد بأننا أشخاص جيدون بنوايا جيدة، ولكن ماذا عن بعض التصرفات والمواقف المزعجة والاخفاقات الاجتماعية، تلك التي نكررها، وقد تبدو لمن حولنا وقحة وغير مبررة، في هذا المقال سأتحدث عن بعض التصرفات التي أقوم بها "وربما تفعل أنت كذلك" وتبدو غير مبررة في كثير من الأحيان، وسأخبرك التبرير من وجهة نظر شخص يعاني من قلق اجتماعي.
ما هو القلق الاجتماعي؟
حسب موقع ويب طب يعرف الرهاب الاجتماعي على أنه اضطراب مزمن يتميز بخوف مفرط وغير مبرر من الإحراج في المواقف الاجتماعية، مما يؤدي إلى ضيق شديد وعدم القدرة على أداء الوظائف اليومية.
مواقف طبيعية ولكنها غير طبيعية
1- تأليف المحادثات
يبدو طلب طعام عن طريق الهاتف مهمة بسيطة لا تحتاج أي مجهود، صحيح؟ خطأ، فهذه مهمة اجتماعية تستحق التحضير والمراجعة والتكرار، وكتابة محادثات للسيناريوهات المتوقعة، يمتد هذا لأي لقاء أو حدث اجتماعي، عليك تحديد خطوط عريضة ترغب بالتحدث عنها، وتحضير إجابات ذكية عن المواضيع المتحمل سؤالك عنها، مما يعني ضغطًا نفسيًا وعصبيًا كبيرًا لأحداث تافهة لا تستحق أي مجهود، وغالبًا ما تسير تلك المحادثات على نحو غير مخطط، مما يعني ضغطًا وتوترًا أكثر.
2- النقد الذاتي
ذلك الحدث أو تلك المحادثة التي استمرت لساعة أو أقل تمتد وتتضخم لأيام أو أشهر، أيام وأشهر من المحاسبة على أدق التفاصيل وتضخيمها، والتفكير فيما قد يعتقده الناس عنك ونظرتهم إليك.
3- الانطوائية
لنفترض بعد كل هذه الحرب الداخلية، حاول هؤلاء الأشخاص التواصل معك مرة أخرى، وأنت بالفعل أحببتهم، إذًا كل ما عليك فعله هو الرد عليهم، صحيح؟ خطأ، ستحاول تجاهلهم وستحاول قدر استطاعتك عدم التفاعل معهم، والهروب من أي موقف محتمل قد يجمعكم، ولكن هذا غير منطقي فأنت أحببتهم؟
نعم أعرف، وهذه هي الفكرة من أي اضطراب نفسي، فهو غير منطقي أو مبرر.
4- الخوف من حكم الآخرين
في التجمعات الكبيرة كاجتماعات العمل أو الحفلات، يشعر الأشخاص المصابون بالقلق الإجتماعي بأن الجميع ينظر إليهم ويراقبهم ويحكم عليهم، مما يزيد توترهم ويمنعهم من التواصل أو المشاركة، لأنهم يخافون بأن يحكم عليهم أو على أحاديثهم بأنها مملة أو غريبة، فيمتنعون عن إظهار شخصياتهم الحقيقية، ويفضلون الصمت، وحتى لو حاولوا المشاركة سيتحول دماغهم لصفحة بيضاء وستتلاشى كل الأحاديث والردود، مما يصيبهم بحرج أكبر، ومحاولة المغادرة أو إخفاء وجودهم بأي طريقة ممكنة.
5- الهاتف والسماعات الصديق الأوفى
الانشغال بالهاتف أو وضع السماعات هو الحل الأمثل لتجنب أي محادثات أو تفاعل غير مرغوب، لذلك فهم حريصون على الاتلصاق بها في أي مناسبة اجتماعية.
6- مكالمات "لا"
على الرغم من كون الهاتف صديقًا حقيقيًا، إلا أن المكالمات ليست كذلك، لذلك إذا كان بإمكانك كتابة ما تريد قوله، حاول قدر استطاعتك ألا تتصل.
7- تصرفات مزعجة
في اجتماع دام لساعة نكزتني صديفتي لتخبرني أن علي إيقاف تحريك قدمي بهذه الطريقة المجنونة، كانت تلك هي المرة الأولى التي ألاحظ فيها كمية التحريك المجنون الذي أقوم به في أي اجتماع، وقد يعاني أشخاص أخرون من أعراض أخرى مختلفة، مثل: تسارع نبضات القلب أو نوبات الهلع أو التعرق أو صعوبة التنفس.
8- الغاء الاجتماعات
هل تعرف ذلك الصديق المزعج الذي قوم بإلغاء الاجتماعات عند آخر لحظة، أو إيجاد أي حجة لعدم التواجد، هذا ليس صديقًا مزعجًا هذا أنا، وكلما زادت الفترة بين الاتفاق وموعد الاجتماع كلما زادت احتمالية إلغائه، وهذا الأمر لا يحدث اعتباطًا وفجأة، بل هو نتيجة لتفكير مطول، وقلق منهك أنهى أي فرصة أو شجاعة للوصول للاجتماع.
9- الأكل
الأكل في الأماكن العامة من الأنشطة المزعجة والغير مرغوبة، وهو غير مرغوب لبعض الأطعمة أكثر من غيرها، فمن غير المريح التواجد في مكان يتم فيه النظر إليك وأنت تأكل، ويحكم الناس فيه عليك من طريقة أكلك، ولكن لا أحد ينظر ولا أحد مهتم أصلًا؟ نعم في عالمك، ولكن في عالمنا الكل يحدق ويحكم.
10- بدء محادثات أو صداقات
إذا لم يبدأ الطرف المقابل في أي محادثة فهذا يعني أن المحادثة لن تحدث، من الصعب شرح لماذا لكن اقحام نفسك بكامل إرادتك في محادثة اجتماعية يبدو انتحارًا لا يقدم عليه عاقل، لذلك فهو نادر الحدوث.
11- دراما كوين
ما حدث كان:
- مرحبا تقوى أعتقد بأن هناك خطأ " شرح الخطا" هل بإمكانك تعديله
- نعم، بالـتأكيد
- شكرًا
وصفي لما حدث لصديقتي
- لن تصدقي ما حدث، لقد أفسدت كل شيء، كان عملي خاطئًا وأحرجت نفسي، وشعرت بأنه يسخر مني لأنه الخطأ كان تافهًا للغاية.
- أريني المحادثة
أرسل المحادثة، ثم صمت طويل يتبعه الرد المعتاد
- دراما كوين
وهذا قد يشرح سبب الغضب السريع و المبالغ به أو الحساسية المفرطة أو الاحباط السريع، فهي تستعمل كوسائل دفاعية تجاه مواقف قد تبدو وكأن شيئًا لم يحدث، ولكن شيئًا مروعًا قد حدث في عالمنا فقط.
12- الانتهاء مع غريبي الأطوار
هذه التصرفات وغيرها تنهي فرصتك للتعامل مع أشخاص طبيعيين، فيتنهي بك الأمر محاطًا بالعديد من الأشخاص الغريبين، والمحادثات الغريبة، فعلى الرغم من غرابة المحادثات وشذوذها، إلا أنها مريحة لأنك لا تشعر بأن أحدًا ما يقيمك أو يحكم عليك.
نتيجة لهذه الحالة يميل بعض الأشخاص لتغيير أنفسهم، وطريقة لباسهم سعيًا نحو الكمال، ولكن حين تملك شخصية قوية مع قلق اجتماعي يكون الأمر مربكًا أكثر، فأنا لن أغير من نفسي أو طريقة كلامي لأن شخصيتي ببساطة تخبرني بأنها: لاااا تهتم برأي الناس، ولكن وبمجرد الوصول وبدء المحادثة، يصرخ القلق الاجتماعي بي: ولكنني أهتتتتتتتم.
لماذا قد يكون الأشخاص القلقون اجتماعيًا أشخاصًا رائعين؟
تسلية أنفسهم
مع محاولة تجنب كل اللقاءات الاجتماعية، يجد هؤلاء الأشخاص طريقتهم في إيجاد التسلية مع أنفسهم، فيميلون للكتب أو الأفلام، بل قد يخترعون العديد من طرق وأساليب التسلية التي لا يحتاجون فيها لأي أحد معهم.
مواقف مريحة
يمكن للشخص المصاب بالقلق الاجتماعي التصرف بعفوية وأن يكون نفسه عندما يكون محاطًا بأصدقائه أو عائلته أو في مواقف لا يشعر فيها بأن الأشخاص من حوله سيحكمون عليه.
صديق للأطفال
هؤلاء الأشخاص محبوبون بشدة من قبل الأطفال، وهو ما يبرر طلب أمي من كل طفل يزورنا الذهاب لغرفتي "ليلعب معي" وأنا في ال24 من عمري، ولكن في الحقيقة الأمر مسل لذلك لا أمانع.
التحدث على الملأ
هذا يختلف من شخص لآخر، ولكن كونك عاجزًا عن التحدث مع شخص لا يعني عجزك عن إلقاء خطاب أمام مئات الأشخاص، مئة دائمًا أسهل من إثنان والألف أسهل من مئة، قد يكون هذا غير منطفي ولكنه بالنسبة لي منطقي جدًا.
العمل عن بعد
العمل عن بعد من أعظم الاختراعات على الإطلاق، فرؤية الناس والتفاعل معهم بشكل يومي مرهق ومزعج، والأشخاص في أماكن العمل وحوش مخيفة، أعني أن العمل في مجموعات أيام الجامعة كان مقززًا كفاية، ولكن بمجرد وضعنا خلف مكتب بعيدًا عن الاحتكاكات المبالغ بها، بإمكاننا عمل المعجزات.
من الضروري توضيح أن كل شخص يملك نسبة قلق اجتماعي تظهر في بعض المواقف والأوقات، وهذا طبيعي جدًا، ولكن بالنسبة لشخص يعاني من اضطراب القلق الاجتماعي فهذا يعد أسلوب حياة وليس مواقف قد تحدث، وعادة تكون نسبة القلق والتوتر أعلى من الطبيعي.
لذلك وبعد كل شيء قد تكون تلك التصرفات الوقحة مبررة وليست وقحة بالكامل، مبررة داخل عقل مختلف عن عقلك، وداخل عالم مختلف عن عالمك.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات