مثلما يحتاج الطبيب إلى طبيبٍ يعاينه، قد يحتاج المعالج النفسي إلى العلاج النفسي، ولا يُنقص ذلك من قدر عملهِ ومكانته شيء!


قد يبدو العنوان مضحكاً ومثيراً لاستغراب البعض، ولا أظنني أبالغ فيما لو سمع كل من يعمل بالميدان النفسي على الأقل لمرةٍ واحدة عباراتٍ مثل: "الاسكافي حافي، باب النجار مخلع، هو بدو علاج، يروح يعالج حاله أولاً"!

بالنسبة لي لا أعتبر ذلك ذمّاً حسب التدريب الذي تلقيته في مجال العلاج النفسي، أن علاج المعالج لنفسهِ هو أمرٌ يجعلني أثق بشخصٍ يسعى بكل جهده كي يكون ذاته دون تشويش، ويعتني بذاته، ويجرب بنفسه ما يفعله كل يوم بغرفته عشرات الأشخاص.

.


لماذا قد يحتاج المعالج النفسي إلى علاج في بعض الأحيان؟

* دعونا نتفق أن علاج المعالج لنفسه قبل البدء في علاج الآخرين قد يكون متطلباً للحصولِ على الترخيص المهني لممارسة مهنة العلاج النفسي في بعض البلدان مثل أوروبا مثلاً يُشترط حصول المعالج على عدد ساعاتٍ معين للعلاج الذاتي.


* حينما يخوض المعالج تجربة العلاج النفسي يصبح أكثر فهماً وتعاطفاً مع الآخرين، ويدرك جيداً أنّ الجلوس على هذا الكرسي لا يحدثُ دائماً بسهولةٍ ويسر خصوصاً عندما نكشف عن أصعب تجاربنا وأكثر النقاط عمقاً في أرواحنا.


* يمارس المعالج النفسي الكثير من التعاطف، وقد يتعرض لبعض الصدمات النفسية الثانوية خلال عمله المستمر مع أشخاصٍ تعرضوا لصدمات ولذلك يجب عليه الاعتناء بنفسه جيداً كي لا يصل للاحتراق المهني أو للمعاناة من صدمةٍ نفسيّة.


* علاج المعالج النفسي يساهم بزيادة وعيه الذاتي وبالتالي الانتباه لمشاعره خلال جلسات العلاج، وذلك يجعله يعرف نقاط ضعفه وقوته بما يخدم مصلحة العملاء.


* كون الشخص معالجاً نفسياً لا يمنع من تعرضه لمصاعب الحياة المختلفة، واختباره العديد من المآسي أو التجارب المؤلمة، وبالتالي العلاج النفسي يساعده على المضي قدماً، والتكيف مع معاناته الخاصة إن وُجدت.


شخصيّاً اعتبر طلب المعالج النفسي للعلاج النفسي في وقت الحاجة هو شجاعة، وتأكيد على وثوقه بأهمية هذا التخصص، ونفعه لهُ أولاً وللآخرين ثانياً.

فإن كنتَ تروج لشيء طوال الوقت وترفضه لنفسك وقت حاجتك كيف ستحصلُ على مصداقيتك إذاً؟

.

كل الود لكم



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات جمانة الشحادات

تدوينات ذات صلة