الجميع يمطرك بالنصائح لتكون أفضل ولتتصالح مع ألم الماضي .. لكن لا أحد يخبرك .. كيف !

بينما تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي فتجدها ممتلئة بالنصائح عن ضرورة التعافي من آلام الماضي

وضرورة التصالح مع الصدمات العتيقة

لكن لا أحد يقول لك كيف .. وأين الطريق .. وما هي الخطوات العملية الحقيقية التي يجب أن يتم اتباعها ..

إن لجأت إلى مختص نفسي .. هناك هامش للأسف الوقوع في فخ التشخيص الخاطئ ..

ومن الممكن الاستسهال بوصف أدوية لك .. كعلاج لمشكلتك النفسية..

أو قد تلجأ لما يسمى اليوم ب Life coach .. على أساس أنه قادر على جعل حياتك أفضل وأفكارك منظمة أكثر ومن المفترض أنه عنصر محايد له القدرة على مساعدتك للتعافي من كل ما يزعجك .. وجعل نوعية حياتك أفضل ..

لكن غالبا ما يكتفي هؤلاء بإعطائك نصائح عامة قد تزيد من ألمك ألما .. وغضبك غضبا

لعدم إلمامهم بشخصيتك الحقيقية وتفاصيل حياتك

يدعون بأنهم مرشد روحي لك .. لكن بالحقيقة هم غير مدركين أبدا لما تعانيه أنت في الساعة الثالثة صباحا بينما تجلس وحيدا في حمام منزلك أو تحاول النوم في سريرك بينما تنهار من البكاء .. وعقلك ينهار باستمرار بسبب كل السيناريوهات البشعة التي تلاحقك .. وكل الشياطين التي لا تدعك وشأنك

سيكتفي من يسمى ب Life coach بإخبارك.. "دع الماضي وِشأنه" .. "ركز على نفسك" .. "حب نفسك أولا" .. وغيرها من العبارات المستهلكة التي لا تروي ظمأك .. فلا أحد يخبرك كيف ..

وانت في هذه اللحظة تشعر بالفشل .. لماذا لا يمكنني تنفيذ ما يقوله مرشدي النفسي .. ولا يمكنني أن أكون أكثر صبرا وأقل غضبا كما يأمرني الطبيب ..

أليس هناك شخص واحد في هذا العالم قادر على تفسير ..كيف !

كيف تحب نفسك وأنت مليء بكل العيوب التي تكرهها

كيف تحب نفسك وأنت لم تتخلص من شبح المقارانات القذرة التي كان يقوم بها والديك في صغرك ..

لم تتخلص من شبح انتقادات والدتك لشكلك وأدائك ..

لم تتخلص من هوس أهلك بأن تكون مثالي .. وعقدة الأول على الصف وعقدة تحقيق أحلامهم من خلالك..

كيف تحب نفسك بينما خدوش الماضي ما زالت واضحة ..

فأنت غير قادر على نسيان تعرضك للتنمر في صغرك .. وهناك من يقول لك يوميا في عملك "أنت شاحب..أنت سمين .. أنت هزيل .. أنت طويل"

كيف تتخلص من أذيال الماضي بينما تلاحقك في حاضرك

فأنت ما زلت تستمر في الفشل بعلاقاتك ..لا أحد يريد الاستمرار معك

لا أحد يراك أهلا للارتباط بعد ..

كيف تتخلص من الماضي بينما لم تجد صديقا يعوضك عن خساراتك الماضية

كيف تتصالح مع الحب في حين لم تجد شخصا يرمم ثقتك بالناس التي حُطمت مرارا

لم تجد من يضمد جروح الغدر العتيقة .. من يكسر الدائرة اللعينة ويخرجك من دوامة الفشل في علاقاتك مع الناس

لا أعلم إن كان فعلا هناك شخص قادر على إعطائنا دروس وتعليمات عملية واضحة كيف من الممكن أن نصبح أفضل نفسيا

كيف من الممكن أن نتخلص من قرين الاكتئاب وفقدان الشغف والمخاوف التي تلازمنا طيلة حياتنا

كيف من الممكن أن نحافظ على الحائط الذي يسندنا بينما نفقد كل قوانا وطاقتنا في الاستمرار

كيف من الممكن أن نستيقظ في اليوم التالي ونستمر في القيام بكل واجباتنا دون الإحساس بالثقل

كيف علينا أن نتحكم بمزاجنا أكثر .. ولا نسمح لأفكارنا بتدمير ذواتنا وصحتنا العقلية

كيف لك أن تقنع طبيبك أنك لست بحاجة إلى دواء فأنت لست بمريض .. لا عقليا ولا روحيا ..

غضبك ليس مرض هو ردة فعل من جروح قديمة تعفنت

انهيارك مجرد ردة فعل على الهراء الذي يستمر كل من حولك بفعله

غضبك بسبب عدم التقدير الذي تجده من المدير وعدم الامتنان الذي تجده من الصديق والهجران الذي تجده من الحبيب

ألمك بسبب كل الآخرين الذين يحتاجون للخروج من حياتك فورا أو التحجيم

وإن كنت قويا بما يكفي .. لتأخذ قرارات مصيرية ..لتقف لنفسك .. فتحجم من يحتاج لتحجيم وتعيد تشكيل علاقاتك بنفسك وبكل المحيط .. وإن استطعت أن تلقي بكل العلاقات السامة في الجحيم ..

نعود للسؤال الأهم والألم الكبير ..

من يبقى معك بعد كل ذلك .. وكيف لك فعلا أن تعالج نفسك .. من سيمدك بالطاقة لتشعر بالحب والأمان والثقة من جديد؟


ربا عياش

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

اتبع نفسك واكتشفها بكل عيوبها ومميزاتها نختبر الاشياء كل ذلك بهدف إلا تبقي وحدك في القبر كل هذا حتي يكون لك مستقبل في الحياة الأخري افضل

إقرأ المزيد من تدوينات ربا عياش

تدوينات ذات صلة