هل تشعرين حيناً بالضياع والتشتت لكثرة ما تقرأين عن التربية؟ هذا المقال إذاً لكِ.
تخاف بعض الأمهات من التربية!
وكيف لاتفعل بعدما أصبحت اليوم الكثير من الأمهات يشاركن تجاربهن عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك قد يزيد من المقارنات، الشعور بالذنب، وجلد الذات!
إضافةً للبعد الذي حصل عن الأسرة الكبيرة الممتدة حيث تتشارك الأم أعباء التربية مع أشخاصٍ مقربين، وتحمُّل الأم للكثير من الأعباء، من عمل الأم وسعيها لتحقيق ذاتها أو إكمال دراستها، إضافةً للانفتاح الكبير الذي شهده هذا العصر من تطور التكنولوجيا ما أثر على ضرورة تثقيف الأم والأب على حدٍّ سواء بكيفية ضبط سلوكيات أطفالهم في هذا الفضاء الالكتروني وغيرها كثير من القضايا الشائكة!
من خلال ملاحظتي وشكوى بعض الأمهات، أن كل تعليمات التربية الحديثة قد تنعكس سلباً على عملية التربية من خلال تقييد الأمهات وشعورهن بالخوف الدائم من ارتكاب الأخطاء التربوية.
وكأنّ الأم تمشي قي حقلٍ من الألغام تخاف لحظة ارتكاب الخطأ ولوم المختصين وغير المختصين لها، ولوم طفلها لها حين يكبر.
بعض الأمهات حرصاً وحمايةً للطفل قد ينتابها الخوف لأن يشعر طفلها بأي شعورٍ غير مريح، وبالتالي قد تبالغ في حماية طفلها من سماع أي كلمة مسيئة، أو أي تصرفٍ قد يجرح مشاعره ممن حوله، أو قد تخاف من إقحامه بتجارب جديدة قد تثير قلقه وخوفه في البداية.
دعوني أخبركم بالموضوع من وجهة نظري، إنّ التربية هي عملية معقدة بالفعل تبدأ من ملاحظة سلوكنا بالبداية، وضبط انفعالاتنا والوعي بأفكارنا قبل كل شيء، وتذكير أنفسنا بأولوياتنا وأهدافنا التربوية دينياً علمياً اجتماعياً،ولكن:
* الأم هي بشر، وهذا ما يجعلها معرضةً لارتكاب الأخطاء، وهذا طبيعيّ حسب الطبيعة البشريّة وكونها أم لا يجعلها هذا مطالبةً بفعل الصواب دائماً وإنما تحريّه والسعي له، مع مراعاة أن ما أراه صواباً لطفلي قد يكون خطأ لطفلٍ آخر حسب مرجعيات ثقافية ودينية لأمٍ غيري فالأمر نسبيٌّ إذاً!
* بعضنا قد تعرض في طفولته لأخطاء مقصودةٍ أو غير مقصودة في تربيته، وربما تركت أثراً كبيراً في شخصية صاحبها لليوم، ولكن هل تبرأ أحدكم من والديه لذلك؟ قد نلوم والدينا وهذا قد يحدث نعم!
ولكن تذكر أنك اليوم راشد، وكونك راشداً يعني أنك مسؤول عن حياتك، فتوقف عن لوم والديك وأصلح ما تراهم قد أفسدوه وانتقل من دور الضحية إلى دور الناجي، هل ذلك مستحيل؟ أبداً وإنما قد يكون صعباً ومرهقاً، وقد يحتاج في بعض الأحيان إلى اللجوء لمختصين ولكن هناك حلٌّ دوماً طالما أنك نجوت من كل ذلك،
* تجنيب الطفل خوض بعض التجارب حرصاً على مشاعره، يعتبر ذلك برأيي ضمن الحماية الزائدة للطفل، وللحماية الزائدة أثرٌ سلبيّ على الطفل تماماً كما يفعل الإهمال.
إضافةً إلى أنّ العالم ليس حضن أم! سيكبر طفلك المحميّ من كل سوء وقد ينصدمُ بعالمٍ مليءٍ بالأشرار، سيخرج من حكايتك عن دفء بيت الجدة وقبلة ماما قبل النوم، ليصطدم وجهاً لوجه مع الأربعين حرامي!
من تنمر، منافسة، أعداءٍ للنجاح، خيانة، خذلان، فقدان، فشل وغيرها كثير ليجد أنه خالي الوفاض من مهاراتٍ تعيد له اتزانه النفسيّ،!
ما الحل إذاً أن لا نحمي الطفل من خوض تلك التجارب إنًَ تعرض لها فعلاً لأنه فرصةٌ لتتعلُّم ، من خلال الحرص على تعليمه ماذا يفعل حينما يشعر بالخذلان، وماذا يفعل حينما يفشل، وكيف يواجه موقفاً تعرض فيه للظلم وتفهم مشاعره واحترامها مما يساهم بزيادة وعيه بذاته.
في رحلة الأمومة، ستخوضين الكثير من التحديات، وستشعرين بالكثير من التعب والضغوطات بدءاً من اللحظة التي تعرفين فيها أن ثمة حياةٌ تزدهر في داخل أحشائك، فلا تزيدي ذلك الضغط بضغطٍ تدفعين ثمنه راحتك واستقرارك النفسيّ من خلال المقارنات، والضياع بين مدارس كثيرة للتربية.
ففي التربية مدارس كثيرة، ثمة أشياءٌ هي حتماً تعتبرُ إساءةً وظلماً للطفل ويتفق عليها الجميع، لكن بالمقابل ثمة الكثير من مساحات الحرية لتكوني أنتِ.
أنتِ أنسبُ أمٍ لطفلك فلا تبخسي نفسك حقها، لا يحتاج طفلك أكثر من أمٍ محبّة، متفهمة، تعرف متى تكون حازمةً ومتى تكون متعاطفةً، وتكون مرتاحة.
كلما كنتِ مرتاحةً من قيود اللازم والواجب، كلما كنتِ أخفَّ حِملاً أرشق انفعالاً.
كوني ذاتكِ، ولا تسعي لأن تكوني أماً غيركِ، خذي ما يناسبكِ واتركي ما لايناسب بيئتك، ومرجعيتك، وأهدافك.
أنت أفضلُ أمٍ لطفلكِ وإلا لما كلفك الله بهذه المهمة العظيمة، إلا لأنها بوسعكِ!
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات