فالأسهل ان تنظر اليه على انه فأر. وعلى الأنسان على انه بشر،
ماذا لو أقتحم غرفتك الان فأر. ماذا ستفعل؟ خيار أنك تصرخ او تصوت ليس الأفضل بالتأكيد. الأفضل أن تذهب بالذوق وبهدوء لإحضار مصيدة فئران مع قطعة جبنه بداخلها وضعها بجانب أي ركن بالغرفة. وبالتأكيد ستمسك بالفأر حتى لو بعد أسبوع وستلقيه في الزبالة حينها.
لكن هناك سؤال لم تطرحه على نفسك وانت تلقي بالفأر باشمئزاز وتعالى (هل هذا يجعلني شخصاً قاسياً بلا قلب)؟
ربما أجابتك هي لا، لأنك ببساطة لست فأراً. متأكد؟
أتعتقد أنه لا يوجد أحد يستطيع أن ينظر إليك باشمئزاز او نظرة كراهية، أتظن أنه من المستحيل أن تحبس أنت نفسك داخل مصيدة؟
من وجهه نظري هذا محتمل. نحن يوميا نلتقي بأناسـيّ كثيرة منهم عدد لا بأس به يحدقون بنا وينظروا الينا ويتعاملون معنا كما لو أننا فئران في حياتهم.
أدرك أنه تشبيه مقزز لكنه الأقرب. هؤلاء الناس لا يعرفونك ولا يعلمون عن ماضيك وغير كفء للتنبؤ بمستقبلك وأكسل من أن ينصتوا بعناية لمعتقداتك واستيعاب مبادئك واحترام قرارتك التي لا تضمهم. الا وأنهم بعد كل هذا ومع الجهل الذي يملأهم قادرين على سجنك في قالب وكاركتير ورمز معين تسجن فيه للأبد،
زي محدد ترتديه مدي الحياة، بدون مبرر، لا يليق بك ولا تليق به، كاركتير أكبر منك، لا تنتمي اليه ولا ينتمي اليك، فهم مجرد حكموا عليك بمؤبد بداخله، تعيش بقية حياتك فقط تفكر كيف تتخلص منه وتحطمه بعدها للأبد. مصيدة انسحبت اليها بدون وعى، انسحبت اليها بجهل مبني على سراب.
تماما كالفئران التي نعاملها بنظرة قبيحة وباشمئزاز وتقزز بدون ما نعرفهم ونفهمهم جيدا، كفأرك الذي تخلصت منه سريعا، أليس من الممكن أنه يحمل سببا منطقياً لهذه الزيارة او ربما أهداف أفضل من أهدافك؟
"يعني اتصاحب عليه مثلا؟ ..."
"والله ممكن ليه لا؟"
كلاكما لدية مشاكل، صغر حجمه هذا لا يمنعه من امتلاك شخصية جذابة او حنونه او مثقفة تتعلم منها. لكنك لست مجبرا على مصاحبة فأر. فالأسهل ان تنظر اليه على انه فأر. وعلى الأنسان على انه بشر، كائن عاقل من لحم ودم، مخلوقات تكوينها صعب للغاية، جنس لطيف وودود وأكثر ذكاءً، يكفي أنك لو رأيت واحد منهم في الشارع لن تصرخ كما تصرخ في وجه الفئران او حيوان أخر صغير الحجم بشوارب ضخمة.
لا تتعامل مع البشر على أنهم فئران تسجنهم في مصيدة ما انت وضعتها بيدك، شخصية أنت رسمتها في خيالك، قالب معين أنت أعددته لهم بنفسك، وقرار حكم مؤبد لا يمكنهم طعنه.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات