الوقاية هي ملخّص لمسوؤلية مجتمعية تبدأ بالتزام الأفراد.


اسمي هند سكجها، عمري اثنين وثلاثين عام، لا أرى نفسي مُلهمة الأن لكنني أملك الشغف لأكون يوما ما. درست التغذية والتصنيع الغذائي وفيها أدركت شغفي بسلامة الأغذية وحبي للعمل الحيوي ومساهمتي المجتمعية، تخرجت وبدأت رحلتي بالعمل وكنت مقتنعة أن طريق الخبرة المهنية سيكون حافلا بالمشقة والقليل من النقود، وبدأت الرحلة العملية وبدأت تكبر احلامي فمن مساعدة باحثة في الجامعة الاردنية الى مدققة شهادات سلامة وجودة للاغذية بإحدى الشركات العالمية. ثم انتقلت من الأردن الى الكويت لأسس اسرة جديدة وانتقل معي شغف العلم والعمل، وهناك جاءت ابنتي يافا فجاءتني فرص عمل تظلم الصغيرة وترضي طموحي فانتظرت.


كنت دائما أحلم أن أكمل تعليمي وأحاول خدمة مجتمعي، بحثت ووجدت، تم قبولي بجامعة الكويت بماجستير الصحة العامة بكلية الطب فبدأت رحلة علم جديدة لن تنتهي أبدا،. اخترت موضوعا ممتعا لبحثي لكنه صعب كان عن نظافة أيدي عمال المطاعم في الكويت، وكان عليّ زيارة ٤٠٠ مطعم لإنهاء إحصاءات البحث، ولم أعلم أن الله سيرزقني بأخ ليافا في هذا الوقت. عدت لجامعتي وبحثي مع رضيع، وأتممت الدراسة؛ لكن كورونا أوقفت إجراءات تخرجي، وكأنها تعطيني تجربة عملية عن دراستي.


أكملت آخر فصل كطالبة وأنا أمارس عملي في مستشفى كمسؤولة الأغذية والأطعمة، فكنت أعمل وأدرس و أعتني بطفلين، والان مع كورونا ما زلت أقدم واجبي بعملي وأعود يوميا بخوف أن أكون التقت الفيروس مع حرصي الشديد بالالتزام بإرشادات الوقاية لحماية نفسي، عائلتي، مجتمعي ووطني.


" العبء المضاعف للأمراض"


مع مرور الزمن، شهد العالم تحولا بنوعية الأمراض المنتشرة وخاصة في الدول المتقدمة. فقد أصبحت الأمراض المزمنة هي المسببة الاولى للوفاة بعدما كانت الأمراض المعدية هي السبب. وقد كنا دائما نسمع، كطلاب في تخصص الصحة العامة، عن مصطلح "العبء المضاعف للأمراض" وكيف يمكن إنتشار فايروس واحد أن يضاعف العبء .ولم نتوقع ابدا أن نعيش ذلك بوقتنا الحاضر.. فما هو "العبء المضاعف للأمراض"؟


عندما تنتشر الأمراض المزمنة كالسكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب وفي نفس الوقت تنتشر أمراض معدية يجد القطاع الصحي نفسه أمام تحدي كبير فيتضاعف العبئ المادي على الدولة وهذا تماما ما نشهده الآن مع جائحة كورونا. في القطاع الصحي في معظم الدول مرهق من تزايد الأمراض المزمنة وعلاجها، وبين يوم وليلة وجد نفسه يواجه تهديدا لم يكن متوقعا بفيروس يحوّر نفسه ويسافر بين القارات ويتسبب بزيادة الحاجة الى معدات طبية وخدمات مساندة وغرف مستشفيات بصورة مفاجئة .


والمهم هنا أن الحل الفعّال بمواجهة الأمراض المزمنة هو نفسه الحل الفعّال بمواجهة الامراض المعدية وهو الوقاية, والوقاية هي ملخّص لمسوؤلية مجتمعية تبدأ بالتزام الأفراد.


يبذل القطاع الصحي وخاصة قطاع الصحة العامة مجهودا كبيرا لنشر العادات الصحية وتغيير الممارسات الخاطئة التي أدت الى انتشار الامراض المزمنة و الذي يوفر تكاليف علاج هذه الأمراض. وفي الأمراض المعدية الأمر مماثل أيضا ، لكن المسؤولية المجتمعية اكثر حيث ان الانتشار الفيروسي يأتي فجأه وانتشاره يعتمد على مستوى الصحة العامة في الدول.


وهنا سأنتهي بتعريف الصحة العامة التي تلخص المسؤولية المجتمعية: هي الجهد والتعاون المشترك بين جميع مؤسسات الدولة من حكومة وقطاع خاص ومؤسسات دولية غير ربحية وأفراد لحماية الدول من أي تهديد.


هذا ما نشهده الآن وعلينا أن نشكر قطاعاتنا الصحية ونساعدها كل في مكانه لتخفيف هذا العبء لتحقيق مصلحة المجتمع والقضاء على الفيروس المشهود باذن الله.






ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات مِنْ الدَاخل

تدوينات ذات صلة