شاب إماراتي يبلغ من العمر ٢٨ عاماً، هدفه أن يجعل من الشباب العربي صُناعاً للأمل، هوايته هي عمله، وشغفه هو صناعة المبادرات وتحقيق الأحلام.

حقق حلمه في عمر صغير، بدأ كَموظف استقبال في مصرف ليصل إلى مناصب كان يحلم بها لخدمة وطنه، والعالم العربي؛ هو سعيد النظري، الذي يشغل الآن منصب المدير العام للمؤسسة الاتحادية للشباب والرئيس التنفيذي للاستراتيجية في مركز الشباب العربي، والمدير التنفيذي لمكتب الشباب في مكتب رئاسة مجلس الوزراء.


في مراحل دراسته، كان النظري يعيش متغيرات كثيرة، تتطلب الانتقال من مدرسة لأخرى، وكان جزء كبير من دراسته منزلياً بمساعدة والديه، فكان لهما الفضل الأكبر في تعليمه ومواجهته للعوائق.

المرحلة الثانوية كانت استثنائية بالنسبة له، فكان ينظم وقته بين الدراسة ومساعدة زملائه في المدرسة لأنه كان رئيس مجلس الطلبة؛ فهو بطبيعته يحب مساعدة الآخرين، وإيجاد حلول لمشاكلهم، وهي الموهبة التي نمت معه في جميع فترات حياته.


بعد تخرجه من الثانوية، اتخذ قراراً وعهداً على نفسه أن يكون إنساناً معتمداً على ذاته في المراحل المقبلة من حياته، وأن يساند والديه بالطريقة التي دعموه فيها.


"اذا قابلنا كل شيء بابتسامة، ستكون ردة الفعل المضي قدماً"


تزامناً مع أول يوم في حياته الجامعية، كانت بداية حياته المهنية أيضاً، درس تخصص إدارة الأعمال، وعمل كموظف استقبال في أحد المصارف بالدولة، وخاض تجربتي العمل والتعليم معاً، فكان التحدي صعباً، ولكنه كان جاهزاً للاعتماد على نفسه، ومواجهة جميع التحديات لِيُكوّن نفسه، ويصقل شخصيته القيادية.


على مدار أربع سنوات من السعي وراء شهادته الجامعية، والمواظبة في عمله، تخرّج من الجامعة، كما اكتسب خبرة مهنية في القطاع الخاص، فلم يتباطأ بالسعي وراء أحلامه؛ أهم ما استنتجه النظري من وظيفته الأولى كموظف استقبال أن الابتسامة هي نصف الحل، قائلاً: "إذا استقبلنا الشكاوى والملاحظات سواء كانت سلبية أم إيجابية، بابتسامة؛ نكون قد خطونا أولى خطوات إيجاد الحلول، وهي التي تُهيئنا لمواجهة الخطوة الثانية، حيث للابتسامة قدرة على امتصاص الغضب، وتبديد الاستياء".


"الموظف الأصغر سناً بين مئات الموظفين"

محطات عمله كانت كثيرة ومثمرة، وعمل في ٨ مؤسسات مختلفة ضمن القطاعين الخاص والحكومي، وكان الموظف الأصغر سناً في جميعها، وحصل على تقييم يفوق التوقعات في جميعها.


انتقل النظري بعد المصرف للعمل في المنطقة الحرة بمطار دبي؛ وهي المنطقة التي تحتوي على عشرات الشركات التي تضم مئات الموظفين. كانت طبيعة عمله في تلك الفترة مختلفة عن المجال المصرفي، حيث عمل في الشؤون القانونية التي تكفل حقوق الموظفين المتواجدين في المنطقة الحرة، واختار هذا المجال لحبه مساعدة الناس، ومعالجة مشكلاتهم، وتعريفهم بقوانين العمل، والحقوق والواجبات المترتبة عليهم، فكان بمثابة وسيط بين الموظفين والشركات.


من المجال القانوني عاد النظري للعمل في المجال المصرفي والبنوك، واستلم منصب نائب مدير الموارد البشرية، كان عمله في شؤون الموظفين والعلاقات بين الموارد البشرية والموظف؛ يخدم أكثر من ٣٠٠ موظف وهو أصغرهم سناً، وفي القطاع البنكي حيث العمل عبارة عن أرقام وبيانات، كان أهم ما أنجزه النظري حينها هو إعادة تصميم آلية العمل في الموارد البشرية، وغرس ثقافة أن الموظفين ليسوا أرقاماً فقط، بل أُناس يجب أن يشعروا بالراحة في بيئة عملهم.


واحة السيليكون هي المحطة التالية في حياته، وهي منطقة حرة متخصصة بتقنية المعلومات والشركات الناشئة، عمل فيها ضمن مجال تدريب وتطوير إدارة الموارد البشرية، ولأن محور الموارد البشرية هو الإنسان، عملوا على تغير اسمها إلى "إدارة إسعاد الموظفين"، ووضّح النظري: "إننا نتحدث عن الناس، وبناء الإنسان أصعب من بناء الأبنية والأبراج، فالموضوع إنساني، ونفسي، واجتماعي، فإذا كان دور الموارد البشرية هو تطبيق الأنظمة وحصر نظام الحضور، بالتالي بإمكان الآلة أن تكون بديلاً لنا في السنوات القادمة. ولأن دور الموارد البشرية عميق وإنساني يجب أن نركز على راحة وسعادة الموظفين في بيئة عملهم."


"فرصة العمر"


يذكر النظري أنه في عمر الثامنة عشرة أرسل رسالة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، يبوح له بحلمه "أن يكون من ضمن فريق عمله ذات يوم"

هنا نال النظري الفرصة التي كان يتمناها منذ مقاعد الدراسة؛ حظي بفرصة مقابلة وظيفية من المكتب التنفيذي لصاحب السمو، وتحقق حلمه بانضمامه لفريق عمل سموه، وعمل على العديد من المشاريع التي تخدم الشباب مثل؛ "قمة رواد التواصل الاجتماعي العربي"، و"المنتدى الاستراتيجي العربي"، و"منطقة ٢٠٧١" والكثير من المشاريع الإعلامية، والاجتماعية، والسياسية والاقتصادية.

بعدها بسنوات قام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بتغيير شكل الكثير من القطاعات الحكومية في دولة الإمارات، ووضع نموذجاً جديداً ألهم المجتمعات جميعها؛ حينما استحدث منصب وزير الدولة لشؤون الشباب. من ضمن جميع الجامعات كان هناك ترشيحات لهذا المنصب، وتم اختيار معالي شما المزروعي لتكون أصغر وزيرة في العالم، واختير النظري عضواً اتحاديا في التشكيل الأول لمجلس الإمارات للشباب بعد ترشيح كليات التقنية العليا له، حيث تم اختياره من بين ١٢ ألف طالب، من ١٦ كلية على مستوى الدولة.


في بداية عمل مجلس الإمارات للشباب، كان التحدي كبيراً من ناحية التشغيل ، وتقديم أكبر أثر ممكن للمجتمع بموظفين اثنين فقط في مكتب الشباب، من أولويات عملهم خدمة الشباب الإماراتي بشكل فعال، هنا جاء التساؤل: "كيف يمكننا أن نجعل من كل شاب وشابة في الدولة موظفاً؟" من هنا فتح النظري أبواباً كثيرة للتطوع، والعمل المشترك، مما جعل النموذج ناجحاً. وكانت المرحلة المقبلة تأسيس المؤسسة الاتحادية للشباب، لتكون معنية بخدمة الشباب. الأثر كان هائلاً من ناحية المبادرات التي شكلت نجاحاً واسعاً في المنطقة، بالرغم من قلة عدد الموظفين، مما جعل القيادة تأخذ قراراً بتعميم هذا النموذج على المنطقة العربية وإفادة الشباب العربي، وتم تأسيس مركز الشباب العربي.


تعلّم النظري من مسيرته المهنية: "أن وراء كل تغيير خير، وفرص جديدة، وعلى الإنسان أن يحافظ على طاقته وعزيمته مهما كانت التغيرات المحيطة."


"المحافظة على المبدأ والهدف والطموح، وجعلهم من الثوابت هو السر وراء النجاح، والمتغيرات يجب أن تكون بالتعلم وتنمية القدرات والاطلاع"


كَشاب إماراتي ترعرع على مبدأ مساعدة الآخرين وخدمتهم، وهو شيء ثابت في حياة النظري منذ أيام دراسته، وحتى يومنا هذا يسعى دائماً من أجل زيادة إمكانياته، والموارد المتاحة له، لمساعدة الآخرين وإدخال السرور إلى قلوبهم.


وعلق النظري: "عندما استلمت أول وظيفة لي في المصرف، كنت أخدم ألف عميل في اليوم، واليوم أقدم خدماتي لأكثر من ٣٠٠ ألف شاب وشابة، وهدفي أن أشمل الشباب العربي بأكمله، ونحن نتكلم عن ١٠٨ مليون شاب وشابة، وحلمي أن أُكبّر معايير ومساحات خدماتي للناس، لتكبر مع تقدم عمري، ويكون الأثر الأكبر على مجتمعاتنا العربية".


"هوايتي هي عملي"


بالنسبة لإلهامه في العمل، يقول النظري: "هوايتي هي العمل، من الصحيح أن لدي هوايات كثيرة، ولكن أهمها هو عملي، أستمتع بالإنجاز، وأمارس هوايتي حتى ١٠ ساعات في اليوم."

وأضاف: "من يشعر بأن عمله هو هوايته لن يشعر بأنه موظف، وهذا ما نراه في جميع قصص النجاح، عندما يعطي الإنسان طاقته، وحبه، وشغفه في المكان الصحيح."


"شغفي تصميم وإدارة مبادرات تساهم في تحقيق أحلام"


الشغف هو الأساس، وشغف النظري يكمن في التصاميم الجديدة، والمبادرات المتجددة، والخدمات المقدمة، وهذا ما يمارسه النظري في المؤسسة الاتحادية للشباب ومركز الشباب العربي، ويأمل بوجود مراكز شبابية في المنطقة العربية تعمل على صقل مواهب الشباب العربي، والاستماع لهم، ومشاركة أفكارهم.

وألهمنا بقوله: "أستمتع حين يكون هناك خطة على الورق، أو حلم في البال، يتحول الى أرض الواقع."


"ملهمي هو صاحب السمو محمد بن راشد آل مكتوم"


في داخل كل إنسان قيادي يُلهمه، وبالنسبة للنظري مُلهمه هو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قائلا : "لا أذكر يوماً واحداً لم أر فيه نشاط لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، فكان ولا يزال لديه إنجاز في كل يوم، فهو من علمني أن الإنسان قادر على الإنجاز والعمل اليومي، وعلينا أن نصنع الأحداث، والانشغال بخدمة مجتمعنا، ولهذا السبب حلمت أن أكون من ضمن فريقه، والحقيقة أن هذا واقع العمل معه."


"أتمنى من الشباب العربي أن يصنعوا الأمل"


من طموحات النظري أن يرى الشباب العربي من صُنّاع الأمل: "أتمنى من الشباب العربي ألّا ينتظروا الحلول ولا الأمل، بل أن يكونوا من صناعهم، وألّا ينتظروا فرص العمل، بل يوفروها لبعضهم البعض".


بقلم هبة سكجها




ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

ما شاء الله

من أكبر الداعمين للشباب

شخص ملهم بالفعل !

إقرأ المزيد من تدوينات مِنْ الدَاخل

تدوينات ذات صلة