روان بركات رائدة الأعمال الأردنية، وتحقيق حلم بناء مؤسسة رنين لخدمة المجتمع.


في سجلات الريادة قصص ملهمة لبعض رواد الأعمال المتميزين الذين بدأوا مسيرتهم مبكراً ربما أكثر من المعتاد، حيث بدأت روان بركات رائدة الأعمال الأردنية تجاربها الأولى من الصف السادس من خلال مشاركتها في برلمان أطفال الأردن كونها الطفلة الوحيدة الكفيفة من بين الجميع، وساهم هذا في بناء حلم لمؤسسة مدنية تخدم المجتمع، وتساعد أيضا على تنمية الدمج المجتمعي مع فئات المجتمع.


الأمر الذي أثَّر بشكل كبير في تحديد مسار حياتها وتوجهاتها كان في انضمامها إلى مدرسة المسرح التابعة للمركز الوطني للثقافة والفنون، حيث تعلَّمت من خلاله أساسيات التمثيل وأدركت فكرة المسرح وشعرت بأن المسرح هو المكان الصحيح للتعبير عن الآراء والأفكار بطريقة حرة، والرائع في الأمر أنها استطاعت أن تمارس مهاراتها المسرحية والمحافظة على معدلها الدراسي في نفس الوقت حيث أنها كانت حاصلة على منحة تفوق من مدارس الإتحاد.


بدأت حياتها الجامعية بالتخصص الذي اختارته في عمر الثالثة عشر وهو الفنون المسرحية على الرغم من أن الكفيفين في العادة لا يدرسون هذا التخصص، ومع ذلك تم قبولها بعد اجتيازها لامتحان القبول.كما نعلم بأن الإبداع يبدأ دائماً من الأفكار التي تُطرح داخل الحرم الجامعي، وهكذا بدأت فكرة روان من خلال سؤال طُرح عليها وهو: كيف تستطيع أن تخدم مجتمعك؟ فكانت اجابتها: أريد أن أقوم بعمل مكتبة صوتية للأطفال باللغة العربية، فكانت الفكرة تدور حول حاجة الأطفال للاستماع؛ لأن جميع الأنشطة كانت تركز على المهارات البصرية في ذلك الوقت.


في عام 2006 بدأت روان بمفردها دون أي ميزانية، وحصلت على حقوق نشر محدودة لثلاث عشرة قصة وتبرع لها ستوديو أبو لغد بخمسين ساعة مجانية وتَقدم عدد من الممثلين بتسجيل أصواتهم مجاناً.


واجهت روان العديد من التحديات والصعوبات محدودية حقوق النشر أو البيع وعدم القدرة على تأليف موسيقى خاصة للمحتوى المسموع ولهذا السبب لجأت إلى استخدام الموسيقى العالمية.


"بدأ الحلم يكبر، وما فكرت بالاستسلام لا بالجامعة ولا بعد ما تخرجت"، لكن للأسف لم تتلقى مبادرة روان الدعم الكبير من المؤسسات إلى أن شاركت في جائزة الملك عبدالله للإنجاز والإبداع الشبابي عام 2009، على الرغم من أن البدايات دائماً تحمل معها التردد والقلق من فكرة "نحن مش قد هذا الموضوع"، إلا أن الدعم هو المحفز الأساسي للوصول للهدف، فتلقته روان من إحدى صديقاتها وشقيقاتها إلى أن حصلت على الجائزة، وهذا ما حوّل الحلم الصغير إلى حقيقة كبيرة.


تطورت فكرة (رنين) إلى عدّة برامج وكانت أول تطوراتها: سرد القصص على الأطفال وطرح الأسئلة وفتح مجال للنقاش والقيام بعدة أمور: كالتمثيل ولعب الأدوار والرسم وصنع الدمى بأدوات بسيطة، من ثم تطور العمل إلى تدريب وتمكين المعلمين على كيفية استخدام القصص المسموعة لإثارة الفكر الناقد عند الأطفال وتنمية مهارة الاستماع والتواصل لديهم.


سعت مؤسسة رنين للعمل على مفاهيم لها علاقة بالتعبير من خلال الدراما، وتصنيع وتوظيف الدمى حيث أنها تجعل الأطفال يشعرون ببعضهم البعض بطريقة مختلفة.

لم ينحصر العمل داخل حدود العاصمة فقط بل انتشر في جميع أنحاء المملكة ومن ضمنها المناطق النائية، حيث عَمِل فريق من المعلمين على تطوير المحتوى التدريبي حيث أصبح لديهم دليل كامل اسمه تجارب ملهمة يضم 52 سلسلة استماع.


أكدت روان على أن "رنين" ليست للكفيفين فقط إنما لجميع الأطفال حيث قالت: "نحن نفتقر إلى مهارة الإستماع، ولا نستطيع أن نتحاور".


أشارت روان إلى نقطتين أولهما عدم قبول المتطوعين موضحة السبب بأن رؤيتها الخارجية صعبة كونها تسعى لأن تقدم محتوى وجودة عالية وإصرارها على البقاء بهذا المستوى، وثانيا ركزت على الصورة النمطية التي واجهتها كروان بركات من الإعلام بشكل عام عن كسرها للمستحيل ومواجهتها للظلام، وعبرت عن رفضها لهذه المصطلحات بقولها: "أنا رائدة اجتماعية سواء كنت كفيفة أم لا"، موضحة أنه بهذه الكلمات يتم التأثير عاطفياً على مشاعر الناس وإبعادهم عن المحتوى الأهم الذي تقدمه مؤسسة رنين مؤكدة على أن ما يميز "رنين" هو الإبداع وليس الإعاقة.


وجهت روان رسالة إلى شباب المجتمع في نهاية الحوار قائلة: "لا تنسخ غيرك، وخلي هويتك مميزة لأنه النسخة الثانية ما رح توصلك للنجاح."


بقلم ساندي امسيح


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات مِنْ الدَاخل

تدوينات ذات صلة