يتخفى الكثير من المتحرشين بعباءة الدين ليصلون لما يردون، قد تجدهم بالكنائس وبالمساجد، والعالم مليئ بأخبار التحرش من قبل رجال الدين.

في الحادثة الشهيرة ب"متحرش المعادي" دافع الرجل الذي تحرش بطفلة عمرها أقل من 10 سنوات عن نفسه قائلاً أنه حج بيت الله الحرام مرتين، وكأنه يعتقد أن أدائه لفريضة الحج يمنع اتهامه بهذه القضية وكونه يدعي الإلتزام بالدين الإسلامي يعطيه حصانة ضد المحاكمة. قالها أمام القاضي، وكأنه يتوقع من القاضي اسقاط عنه تهمته الشنعاء فقط لأنه زار بيت الله. وهنا استوقفني سؤال، لماذا يتخفى بعض المتحرشين برداء ديني؟!


أول سبب خطر في بالي هو ببساطة احترام الناس لرجل الدين أو الرجل المتدين بطبعه، فيظنون أن خوفه من الله سيردعه وبالتالي يصبح محط ثقة في مجتمعه، وكم من قصة تسمعها عن رجال ونساء خانوا هذه الثقة وتستروا بعباءة الدين ليمارسوا ممارسات شاذة، ومحرمة، وتنتهك لإنسانية المعتدي عليه.


في أوروبا نسمع دائماً عن فضائح تحرش رجال الدين المسيحي بالأطفال، ونسمع أيضاً عن حالات تحرش بالنساء والأطفال من قِبل شيوخ أو رجال يدعون الإلتزام بالدين بالمساجد وفي دور تحفيظ القرآن. يُمارس أيضاً الإعتداء الجنسي والتحرش من قبل المشعوذين الذين يدعون معرفة الغيبيات ويلقبون أنفسهم عادة ب"الشيخ" ويقومون خلال ممارساتهم العلاجية ومراسمهم الروحانية - على حد تعبيرهم- بلمس النساء والفتيات بطريقة غير لائقة أبداً.


كيف يسيطر فرد أو مجموعة على جماعة باسم الدين؟



يمكن لأي تيار ديني لديه السلطة والقوة السيطرة على متبعيه، وغسيل أدمغتهم، واقناعهم بممارسات لا تمت للدين ولا للإنسانية بصلة، تحت اسم الدين. استوقفني موقف في المسلسل الشهير صراع العروش، حيث طلبت ساحرة من حاكم التضحية بابنته الوحيدة حرقاً بالنار في مراسم احتفالية وأقنعته بضرورة هذا الفعل من أجل ارجاع حقه والفوز بعرش أخيه الراحل.

هذه الساحرة كانت لديها قوة، وذات حضور جذاب وقوي، الشاهد هنا سيطرة الساحرة على حاكم من أجل الحصول على شيئ يريده بشده.


الوعود بالجنة مثلاً هو ما يستخدمه بعض الأشخاص الذين يتسترون بالدين من أجل السيطرة على حشد ما، أبسط مثال هو الجماعات المتطرفة والإرهابية. يستخدمون أسلوب الخِطابة والدروس الدينية للترهيب من عذاب يوم القيامة والوعود بالجنة من أجل السيطرة والهيمنة ومن ثم يتبع الحشد هؤلاء دون تفكير ويقومون تنفيذ طلباتهم، وكما نعلم جميعاً، هذه الجماعات لا تمت للدين بصلة، وجميعها لها أهداف خفية غير ما يُعلنون.


في الفيلم الشهير The Mist، صور ستيفين كينج التحكم باسم الدين بشكل مرعب وكانت رسالته مهمة جداً. يصور الفيلم ردة فعل أُناساً حَبسوا أنفسهم بمتجر بسبب وجود مخلوقات بالخارج تريد افتراسهم. يعم الذعر والرعب في المتجر، وينقسم الناس لأقسام، منهم من أراد الخروج ومنهم من اختار البقاء والانتظار. وخلال المناقشات لتي دارت في المتجر لإيجاد حل، ظهرت سيدة وبدأت تتحدث بأسلوب الخطاب الديني وتجمع الناس من حولها، تحدثت عن الرب والرجوع إليه وتطهير الذنوب، كلامها المرصوص وحدة صوتها، وثقتها وهي تتحدث وكأنها على دراية بكل شيئ لمس قلوب الناس وسيطر عليهم.


في حالات الذعر الشديد، يميل المرأ للتعلق بإله أياً كان لإحتياجه قوى خفية تساعده لأن الأمر قد خرج عن سيطرته. لم تكتفي السيدة بحشد أناس معها، بل أصبحوا يهاجمون من يخالفهم الرأي ويحاولون تدمير خطط الآخرين بالنجاه.


تحكمت المرأة بالناس عن طريق وعدهم بالنجاة وادعاءها معرفة الغيبيات، وغالباً ما ينجح هذا الخطاب الذي يلامس الجانب العقائدي ويُمَكن الفرعون الجديد من السيطرة خصيصاً في أوقات الشدائد.


مثال آخر على ذلك هو ما يعرف ب"جهاد النكاح"، مصطلح غريب جدآ قرأناه في مقالات وسمعناه في عده فيديوهات من فتيات نجين من بلاد تعاني من حرب أهلية، وهو ببساطة عرض الفتيات والنساء على عدد من المجاهدين للنكاح ويوجد من أَحل هذا الفعل الشعنيع واعتبره نوع من الجهاد. في الدين الإسلامي لا يوجد أي نص يحلل هذا النوع من الجهاد، بل هو يبعد كل البعد عن تعاليم الإسلام وعن المنطق أيضاً، هذا الفعل يقع تحت بندين لا ثالث لهما:


الأول: إن وافقت المرأة على معاشرة رجل أو رجال دون زواج فيعد زنا ومن الكبائر وليس جهاد وحاشا مقارنة الزنا بالجهاد

الثاني: إن أرغمت الفتاة على معاشرة الرجال فيعد اغتصاب وعقابه عند الله سبحانه وتعالى عسير


من أقنع هؤلاء بالفكرة؟ من أقنع مجتمعاً شرقياً قد يغلق على بناته المتنفس أحيانا أن يبيح زوجته وبناته لمعاشرة الرجال؟!

إنه ببساطة:

- التخفي برداء ديني

-غسيل عقول الناس (خصوصاً الناس البسيطين والطبقة الغير متعلمة) بأكاذيبوتعليمهم دين محرف ومفصل على هواهم

-وعود بالجنة وكأنهم يملكون القول في من يفوز بها

-القوة والسلطة التي ينتج عنها الخوف من الحاكم

-ضغط المجتمع المحيط قد يلعب دورآ أيضاً (من مبدأ إن جن ربعك عقلك ما بينفعك)..


أتمنى للجميع السلامة، لا تثق بأي شخص بسرعة لمجرد أنه يبدوا متديناً، فمن كان منافقاً كاذباً فقد خان عهده مع الله وسيخون عهده مع عباده.


في حديث النبي عليه الصلاة والسلام: "آيةُ المنافِقِ ثلاثٌ: إذا حدَّثَ كذَبَ ، وإذا وعَدَ أخلَفَ ، وإذا اؤتُمِنَ خانَ (رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم: 6095، صحيح).



فرح عقل

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات فرح عقل

تدوينات ذات صلة