هل للجاثوم تفسير علمي؟ أم أن تفسيره يبقى حبيس العوالم الامرئية؟!
الاسم المرعب: الجاثوم
الاسم العلمي: شلل النوم sleep paralysis
الأعراض: عدم القدرة على الكلام أو الصراخ لمدة قصيرة أثناء الاستيقاظ أو الخلود للنوم. يصاحب شلل النوم عادةً هلاوس مما يجعل التجربة أكثر رعباً..
الأسباب: لا يوجد حتى الآن أسباب صريحة وواضحة لشلل النوم، لكن توجد عدة أسباب يُعتقد أنها قد تساهم في حدوثه مثل الأرق، اضطراب ما بعد الصدمة، اضطراب القلق المعمم واضطراب الهلع.
درس الباحث في علم النفس العصبي بالاند جلال Baland Jalal الجاثوم أو شلل النوم. كتب جلال لمجلة Scientific American:
تشير أبحاثي وأبحاث زملائي -التي أجريناها على مدار ما يقرب من عقد من الزمان في ستة بلدان مختلفة- إلى أن المعتقدات حول شلل النوم يمكن أن تؤثر تأثيرًا كبيرًا على درجة المعاناة البدنية والنفسية، مما يكشف عن نوع لافت للانتباه من التفاعل بين العقل والجسم
يعني هذا أننا نصنع وهمنا باعتقاداتنا وإيماننا بالامرئيات!
كيف نفقد القدرة على الحركة والكلام لكننا نكون واعين وخائفين؟! هل هو حلم؟ بمعنى هل نكون نيام أثناء شلل النوم؟ للإجابة على هذه الأسئلة علينا معرفة بعض المعلومات عن النوم.
- مرحلة تتحرك فيها عينيك تحت الجفون بشكل سريع REM Sleep or Rapid Eye Movement Sleep
- مرحلة لا تتحرك فيها عينيك Non-REM Sleep or Non-Rapid Eye Movement Sleep
أول مرحلة في النوم هي الNon-REM Sleep. تبدأ عند إغلاق العينين وتستمر لبعض الوقت، ثم تنتقل لمرحلة النوم الخفيف حيث تنخفض درجة حرارة الجسم تدريجياً وتتراجع دقات القلب. بعد مرحلة النوم الخفيف نصل للنوم العميق.
بعد مرحلة الNon-REM Sleep ب90 دقيقة تقريباً ندخل مرحلة الREM Sleep ومن ثم ننتقل بين المرحلين خلال نومنا.
مرحلة الREM Sleep هي مرحلة الأحلام، وخصيصاً الأحلام المحاكية للواقع. لمنع ردات فعلك على أحلامك الواقعية وإيذاء نفسك، يقوم الدماغ بشل جسمك مؤقتاً! يوجد لدى الدماغ "زر" (مجموعة من المركبات الكيماوية العصبية neurotransmitters) ينقلنا من مرحلة النوم إلى مرحلة اليقظة. أدمغتنا لديها دائماً حلول ذكية لمساعدتنا لكن لا يخلو الأمر من بعض الأخطاء! شلل النوم هو الاستيقاظ خلال نوبة شلل مرحلة حركة العين السريعة! فتغدو واعياً مستيقظاً لكن جسدك مشلول وبالتالي لا تستطيع الحراك أو الكلام. ومن ثم تتسرب أحلام حركة العين السريعة إلى عقلك الواعي وتصبح حقيقة تراها أمام عينيك، ترى أشباع وظلال أو تسمع كلمات وما شابه.
كما ذكر بالاند جلال، الهلاوس التي نراها مستوحاه من معتقداتنا. فعلى سبيل المثال نعتقد في العالم العربي أن شلل النوم سببه جن أو شياطين هدفها إيذائنا. في إيطاليا، يعتقد أن المسبب لشلل النوم هو شبح يطلق عليه اسم الباندافيكي Pandafeche ويظهر على صورة ساحرة شريرة أو قطة كبيرة. يؤمن السكان الأصليون لجنوب أفريقيا أن الجاثوم هو أحد أشكال السحر الأسود ويعُتقَد في تركيا أن الظاهرة تعود إلى الكاراباسان Karabasan وهي مخلوقات تشبه الأرواح. أما في الدنيمارك، يفسرون شلل النوم بطريقة أكثر منطقية: سببه عوامل فسيولوجية كالتوتر والقلق.
تؤثر الاختلافات في المعتقدات على التعامل مع شلل النوم. نجد أن الأشخاص في مصر مثلاً الذين يعتقدون أن الجاثوم هو جن يخافون منه ويهابونه أكثر بكثير من الدنيماركيين الذين يعتقدون أن له بعد فسيولوجي. في دراسات أجريت على مجتمعات مختلفة كالمجتمع المصري والإيطالي، وجد العلماء أن المصريين والإيطاليين الذين يؤمنون أن سبب الجاثوم هو جن أو شبح الباندافيكي يتكرر معهم شلل النوم بشكل أكبر ويدوم لمدة أطول عند مقارنة تكراره ومدته مع أشخاص ضمن مجتمعات دون هذه الاعتقادات.
زادت المعتقدات حول الجاثوم/شلل النوم من الأعراض في تفاعل غريب بين العقل والجسم. يمتلك الخيال النشط قدرة مذهلة على التأثير على درجة المعاناة الفسيولوجية.
كلما خشيت شلل النوم كلما زادت احتمالية وقوعه. استناداً إلى الدراسات، معدل انتشار شلل النوم في مصر أكبر من الدنيمارك وأن الأشخاص الذين يؤمنون أن لشلل النوم سبباً خارقاً للطبيعة يتعرضون لهلاوس أكتر ويشعرون بوجود كيان ما ينظر إليهم أو يلمسهم. كلما ازداد الخوف من شلل النوم، تزداد نسبة القلق والتوتر مما يجعل نومنا متقطعاً وهذا يجعلنا أكثر عرضة لشلل النوم، وهكذا يدور الشخص في حلقة مفرغة (التي يطلق عليها بالاند جلال Panic-hallucination model) ويزداد حجم هذه الحلقة حتى يصبح شلل النوم مزمن ومرهق وقد يتطور ليصبح مرض نفسي في أسوأ الحالات.
لا تخف من الجاثوم، وغير معتقداتك وحاول التخلص من الشبح الوهمي الذي يسكن عقلك فقط وليس غرفة نومك!
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات