الجزء الثاني من أدوات التعامل مع مريض الانهباط الذي يُعامل كشخص كسول مُتبلّد

(7) لم تفشل.

بعد كل الذى بذلته للمريض من ترفيه ومرح وخدمات لفتح صنبور الدوبامين فى ذهنه لتجد فى النهاية التحسُّن طفيف؛ فهذا أمر طبيعي. ولا يعني هذا أنك قد فشلت فى مداواته. فهذا ليس دورك، هذا من اختصاص الطبيب والمعالج. أنت حائط يستند عليه المريض لتمنع تدهور وضعه وتحتفظ معه بمكتسبات العلاج، وتساعده فى خطوات تحسُّنه. دورك مهم لكنه محدود، فلا تُثقل على نفسك وترفع سقف طموحاتك فى إخراج المريض مما هو فيه حتى لا يتسرب اليأس إلى نفسك.

فقط قم بدورك المنوط بك، لإن الموضوع كبير ويتطلب عناصر عديدة أنت منها.


(8) المريض لا يأخذ العلاج.

تستطيع أن تُذيب له الدواء فى الطعام والمشروبات. والأفضل هو مناقشة المريض فى أسباب النفور من علاجه والوصول إلى حلول وسط معه، والتفاوض حول أخذ العلاج كما ذكرت من قبل.

تذكّر دوماً أن علاجه ليس فولترين، بل عذاب يُضارع العلاج الكيماوي. فهو معذور أيضاً. ويُمكن ـ إن تأزمت الأمور ـ أن تستشير الطبيب أو المعالج أو من لهم سابق تجربة فى الاحتكاك بالمريض على السوشيال ميديا، لإن لكل حالة وضعها وملابساتها الخاصة.


(9) الثبات الانفعالي.

لإن المرض النفسي سلوك، فهو يتطلب معاملة مغايرة عن أي معاملة مريض أخر، فإن أردت للمريض أن يتعلم الصبر، فتعلّم أنت الصبر أولاً، إن أردته أن يكون ذا صمود، فأصمد أنت معه أولاً. وعموماً؛ يتطلب التعامل معه قدر كبير من الثبات الانفعالي. لإنك بالنسبة إليه سلم متحرك للأعلى لشخص يسقط متدحرجاً. فى حالة توقْف السلم أو هبوطه؛ المريض سيتهاوى، لهذا إليك هذا :

أ ـ توقف عن مقارنة نفسك بغيرك ممن ليس لديهم ابناء مرضى.

ب ـ توّقف عن التذمّر من أخطاء المريض وأهماله.

ج ـ اشبع نوم. فقلة النوم ستُصيبك بالعصبية والتوتر وقد تنفجر غضباً عليه.

د ـ ضبط النفس

س ـ الصبر ثم الصبر ثم الصبر.


(10) أعمال صغيرة

اطلب منه أن يؤدى لك بعض الأعمال الصغيرة وسجلها فى كشكول خاص بك ـ لا تخبره بهذا الكشكول ـ وأخبره بتلك الانجازات وقت اشتداد الأعراض وارتفاع منسوب العدمية وستجد تأثيرها ملحوظ فعلاً عليه وستقلل من إحساس "أنا عبء على الجميع". مع العلم ألا تكون تلك الأعمال مرهقة، ولا تحتاج إلى مجهود ذهني أو بدني كبير، ويُستحب أن تكون محببة إليه. دونك هذه الأمثلة :

المساعدة فى ترتيب مكتبتك، نقل الكومبيوتر إلى غرفة أخرى، ترتيب الأغراض فى الغرفة، التسوّق، المشاركة بجزء من اليوم فى جمعية خيرية.

مع مراعاة الآتي :

أ – عدم الضغط والإلحاح فى تنفيذ الأعمال.

ب ـ عدم الطلب فى الأسابيع الأولى للعلاج

ج ـ عدم الطلب كل يومان ثلاثة. بل يكفى مرة مرتان على الأكثر فى الأسبوع.

د ـ اشكره بحرارة لكن دون افتعال أو مبالغة.


(11) المساعدة.

بالنسبة للأهل؛ فلن تكلفه بأعباءه اليومية التى كان يقوم بها قبل الانهباط، بل ستساعده فى إعداد طعامه وتنظيف غرفته وتنظيم يومه فى المنزل.

ـ لو كنت زميله فعاونه فى عمله، نبهه بلطف لأخطاءه بعد أن تتداركها، ساعده فى تنظيم مكتبه والمهام الملقاة على عاتقه.

ـ إن كنت صديقه فقم بالسؤال عنه كل فترة. اسأله إن كان لديه أمور عالقة يُمكنك انجازها له كإحضار جدول محاضرات، أسعار كُتب، أو حجز موعد فى مكان ما ، أو دفع اشتراك شئ.


(12) الانتحار.

ـ على الأهل الانتباه جيداً إن كان المريض يكرر دوماً عبارات من عيّنة (أريد أن أموت، يا ليت قطار يدهسني، أتمنى أن أُقطّع شراييني وأُنهى تلك المهزلة. يسمع ـ مثلاً ـ عن حادث انهيار عقار على رؤوس اصحابه فيقول يا ليتني كنت معهم لأرتاح من كل هذا).

ـ على الأصدقاء تبليغ الأهل والمقربين من المريض. فالجهر بالانتحار ليس مزحة أو زلّة لسان لا تؤخذ فى الحسبان، بخاصة لو المريض لديه تاريخ سابق مع محاولات الانتحار. وهذا يختلف عن قول المريض (الحياة لم تعد ذات قيمة، سئمت من العلاج ومن الدنيا ومن عليها، تعبت من كل شئ، أدعو الله أن يخرجني من الدنيا فى أسرع وقت، إلخ) فهذه نواتج طبيعية للانهباط يجب سماعها دون التأفف منها أو مناقشتها منطقياً ومحاولة دحضها.


(13) أعرف حجمك.

لا يصح أن تكون من أقارب المريض المقربين ولا تهتم بالمريض إلا حين يتوفر لك وقت. وسيتعب بشدة الشخص الذى يحاول الاهتمام والاعتناء بالمريض وهو لا يعيش معه وليس من المقربين له، أو من ليس في يديه أي حيلة. اعرف حدودك وحجم تأثيرك وسلطتك عليه حتى لا يتأفف ويضجر من تجاوزك لدورك. ولا تحمل هماً ليس لك فيه ناقة ولن تأخذ من وراءه جمل.

كثيراً ما يسألني بعض المرضى : فلان فى البلاد العلانية وهو فى نوبة انهباط وأنا قلق عليه بشدة، فكيف اساعده؟ ما العمل؟

هاهنا يا صديقي دور المحيطين به والأهل ليأخذوه للطبيب ويتابعوا علاجه لا دورك. فى الحياة؛ أدورنا وسلطاتنا على الآخرين لها "ليمت" مُقيّد. والساحة التى ينبغي علينا خوضها بضراوة هي ساحة نفوسنا. فترويض النفس يولّد الثبات الانفعالي، والأخير أمر مطلوب بشدة فى التعامل مع المريض.

اعرف دورك. أعرف حجمك. "اعرف نفسك".

ali shaheen

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات ali shaheen

تدوينات ذات صلة