الفقه والأدب من العلوم التكاملية الترابطية، فإنه يُصبرُ على الأول، بالاستملاحِ بالثاني.
ذكرتُ في مقالةٍ سابقة أنّ علماء الدين الراسخين في العلم هم أكثرُ الناس اطلاعاً، وأوسعهم معرفةً، وذكرتُ مثالاً أن الشيخ صالح اللحيدان رحمه الله كان قد قرأ كتاب ( الأغاني ) سبع مرّات مع أنه ليس من صلب علمه،
وهذا مثال واحد لمن أراد أن يعقل، وغير صالح الكثير
الكثير من علماء الدين فمنهم من نسي نفسه وعكف ٣٤ ساعة في القراءة والبحث لايقطعه إلّا الصلاة، ومنهم من هو مُقعد وحالته الصحية لاتطيبُ للنفس ويُحقّق ويقرأ أكثر من ١٤ ساعة يومياً، ومنهم من يملك المكتبات الشاهقات، الواسعات، في بيوتٍ كريمات ، ضيّقتها الكتب المنتشرة على رفوفها، ضاقت فوّسعت عقول أصحابها، وتضعضعت فقّوت عقول قارئيها، فأصبحَ بيتُ صاحبها :
بيتٌ مُسلّحٌ بالكتب جُدرانهُ، قويٌ بالمعرفةِ بُنيانهُ، عظيمٌ في نفوسِ أهل العلم شأنهُ، ترى المصنفات على الرفوف، كأنهم بُنيانٌ مرصوص، كتراصّ المسلمين في الصفوف.
أسفارٌ بالعلم مملوءة، من صدور الرجال مجموعة، بأيدٍ موضوعة.
كتبٌ للعقولِ مُقّوية، وللآفاقِ موسعة، وللأفكارِ مُلهمة، ومن الربِّ مُقرّبة.
لقد خُطتّ تلك الكُتب من أنامل العلماء البالية، بعد عُصارة مُخٍ مُضنية في أزمانٍ مُتفرقة.
فلّلهِ درُّ أولئك العلماء ..
شكر لأُدباء أدّبوني :
وهذا علي الطنطاوي، والمنفلوطي، والرافعي، من المتأخرين، وابن قتيبة، والجاحظ، وابن حزم، والمبرّد، والثعالبي، وابن المقفع، والماوردي وغيرهم الكثير من المتقدمين، ممّن كانوا في جُلّ أوقاتي صُحبةً صالحة، وخُلّاناً بارّين، وشيوخاً مُخلصين، جزاهم الله عنّي الحُسنى.
فقد أدبوني فأحسنوا تأديبي ولنِعمَ المؤدِبون، وعلّموني فلنعمَ المُعلّمون، وأرشدوني فلنعمَ المُرشِدون، قوّموا بعد القرآنَ لساني، وسيّلوا بعد الحديث حبري، نزّهوا و رونقوا بإذن الله خُلُقي، وهذّبوا نفسي، فجزاهم اللهُ كلَّ خيرٍ عنّي.
ولا يَشْكُر اللهَ مَن لا يَشْكُر الناسَ.
رحمَ اللهُ شيوخي فهم أصحابي، ولطالما دعوتُ لهم في محرابي، أسكنهم فردوسه، وجزاهم عن المسلمين خير الجزاء.
وهل جزاءُ الإحسانِ إلّا الإحسان ؟
اللهم كما جعلتهم لوحدتي أُنس، ولعزلتي صُحبة، اجمعني بهم في الفردوس مع إمامي وإمامهم محمد صلى الله عليه وسلم، آمين، والحمدُ للهِ ربّ العالمين.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات