شربكات في المُخ وتناقضات و تخطبّات فكرية بصوتٍ عالٍ ..
كم أنا مُتناقض ..
آه كم أنا مُتناقض ، أكتب هذه التُرّهات في الحادية عشر ليلاً مع كوباً من القهوة ، وكرّاس وحبر ، وفكرة لعينة ، تُذكّر بحدث مؤلم في ماضي مضى ، ماضي لايرضى الوقت بمسحه من ذاكرتي ، ماضي لذاكرتي وقلبي كالإحتلال الصهيوني للأقصى والفلسطينيين ،
يا ليتَ قلبي كان حاكماً من الحُكّام ..
(لا إحساس ولاضمير).
أيُعقل أن يكون قلبي كشاب مقدسي لايرضى بالنسيان ؟
يبدو أنّ الشهامة والرجولة لهما ثمن ، لايحملهما إلّا صاحبهما ..
ذلك الماضي كان ومازال كبشار الأسد للشعب السوري ، قصفَ ، ودمّر ، وشرّد ، واعتقل ..
كهتلر لليهود ..
كصاحب باطل انتصر على صاحب حق ..
أيُّ شيءٍ هذا الماضي ؟
أيُّ شيٍ هذا الذي قد تكفّل وحده بتقليب مزاج شاب فجعله يكون كميت بين يدي مُغسله ، لاينطق ، لايُقاوم ، لايتحرك ، كل مايمكنه فعله الإستسلام للمُغسّل وللموت ..
ذلك الشاب قد واجه كثيراً من الصعوبات والتحطيمات ، والتنمرات من بعضهم ، ولم يزده ذلك إلّا قوة وزيادة إنتاج.
أعترف .. أعترفُ أني تغلبت على كل ماذكرت إلّا ..
( ذكرى في الماضي ) .
كانت أقوى منّي ، تغلبت عليي ، لابُد أن أُقرّ بذلك ..
كيف يمكن لحدث وقع في الماضي أن يفعل كل هذا بطالب علم ، طالب علم ؟ نعم إنه كذلك ، طالبُ علمٍ شرعي ..
قد أكل ذلك الحدث جسد الشاب شيئاً فشيئاً ، كأنه قصعة بين يدي مُفترسها ..
تلاشى الجسد ، وفشا الشيب ، لأجل حدث قد أكلَ عليه الدهر بأكمله وشرب ، إلّا قلبي وذاكرتي ،
قد أقسما أن يبقيا صائمان ..
لاتقبّل الله منكما ..
ربما هي عقوبة تائب بعد توبته لكي لايلقى في آخرته مايسوؤه ، أوهي ذبول وردة بعد إزهارها ، أو إنتكاسة بعد شفاء من مرض ، أو ذلة قدم ، أو ابتلاء .
الحمدلله على كل حال ..
ولكن ماهذا التناقض الذي أنا فيه ؟
كيف يُمكن لطالب علم أن يُعلّق قلبه بغير الله ؟
أيُعقل أن يسمع طالب العلم الموسيقى ؟ نعم ليس دائماً
لكنه قد سمع .. ولو بالعمر مرّة ، أيعقل أن يعصي ربه؟
ماهذا بطالب علم أمين ، بل هو شيطانٌ رجيم ، لا لا
فلنقل عاميّ من عوام الناس العصاة الذي أعتم قلوبهم الجهل والذنوب ..
كيف له أن يكون جاهلاً ؟ وقد قرأ من الكتب العلمية البحتة وغيرها ما الله به عليم ، ولخّص منها مالخص ، واقتنص من أسرارها ما اقتنص ، بل ألّف من الكتب ما ألّف ، وصنّف منها ما صنّف ، ودعى إلى الله من الناس مادعى.
أشعرُ أني أصّعدُ في السماء ، قد خرجت من القلب تنهيدة لو نطق صاحبها ، لقال: أُفٍ لك كم أتعبتني ..
هذه التنهيدة لو مُزجت بماء البحر لمزجته ..
ربما عنده بعض علم الحديث والفقه والعقيدة والتفسير والنحو والتجويد ، ولكن إلى الآن لم يصل إلى قلبه العلم الحقيقي ، لم يعلم كيف يُزّكي نفسه ، لم يذق حقيقة لذة الخلوة مع الله ، لم يتشرب حبّ الله في أوردته ، ربما يكون زاهداً في الدنيا ومافيها من جاهٍ وسلطة ومال وعمل
،ولكنه لم يزهد إلى الآن في فرط التفكير بالماضي ..
يــعــاودنــي لذكــراك الحــنـيـنَ
ويــعــرونــي التـلهـف والأنـيـنَ
بـَعـُدتَ فـكـنتَ أقسى الصخر قلباً
وإن مــن الحــجــارة مــا يـليـنَ.
وأخيراً فإن التناقض مع الذات، ومعرفة ذلك، ومحاولة تغييره، هو عين الجهاد
الحمدلله على رزق التوبة، واللهَ أرجو الثبات ..
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
ممكن متابعة