قال الإمام مالك بن أنس : ( من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمداً ﷺ خان الرسالة ) .

فصل من كتابي ( في النار ) موجود ولله الحمد بصيغة PDF في مكتبة النور الألكترونية.



البدعة: هي ما أُحدث في الدين من ماليس منه بقصد التعبد، والتقرب إلى الله .


والقرآن والسنة هما الشارع وليس ثمّة شارع غيرهما،

وأما إن أريد المعنى الاصطلاحي فلا ينسب التشريع إلا لله سبحانه كماقال جل اسمه: إن الحكم إلا لله. وقال تعالى: شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَاوَصَّىٰ بِهِ نُوحًا. الآية.


ولهذا سنبين إن شاء الله تعالى المقصود في ثقل وزر البدعة وأنها أشد من الكبيرة، والقصد تعظيم شرّها وإظهار خطرها.


الكبيرة لها معنيان :


الأول : مانُهي عنه على وجه التعظيم

الثاني : مانُهي عنه على وجه التعظيم دون الشرك والكفر والبدعة ، وهذا معنى اتفق عليه العلماء.


وذلك لقول الله جلّ وعلا : {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا} (48 النساء).


بيان أن البدعة أشد وأعظم من الكبيرة :


اشتدت البدع حتى صارت أعظم شراً من الكبائر بأمرين :


الأول : بالنظر إلى الفعل فإن البدعة استدراك على الشريعة الكاملة التامة ونسبة لها إلى النقص أما الكبيرة فلا تُجعل ديناً وليست كذلك.


الثاني : بالنظر إلى الفاعل، فإن فاعل البدعة ينسب بدعته إلى الشرع ويتقرب بها إلى الله.

أما فاعل الكبيرة فلا يجعلها شرعاً ولايتقرب بها إلى الله، والبدعة أقرب إلى الشرك من الكبيرة فالخوف على صاحبها أن لايغفر له أشد من الخوف على صاحب الكبيرة، فالبدعة أشبه بالشرك بإستحقاق العقوبة فتكون أشد من الكبائر .


وقوله تعالى : { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِّيُضِلَّ النَّاسَبِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } (144 الأنعام)


قال الطبري رحمه الله : ( فمن أشد ظلماً لنفسه، وأبعد عن الحق ممن تخرّص على الله الكذب، وأضاف إليه تحريم مالم يحرم ، وتحليل مالم يحلل ، ليصدهم عن سبيله.


{إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } يقول : ( لايوفق الله للرشد من افترى على الله وقال عليه الزور و الكذب و أضاف إليه تحريم مالم يحرم، كفراً بالله ) انتهى.


فإنّ المبتدع ممن يفتري على الله كذباً فلا أحد أظلم منه ، لأنه ينسب بدعته إلى دين الله وليست الكبيرة كذلك ،

فإن صاحب الكبيرة لايجعلها ديناً ولايتعبد بها، فالبدعة أشد من الكبيرة لأنها إفتراء على الله ورسوله في دين الرحمن، والله أعلم.


فاللهم لاتجعلنا ممن افترى وغلا في هذا الدين الكامل المعصوم من النقص والخالي من الشوائب، آمين.



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات عبد العزيز جنيد

تدوينات ذات صلة