ماهو المصير الذي ينتظر الإنسان الذي تجرد من إنسانيته بسبب المواد الإباحية وكيف تساهم هذه الأخيرة في خلق هاوية الإنسان ؟


لقد أصبح الإنفتاح حتمية على جميع الأفراد في هذا العصر وما تقصده هنا هو الانفتاح الرقمي الذي لا مفر منه، فالرقميات أصبحت منتجعاً تجتمع فيه عوالم متعددة ومتنوعة وصناعات وتسويق للمنتجات وعرضاً واستعراضاً للخلفيات.. إلخ

ولكننا في هذا المقال أردنا تسليط الضوء على موضوع لا يؤخذ بجدية واضحة ويتم التكتم عليه بإسم العيب و الخجل عند الكثير من الأفراد وهذا التكتم هو ما يؤدي بنا إلى الهاوية، وهنا نطرح السؤال التالي : كيف انعكست أضرار الإباحية على الجيل الحالي وغذّت انحرافات أدت بأصحابها إلى الهاوية؟


إن لكل شيئ بداية و منتصف ثم النهاية لكن مع الإباحية يوجد اختلاف، فبعد البداية والمنتصف ستصادف نهاية ليست كالنهايات العادية إنها بمثابة الهاوية، وهذه الهاوية تبعث بسمومها لتشوه النفس و الفطرة فوجب العلم أن إنسانية الإنسان ما بعد الإباحية هي إنسانية مُسرطَنة ويصعب إعادة بعثها على فطرتها الأولى ، لأن المشكلة متجذّرة في الأعماق وإذا بعثت بسمومها في الأفق فلا تصح البروتوكولات الشكلية للوقاية حينئذ سيكون الحل هو إعادة بعث ذلك الإنسان من جديد


إن الإباحية هي من كمائن اللّذة المعاصرة نظراً لانتشارها وسهولة الولوج إلى مواقعها من طرف الشباب والمراهقين، وإن هذه الفئة الأخيرة (أعني المراهقين) معرّضة لأضرار بالغة الخطورة مقارنة بالفئة الشبابية وهذا بسبب خطر الوقوع في الإدمان وهذا الأخير هو البؤرة الأصلية و المثلى التي ينطلق منها السرطان ممهداً طريق صاحبه إلى الهاوية

لكن سيتبادر إلى أذهاننا سؤال جوهري مالهاوية؟


إن الهاوية هي المصير ما بعد إدمان الإباحية وهو العمق المظلم الباعث لكل أنواع التشوهات التي لا تخطر على البال، وهو مساهم أيضاً في تغذية شتى أنواع الإنحرافات المُفقدة للشخصية فبعد أن يكون الشخص طبيعياً ويزجّ به في سجن الإباحية ويصاب بالإدمان الطويل سيشوب السرطان إنسانيته، وتصبح مفتقرة للأخلاق وما نقصده هنا بالأخلاق ليست الأخلاق الظاهرية فمدمن الإباحية يعاني من تشوه باطني له امتداد على المدى الطويل وسنشرح هذا بالتفصيل

ولكي نقوم بشرح واضح قمنا بتحديد أبرز النقاط الشائعة الناتجة عن الإدمان المفرط للمواد الإباحية



تغذية الإنحرافات :


تقوم الإباحية بتعزيز السلوك الإنحرافي عند الفرد

لدرجة كبيرة خاصة السلوك المتطرف و العنف وزيادة نسب الإعتداءات والجرائم، لقد شاهدت مرة مقطع فيديو لأحدى المقابلات الصحفية مع أشهر سفاح أمريكي أنذاك قبل يوم من إعدامه، وكان ذلك في الثمانينيات من القرن الماضي وأثناء الحوار قام الصحفي بسؤاله عن الأسباب التي جعلته قاتلاً فقال أن إدمانه للقصص والمجلات الإباحية هو ما أنمى فيه الروح السايكوباثية وجعلته ينحاز إلى القتل الوحشي والإغتصاب وإسم هذا السفاح هو (تيد باندي)


وتوجد أيضاً الكثير من الدراسات وتليها إعتراف من مرتكبي تلك الأفعال أن الإباحية أو إدمان الإباحية هو ما جعلهم يخرجون عن الجنس الطبيعي ويميلون إلى خيارات أكثر تطرفاً وانحرافاً من الحالة الجنسية الطبيعية، فبعد أن يعتاد الشخص على ذلك الكم الهائل من الفيديوهات لنساء عاريات من شتى الأنواع مع الوقت ستصبح تلك المشاهد عادية جداً بعدما كانت مشحونة بهرمون الدوبامين وحالة التحفيز الفوق الطبيعية التي تسمى (supernormal stimulate) ، سيصبح هذا الشخص يبحث عن فيديوهات أكثر إثارة من مجرد امرأة عارية، فينقب عن فيديوهات الجنس المشوب بالعنف و الشذوذ و اغتصاب الأطفال وممارسة الجنس مع الحيوانات......


هذه هي الخطورة القصوى التي تنتظر أشد المدمنين على المشاهد الإباحية، إنها خطورة مشابهة تماماً لإدمان المخدرات إن لم نقل أشد لأن مدمن الإباحية هو حرفياً حيوان الدوبامين الذي سيلاحق هذا الأخير حتى وإن وجد مصدره في جسد طفل صغير أو ربما رضيع لم تنبت له سن بعد وستكون المتعة مربوطة بالإغتصاب والتحرش والشذوذ وأنماط جنس غريبة ومقرفة


النظرة الدونية للمرأة :


لا شك أن المرأة في الأفلام الإباحية هي بمثابة دمية جنسية أو بتعبير أخر (sex toy)فمن خلال تلك الأفلام والفيديوهات ستجد النموذج الجمالي المثالي الذي يصوره البهتان العصري واللّذة المعاصرة عن المرأة الجميلة واستجابتها للجنس عن طريق العنف والإذلال والكلمات البذيئة ، لكن الشيئ المثير للدَّهشة أنه لا وجود لمناهضات صريحة من قِبل تلك الحركات التي صدعتنا بالحرية وتحرر المرأة وأنها مع المرأة المظلومة لمذا أغلب النسويات المعاصرات والمنتميات لحركات التحرر لا تقفن ضد صناعة الإباحية التي جعلت كرامة المرأة في الحضيض وحولت جسدها إلى مرتع للقذرين؟ أم أن لسلطة المال والتضليل رأي أخر؟!


ملاحظة: أريد فقط أن أنوه مجدداً لنقطة جوهرية في هذا المقال وهي أن الإباحية لا تصنع الإنحرافات بل تنميها وتعززها بشكل ملفت، فالانحرافات والسلوك الإجرامي هو وليد البيئة الفاسدة التي هي بمثابة المنبت للإجرام والفساد، فما تصنعه الإباحية هي التشوهات الداخلية التي تمس إنسانية الإنسان والتي تخرجه عن النطاق الفطري السوي لدرجة نسيانه لحقيقته الإنسانية فحين يدمن منذ سن مبكرة إلى منتصف شبابه سيكون من الصعب جداً الإستغناء عنها، والمضحك في الأمر أن البعض يظنون أن الحل يكون في الزواج فكيف يزوَج إنسان يعاني داخلياً من تشوه فطري؟! والكثير من الأسئلة الإشكاليات المفتقرة للإجابات التي لا يسعنا المقال لذكرها.......




وهاهنا قد وصلنا للنهاية وعرفنا الهاوية الحتمية التي يصنعها عالم الإباحيات فكما قلنا سابقاً أنها من كمائن العصر المعاصر، ونحن هم المعنيون بالمسؤولية اتجاه أبنائنا والجيل الحالي بصفة عامة فالتوعية السليمة والتذكير أصبحت من النقائص التي تشوب الكثير من مؤثرين اليوم وذائعي الصيت الذين يتابعهم الجمهور الغفير، ولأن هذه مسؤولية مشتركة وجب علينا نشر الوعي.



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات عطوي زين الدين zine Eddin atoui

تدوينات ذات صلة