كيف تتأثر فطرتنا الجوهرية بالرقميات وكيف يتغير تفكيرنا عند التأثر بأصحاب الدرب الواحد ؟

:


🔴بفضل الصوشل ميديا أصبح العالم كالقرية الصغيرة حيث صرنا نرى وابلا من العقليات المختلفة و الأيديولوجيات التي تنتقل بين الشعوب و الأمم بكبسة زر واحدة


🔴إن ما نشاهده الآن من خليط الأفكار المنتشرة التي غزت عقول الشباب ماهو إلا إنعكاس لعوامل عدّة ، من بينها الهوس بالنموذج الإفتراضي المثالي المقترن بالنجاح و الذي يتجلى لنا عبر شاشات الهواتف وهذا النموذج قد خلق حاجزاً يمنع الهوية الأصلية للشخص أن تتجلى وتظهر لتميزه عن الأخرين

وبذلك ستنعدم ميزة من ميزات البشر ألا وهي الإختلاف

و لهاذا وجب القول أن الإندماج و الذوبان مع أصحاب الدَّرب الواحد سيؤدي بنا إلى التجرد من هويتنا الأصلية وتناسي هدفنا الأسمى ، فنصاب بحالة من السّكْرِ و اللاوعي اتجاه مهمتنا الأصلية والجوهرية وهدفنا الأسمى

وبخصوص الهدف الأسمى لقد فصلت فيه في كتابي

(في رحاب الإستنارة) وقد وصلنا إلى فكرة مفادها أن الهدف الأسمى ينقسم لشطرين هدف أسمى عام وهدف أسمى خاص يتجلى الأول في طاعة الله والخضوع لأمره هذا الجانب له علاقة بالشَّق الروحي للفرد ، وأما الثاني فهو التفاني في إنجاز مهمتنا الدنيوية التي أولكت إلينا وهذه المهمة وجب على كل واحد منا إكتشافها وممارستها والتفاني في إنجازها ، لكن الذي يعيق إكتشاف هذه المهمة هو التأثر المفرط بالرقميات الذي يودي بحياة هويتنا الأصلية إلى الهلاك ، عن طريق إستوراد العقليات التي ربما تنطبق على جزء يسير من الأفراد


🔴 إن التجرد من الهوية الأصلية يمكن أن يتجسد في صيغ عديدة ، فما نشاهده الآن من مؤثرين ومؤثرات وجمهورهم الذي فاق الملايين من المتفرجين و المتفرجات قد ساهم في تشكيل عدد لا يحصى من البيادق الذين لهم ميزة يتقنونها ألا وهي ميزة "العطاء الفارغ" (سنتكلم عن هذا لاحقاً)

فبعد أن غيّب السبيل نحو الحياة العادية للبشر أصبحت الجموع تتخبط من أهوال الرقميات التي يشاهدونها فيقومون بعملية الإسقاط الحرفي للنموذج الوحيد على أشخاص يعيشون حياة شبه مثالية و يصورونها للعامة ويحثون عليها ويظهرونها بأنها حياة يجب أن تعاش !


🔴إن الهوية الأصلية للإنسان تتلخص في الشغف والإهتمامات والميولات التي تميز كل شخص عن الأخر ، لكن أن نتجرد من هذه الهوية ونحاول أن نصبح نسخة طبق الأصل من نموذج إفتراضي بعيد عن الواقع و الحقيقة فهاذه قمة السّذاجة وهنا أين يكمن الدليل القاطع على غسيل العقول

فكم من عقول غُسلت بشخصيات ذائعة الصيت في وسائل التواصل الإجتماعي الذين يقومون بخداع العامة وذلك عن طريق تسويق وبيع دورات كسب المال التي لا تسمن ولا تغني من جوع فهم لا يختلفون عن الذين يبيعون دورات الطاقة وإكتساب الشخصية الخارقة إلى أخره.....

فهاؤلاء أيضاً كانو في السابق من بين المتفرجين لما يسمى الآن بالمؤثرين فتأثروا فصاروا على هذا المنوال ، أصبحوا يتقنون فن "العطاء الفارغ" الذي لا يولّد إلا فراغاً هُم وهامون إلى حد كبير


🔴وجب العلم أن لكل ما ذكرناه امتداد فعندما يصبح الهدف الأسمى لكل الأفراد هو جلب وكسب المال بأي طريقة ، ستصبح الهوية الأصلية مجرد ديكور شكلي فارغ من المعنى فلا المعلم يتفانى في تعليمه ولا الإمام يتفانى في موعظته ولا الموظف يهتم بوظيفته ولا الطالب يهتم بدراسته ولا الفنان يتقن فنه ....إلخ

فبتعبير أخر سيصبح البشر عبيداً للمال و سيهملون جانبهم الإنساني وفطرتهم البشرية ، فبما أننا بشر فنحن بحاجة إلى خدمة بعضنا البعض وكل حسب مهمته التي أوكلت إليه


أرجو التّفهم في هاذه النقطة وألا تسيؤو الفهم ، ما نقصده هو الإنهماك المفرط في كسب المال الناتج عن التأثر بالنموذج الإفتراضي (المؤثرين) وقد سمينا هذه الظاهرة بالإسقاط الحرفي للنموذج الوحيد ، وليس كسب المال نتيجة تسديد الخدمات أو تولي مهام أو القيام بوظيفة ، فلا تكمن المشكلة هنا بتاتاً بل المشكلة تكمن في التأثر المفرط الذي يجعلنا بيادقاً للعطاء الفارغ وهذا الأخير يحولنا إلى مورثي الفراغ لأنفسنا وللأجيال القادمة .




ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات عطوي زين الدين zine Eddin atoui

تدوينات ذات صلة