عمر الزهور عند الشباب العشريني يختلف من ذات لذات؛ ومن إحساس لإحساس .

ها قد وصلنا أخيرا؛ وليتنا لم نصل، الربيع العشريني من عمرنا. يمر قاحلا كما لم نكن نتوقعه، ربيع جاف ومقفر، يصاحبه سراب قاتل يجعلك لا تدرك مسارك إلى أين يأخذك وكأنك في متاهة. ربيع يفترض به أن يكون مزهرا ومنفتحا على آمال وأحلام كثيرة، يفترض به أن يأخذنا إلى حدود السماء بكبرياء وطموح عالين،لكنه بالأحرى ما يجعلنا نبتسم لحظات حتى يصفعنا بقوة نحو واقع مرير.


كبرنا على عالم جديد ملئنا فيه الرعب والخوف من كل شيء، من شخص قريب يبتسم لك وفي قلبه نوايا تكاد لا تكون حسنة. من غريب عن القلب كذئب متربص ينتظر فرصة لا تتكرر ليغتنمها. من وقت يمر ولا ندري فيما يمر؛ وقت يمر مرور الكرام وأحيانا يمر ولا نشعر به حتى؛ وكأننا كنا غائبين عن الوعي والشعور آنذاك. كبرناعلى عالم استعبنا فيه أن العمر مجرد رقم؛ و أن لا أحد يبقى لأحد. فاهتم بنفسك وبروحك ولا ترهقهما لتستطيع أن تكمل رقمك.


ها قد وصلنا أخيرا وأيقنا أن الزمن يمر وسيأحذ معه كل من نحبهم؛ سيتركوننا يوما ما. أيقنا أنه يمر ونحن نراقب في صمت ليتحسن، لكن لا شيء يتغير. وصلنا وأيقنا أن الأمور تزداد سوءا. لا ندري لما تمنينا أن نكبر في عمر الزهور؛ عمر البراءة وعمر الحب. لم تمنينا أن ننتقل من عمر لا نحسب فيه حساب لا مسؤولية ولا حمل عبئ نتيجة قرارات؛ غالبا ما تكون حتمية ومصيرية. وحين كبرنا تمنينا لو أننا نرجع صغارا، اشتقنا لأيام طفولتنا،أيام كانت الابتسامة لا تفارق محيانا وكأننا نتنفس الضحك واللهو؛ كأننا نسير تحت طائلة اللامبالاة، اشتقنا لأيام لمة الأقارب والجيران والأصدقاء،وعهد الأصدقاء؛ عهد يرسخ بالذاكرة.


كبرنا وأرعبنا الكبر؛التجأنا إلى التجميل؛للتكبير والتصغير، للتنحيف والشد؛ كبرنا وتزعزعت ثقتنا بالأيام، أصبحنا أشباحا ثمانينية في أجساد عشرينية . كبرنا وأرهقتنا التجارب الفاشلة والضربات المتتالية؛ لا ننفك نستجمع قوانا للنهوض من السقطةالأولى،حتى نجد أننا نستقبل التالية؛ والغريب في الأمر أننا نتوقع قدومها. كبرنا وأصبحنا نتذكر رسومنا المتحركة وتارة نرجع لها،فقط من أجل تذكر طفولتنا وطرائفها؛ من أجل أن نحيي من جديد شعلة الطفولة فينا؛ونوقد ذلك الإحساس البريئ داخل أجسامنا المنهكة والمرهقة من ربيعنا العشريني. نرجع لنعيش في الذكريات الطفولية من أجل أن نحس بالبراءة تتغلغل داخل خوالجنا.


مجرد التفكير في الأمر يجعلك تبتسم لا إراديا؛ يجعلك تسرح في تفاصيل خيالية لم تعتقد يوما أنها ستكون الذكرى الأصدق في حياتك، نعم كانت وستظل إلى الأبد.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

🌹🌹🌹🌹

إقرأ المزيد من تدوينات زينب الكامل

تدوينات ذات صلة