ليالي بدون شعور؛بدون إحساس بدون أهداف وبدون عنوان. ليالي قد اظنها تمر كغيرها لكن هيهات على التفكير العميق والأفكار المتضاربة. حديث صاخب بدون صوت.

كعادتي؛ أقفلت باب غرفتي وفتحت نافذتي لدخول نسيم يوقظني تارات من هفوات ومتاهات تكاد تخطف روحي من مكانها . موسيقى هادئة صور متوالية أمام ناظري وجثة هامدة أمامها تلتقط لقطات لتسرح في ذكرياتها كبلهاء وسط سراب قاتم؛ قاتل؛ لاذع لا حنين له إلا عندما تود تجرع جرعات ألم سامة قاتلة تسلب روحك ودواخلك وتعتصرها عصرا حتى تنقطع أنفاسك وتفتت أشلائك لتعيد لملمتك من جديد شخصا ؛ بل الأصح جثة هامدة جديدة بملامح مغايرة للسابقة ؛ تعيد لملمتك بمزيد من الألم والعسر وفي صمت رهيب ؛ تريد الصراخ وتحدث صخبا لعل أحدا يسمع صوت نحيبك الصامت وينقذك من نفسك لكنك لا تقوى على الصراخ ؛ صوتك يخذلك لتكتشف أنك بلا صوت تناجي وتتقلب داخلك وأنت لا حول ولا قوة لك بالفرار. تريد البكاء واغراق هذا العالم القاسي بسيول الدموع ؛ لتنظر لوهلة لعينيك وتجدهما جافتين لا سيول فيهم وكانك صخرة باردة تلقت يوما مثلجا حتى تصلبت. هفوات قد تسيبك دقائقا؛ ساعات بل ليالي أرقا. تعد نجوم السماء وتراقب تقلبات الهواء وتراقب القمر حتى تشرق شمس اليوم الجديد لتنغمس فيه كألة مبرمجة على القيام بمهام. وما إن يحين الليل حتى تبدأ سنينك في التقلب من جديد .

بعد أن غصت في متاهاتي المستعصية جدا ؛ وتقلبي في مكاني لساعات الليل كاملة لا تنقصها ولا دقيقة ؛ لكن هذه المرة كانت مختلفة جدا عن سابقاتها؛ قديما كنت رغم كل شيء أخرج بأقل الأضرار على الاقل أستطيع صباحا أن أمرر يومي دون أن يلاحظ أحد شيئا . لكن هذه المرة انكسرت أشلاءا تكاد لا ترى ولا تبصر؛ تمزقت وتحطمت كما لم أتحطم من قبل . لا أعلم كيف ولماذا ؛ كل ما أعرفه أنني تحولت من جثة هامدة إلى حية ؛ حينها أحسست بكل شيء ؛ شعرت كما لو أنني أخضع لأطول عملية قلب لكن دون مخدر ؛ كنت أشعر بكل وخزة ؛ بكل كلمة بكل شعور بكل إحساس وبكل ألم ؛ شعرت بكل جرة في قلبي تعتصره عصرا ؛ شعرت بكل نبضة في قلبي تتسارع تارة وتنخفض تارة أخرى حتى تتوقف وتعيد كرتها من جديد . كانت هذه المرة الضربة القاضية التي لم أتوقعها ؛ ضربة رمت بي إلى ما بعد القاع السخيف . ضربة من ذوات كانت لها مكانة خاصة في قلبي عندما كان يضخ دما . لكن بعد هذه الضربة أصبحت قلبا من حجر ؛ لا إحساس به ولا مشاعر له . قلب كل ما يعرفه هو الجريمة والعقاب ؛ البكاء والنحيب؛ كل ما يشعر به هو الخذلان. آه من الخذلان ! ... جريمة بلا عقاب ؛ إعدام دون حكم مسبق . وهنا سأقف قليلا أمام نفسي لأن كلماتي قد خانتني ؛ لم أعد قادرة على قول شيء ؛ لا شيء قادر على التعبير عن ما أشعر به أو أمر به . لا أنتمي لنفسي ولا نفسي تنتمي لي غريبة في ذاتي . كل يوم أصبحت أحاول أن أكتشفني وانا في نفسي لكن دون جدوى . وكأني أعيش في شخص لست أنا . في أفكار ليست لي ولا مبادئ تشبه تلك التي سهرت الليالي في تنظيم أولوياتها .


شيء ما انكسر بداخلي ولن يعود

في هذه الاثناء بالذات استعدت شريط حياتي كله . خلقت من جديد وصنعت من جديد . لا أعلم كيف ؛ لكن شيء ما بداخلي انكسر ولا أظن أنه يوما سيعود . خلقت وكأني جماد لم يعد يؤثر بي شيء. لا أعلم هل هذا شيء يجب أن أفرح من أجله أم أخاف منه . المهم أنني حية والباقي كومة خرابيش قادرة على الاستغناء عنها وقت ما أشاء.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات زينب الكامل

تدوينات ذات صلة