محاولات للاجابة عن السؤال, هل الموسيقى لغة استعارية؟ أم هي تجربة قائمة بذاتها؟
تعريف الموسيقى
تجميع أصوات لهدف خلق جو أو للتعبير عن الأفكار والعواطف.( أصوات منظمة), تتكون الموسيقى من: الأصوات, الاهتزازت,واللحظات الصامتة, وليس ضرورياً أن تكون ممتعة أو جميلة, بل يكمن استخدامها في ايصال التجارب والعواطف, وهي قائمة على التركيب بين الهارموني والميلودي والاشكال الايقاعية والسرعة, وبهما يتشكل الادراك العاطفي.
ليس من السهل تحديد طبيعة الموسيقى. أرسطو
تعتبر الموسيقى اللغز الفلسفي الأصعب في تاريخ الفنون,لأنها تعبر عن المشاعر مع الحفاظ على التجريدية.
الافلاطونية والموسيقى
الافلاطونية هي وجهة النظر السائدة في النظر الى الموسيقى كوجود خارج الزمان والمكان, حيث ترى أن الأعمال الموسيقية مجردة, وهذا الرأي يشعل الحيرة, لأن الأشياء المجردة عصية الفهم, فقيل أن الأعمال لها وجود أبدي أي لاتوجد في المكان والزمان, أو أن الأعمال الموسيقية تظهر في الوقت المناسب نتيجة للفعل البشري.
كيف يؤثر ذلك على فهمنا للعمل؟
فاذا قلنا بأن العمل الموسيقي له وجود أبدي فذلك يعني أن للعمل خصائص جوهرية تسمح للمستمعين الوصول اليها دون الحاجة الى ادراك السياق التاريخي والفني ,فمثلاً استطيع أن استمتع بمقطوعة (Ständchen) لشوبرت دون أن أفهم الجانب الفني وكيفية كتابة المقطوعة, والجانب التاريخي لها حيث يعبتر شوبرت من أوائل المؤسسين للحقبة الرومانسية. وأنا أميل لهذا الرأي_ كشخص غير متخصص في الموسيقى_ فعندما اكتشفت هذا العمل لم أدري من هو شوبرت وأين ومتى ولد, ولازلت لا أعي كيف كتب عمل بهذا الجمال ولا أستطيع قراءة النوتة. الا أن بعض الفلافسة يرى أنه لابد من امتلاك أدوات للحكم على ما اذا كان العمل أصيلاً.
صفحة من نوتة (Ständchen)
الموسيقى والمشاعر
يقال أن هذه الموسيقى حزينة, وهذه الموسيقى سعيدة, وهذه الموسيقى مضحكة .. الخ
ولكن السؤال كيف أصبحت الموسيقى تعبير عاطفي؟
استمع الان الى (Ständchen) وقل بما تشعر؟ وماهو تصنيفك لها ؟ حزينة .. أم ؟
يقول الفلاسفة أن مقولة ( الموسيقى لغة المشاعر ) عبارة مبتذلة " كليشيه" لأن المقطوعات الموسيقية _من الناحية التقنية_ ونوتاتها وعروضها ليست عاطفية, فمن المحير قول أن الموسيقى تعبير عاطفي!
- قيل: أن التشابه الديناميكي بين الموسيقى والعواطف هو الرابط, ففي الحروب تكثر أصوات الطبول, ونلحظ أن عناصر موسيقية معينة كسلم ماجور يحقق شعور بالفرح بينما سلم ماينور يحقق شعور بالحزن, ولكن يعد هذا التفسير نسبي يختلف من شخص الى اخر ومن ثقافة الى اخرى.
- قيل: انما هي مخيلة الانسان, فيقوم بالربط بين المواقف والاصوات وبين مشاعره! فبمقارنة العمل الموسيقي بالأدبي فأن استجابتنا الى موسيقى حزينة هي كاستجابة تقليدية لشخصية حزينة في رواية ما, أي هي عملية خيالية تشخيصية يقوم بها المستمع. بالاضافة الى الشعور باللذة الفنية بمشاطرة المؤلف الاحاسيس التي شعر بها, أي نحن نجرب ونكتشف مشاعر جديدة بطريقة " آمنة" فعند سماعك لموسيقى الروك على سبيل المثال سيأخذك الى عالم من المشاعر الجامحة والهائجة.
التعليقات