عن المقاهي .. والهالة المشاعرية للمكان والزمان والمواقف والذكريات.
قبل يومين احتفلنا بعيد ميلاد ابنة خالي في مقهانا المفضل, بديكوره الحنون وقهوته التي صنعت بحب, لم أحب مقهى هكذا في حياتي وكأن التعلق هذا قد قفز من فيلم رومانسي, فيلم رومانسي تقع فيه امرأة شابة في حُب مقهى؛ لأنه يقع في البقعة التي تلتقي فيها المتضادات, ما رأيكم؟ هل هو سيكون فلم أوسكاري؟
علاقتي بذاك المقهى طريفة, فهو داني ونائي, هو الان والذكرى, والجوى والاجتواء, هو التقاء المتضادات, حوله السفه وداخله البراءة.. فيه الأصدقاء ملتفين حول أكواب القهوة يتسامرون معاً ,ثم يخرجون منه الى عالم الفحش فيغازل هذه ويحدق في هذه, وتغازل هذا وترنو لذاك, وبينما أشاهد مشاهد التشبيب حولي فكرت في وحدتي التي لم يغتالها أحد, فكرت في ملحمة التضاد التي أُنازلها, هل هي دفاع عن المبدأ أم صيانة للأنا,
الحياة تشبه ذلك المقهى ؛لأنها تحتضن الانسان _ذلك المتناقض_!
ارتشفت من قهوتي لعل عراك التضاد ينتهي بفوز أحدهما, قفز تساؤل: كيف نرتبط عاطفياً بمكان؟
تسجل أدمغتنا الذكريات مقترنة بالمكان عند يتواجد أكثر من عنصر مرتبطان بالشخصية,تذكرتُ موقع عملي السابق, وكيف أنني كلما مررت بمحاذاته شعرتُ وكأن أحداً يسدد لكمة الى بطني, العلاقة بيننا وبين الأمكنة متصلة بالزمن والخبرات والمواقف والأحداث الحياتية, وهذا الارتباط العاطفي ارتباط شخصي يختلف من شخص الى آخر.
طردت الذكرى وعدت الى المقهى, وتساءلت هل سأحمل كل هذه المشاعر للمقهى بدون الأحباب؟ وبدون الذكريات؟
هل سيكون للبقعة هذه الذاتية دون أشعاري التي كتبتها في الهوى؟
الاجابة: لن يكون له كل هذا لولا الرفاق. نحن نصنع الهالة المشاعرية للأماكن ككائنات عاطفية رومانسية, بتراكماتنا النفسية والحياتية نهب الجمادات روحاً وسطوة علينا ,فاما أن تمزقنا الذكريات أو تضمد جراحنا.
جُل مافكرت فيه .. كيف سأنظر لهذا المقهى ولهذه البقعة بعد عشرين عام؟
وكل الاجابات انتهت الى قول درويش:
إن اعادوا لك المقاهي القديمة من يعيدُ لكَ الرفاق .. ؟؟ مات الذين تحبُّهُم واللوزُ يُزهر كلَّ عامٍ بانتظامْ ماتوا ولكنَّ الصخور تبيضُ لي حجلاً وتسحب ظلَّها البُني عني طُرق بلا طُرق هناكَ, وههنا أفقٌ، وأغنية تمنَّتني ولكن حطمتني وحدي أُجدِّد صرختي: عودوا لأسمع صرختي . عودوا إلىَّ الآن مني. محمود درويش
التعليقات
يسعدني رأيكِ هبة 🥺♥️ ممتنة لكِ.
من أجمل ما قرأت هذا الصباح..🌸🌸🕊
جميل جداً