بالقلم نصنع مجدنا ، هذه هبةُ الله لنا ، لغةٌ وحدت العالم كلهُ لدينٍ ينصفُ الانسان ويعليه



لغةٌ فيها من رونق ِ الربيع وآيةِ السحر الوفير ، تُذهِلُ كل ذي عقلٍ لبيب ، حسناءُ تتمخترُ بالضادوليس دونها يحتويه ، كالشمعة المضيئةِ أينما حلت ، وسرُ ضيائِها القُرآنُ الكريم :" إِنَّا أَنزَلْنَاهُقُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ"،

تفيضُ منها الحكمةُ والدررُ، فيها الترانيمُ شامخةً ومواقعُ صوتٍ آسرة ،تعرفها حلوةَ التنغيمِ ففيهامن بحورُ الشعرِ الكثير، هادرةً زاهيةَ المعاني سانيةَ كالفجر ِ ،كالشروق ِبين الحقيقة والمجاز،متزينةً بالاستعارة ، مستبدلِةً اسمى الالقابِ بالكناية لتجازي كلُّ ذي شجنٍ ووتن .

تعرِفُها بسيماها ينطقُ بها ثلثي العالم بترانيم العاشقين ، تتراقص فيها المعاني كما الرياحُ حينَتحطُ فوق َ أزهار الربيع ،فتنثرُ عصفَ المبتغى وتتألقُ كما العرين ، تجعَلُ فاتنها يتأسدُ فيها فهيصورٌ متين ومنفى لكُل ذي عقلٍ صغير ،ولسانُ حقٍّ وأرضٍ يلمعُ فيها الفجر ممشوقاً بكل وقت وحين.

فأُّي نعمةٍ ونحنُ منها ،وأيُّ رفعةٍ عندما ينطقُ ثغرنا بها ؟!



إنها لُغةُ البيان : وكلُّ آيةٍ تملكها السماءُ تبختراً، وتنيرَ من أمجادها أطيافاً علت وتألقت على سائراللغات قاطبةً ، الضادُ فخمها تفخيم علواً وسمواً وتفرداً ،فاقت قدرتها الهائلة وتعابيرُها المدهشةوخطابُها الفياض بما خصّها الله لتكون وحيُّ النقلِ بالمعجزة المنزلة ، فتناقلت التعاليم ونزلَ بهاالوحيُّ الذي أذهل العقول وأشَعلَ الأفئدة ، حيثُ أنَّ وقعها كبيراً على النفس ، لئن نال منها الانسانتُيّمَ بها فهي عالمٌ من التحديثْ ، فلا تستطيعُ لُغةٌ أينما حلت قوتها أن تجاري هذه العربية لأنهاكالمارد الجبار في العظمةِ ، ومن بحر المعاني كالغسق المهيب فلا تستطيع أن تقارنها بغيرها قيدَأُنملة ،فكيف بأن تجاريها ! .

وإنها بوركت بخاتمِ الانبياءِ والمرسلين ،فأصبحتَ ذاتُ قيمةٍ جوهرية بالحكم الالهي وترسانةٍ ثقافيهٍصلبة ، فلا يتصلُ العبدُ بربه بلكاتِ لسانه ولا تُقام الصلاةُ إلا بالجهر بأنفاسها ،هي لغةُ أهلِّ الجنةوماذا أكتبُ بعدَ ذلك َالنعيمُ المتلألىء !


لغةُ الكمال : من سموها لجأ إليها العالم قديمًا وأصبحت سفارةً قويةً لناطقيها ، قادرةً على التعبيربشتى الامور في الفكر، والعقل ،والمنطق ،والعلم ،اذ أنك لن تجد َ أكثر منها متانةً ، ولا تجدداً ،ولاشمولاً، وصولاً بالبلاغة ، فبالرغم من قِدَمِها إلا أنها عاصرت الشمس بالوصولِ للمعنى، وانعشتِالعلوم الاخرى ،وما اقتصرت أو بخلت عليهم بمقصدٍ،لأن المعاني تتفجرُ منها بلا حدود .

وتجيشُ مشاعرَ الوجدانِ بإبداعها بالفنون ،وبأناقتها التعبيرية ،شافيةً كافيةً ،كالغيثِ امتلأتبسيولها الانهار ،فما فيها من نقصٍ ولا عيبٍ ، فلا تكادُ تجدُ فيها غوراً ولا تقتصر على نقطة بدايةٍولا نهاية ،قادرةً على السير بمنعطفات ِ الظروف بالفرحِ والترح ،كما قال الفرنسي إرنست رينان:"اللغة العربية بدأت فجأة على غاية الكمال، وهذا أغرب ما وقع في تاريخ البشر، فليس لها طفولةولا شيخوخة" .



لغةٌ الفصول بكل ما ترتديه تتأرجح صادقةَ البوح ما يضفي عليها عمقاً وتدبيراً ، حيثُ أنكَتغوص بها تنهلُ ما تنهل فلا ترتوي! أما مذاقها حلوٌ كالعسل يبعث في النفس الانشراح ، و كلمااتجهتَ نحو قاعها زدتَ حلاوةً وما ان نثرت عطرها ورأت منك عينيك حتى قالت قد زارنا الربيعُمرتين بعد صيفٍ وخريفٍ وغيثُ شتاء ، فكأنك ولدتَ في نعمة وكأن لسانك أصاب صبّه .



أما موسيقى الضاد : فلحن معي يا عزيزي حلو َالانغام

تفتنكُ بأنغامها وايقاعها الرنان ، وجمهورها الوزن فيتراقصون على تراصِ صفوف ألفاظه ومعانيهاللامحدودة،هي بلبلٌ يأنسُ فيها كُل عاشق وكلُّ فاقدٍ ومسجون ،

زهرةٌ في قلبِ كل ساكنيه تضعُ بُرعماً فوق جُرحِ صاحبها وتؤتي أكُلها كل حين بإذن ربها .

أما قوتها الامتناهية في إيصال المبتغى ،تجعَلُكَ تشعرُ أنك عند سدرةِ المنتهى ،تسافر بك عبرتشعُبها فالنحوُ الغزيرُ بالدقة، فتجعُلك ترفع المبتدأ وتكسرِ المُضاف ولا تزاود عليك بالافعال حيثشئت ، واختر الزمن المُحبب ولا تُلقي بالاً بالمشغول فضع بجانبه نائبٍ أو كنايةٍ ،ويسمحُ لكبالتقديم والتأخير والتقدير ، أما عن مصانع المعاجم فهي ضخمةٌ فتاكة وواحةٌ من الفيضِبالايجازة وان اعتراكَ اللفظ ، فهناك ثروةٌ مهيبة من سحر البلاغة وسهولة النطق باعلالٍ وابدالٍومُضاف ٍ ومنع التقاء ، وهمسٍ وجهرٍ ،تفخيمٍ وترقيقٍ تَصِلُ بك الى الفجر العظيم .



وختاماً استعن بالقلم فما أُقسم بشيء مثله ولا تقدمَ عليه ُ متقدم هو مهدُّ قوة اللغةِ ، وبدايةُالأمر(إقرأ) ،واقصُد ْبه الحديث َالجميل فطيبُ الخُلُقِ من استقامة القلم ورونقِ الشعور بالتمام .

وإياكَ وحريةُ التعبير التي تنتهي بمجرد المرور على حريات الغير ،فلن يشرقَ شمسنا ولا يأتيفجْرُنا إن دسنا على ماهيه الانسان ووقفنا ملياً دون النظر في هذه اللغه، التي تضرب اوتادهاعميقة كي نحسنَ القول َ فيها والعمل .



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات تسنيم الجعبة

تدوينات ذات صلة