تدوينة مختصرة ممزوجة بمسرحية موليير الهزلية بواقع مرير

الشيخ متلوف


طه جمعه الشرنوبي - كاتب صحفي


نموذج متطابق لكثير بيننا، يحملون إسم الدين في دعاويهم، تطاول على الدين بإسم الدين، وإدعاءات فاسدة جعلت من الدين وسيلة للنيل من الغير، وإستغلال جهلالناس بدينهم جعل منهم فريسة سهلة يمكن التهامها من المدعين، وفرض السيطرة عليهم أتخذت سبيلها إلي عقولهم، وصبغها بأن ذلك هو مراد الله..!

لكن مراد الله هو الجمال في " استفت قلبك "؛ اتبع الجمال أينما حلّ.


الشيخ متلوف كان له رأي أخر، في البداية قصة الشيخ متلوف أو ترتوف كما كُتبت في الأصل هي مسرحية لـ موليير تم تمصيرها باللهجة المصرية، تتسم أحداثها بكونهامليئة بالمفارقات الساخرة التي يقوم بها شيخ دَعِيٌّ مُنافق يشتري بدينه عَرَضَ الدنيا القليل، وما أكثرهم الآن.!


أعيش في بلد إذا هاجمتَ أحدًا ممن يعتلون المنابر تُهاجم بأنك ضد الدين وتحارب رجل دين في دعوته وهو موظف بوزارة يقوم بعمل ما، ويتلخص الأمر في إنك تهاجمالدين لمجرد أن تعترض علي ما يقوله أو ترفضه أو ترفض أن تسلم بما يقوله.

وأصبح الرفض لمجرد ما يقوله هذا الشيخ هو تعدي علي الدين ذاته.


أرفض الصورة المثالية لرجل الدين بإعتباره بشر له أن يخطئ ولكن في المقابل إذا رفضت ما يقوله لايمكنك مهاجمتي.

أرفض كذلك ان يتم التسليم بما يقوله دائمًا إذا كنت غير مقتنع به أو مخالف لإيماني بالحق وبالخير وبالجمال.

وليس لزامًا على أحدٍ ان يقبل كلامه أو يسلم به.

كما ان الدفاع المطلق عن ما يقوله هؤلاء هو نموذج أخر للتطرف والخروج عن مسار الاعتدال والذي يمثل قاعدة أساسية في مذهب الدين.

رأينا الشيخ متلوف نموذج لرجل فاسد، يستخدم الدين ذريعة للنيل من ملذاته، ويتخذه وسيلة للغواية، أو يخدم سلطة، أو يخدم مذهبًا يؤمن به تطرفًا، ثم يكون له من يتبعهمذهبًا.


يُحلل به ما أراده له، ويحرمه متى شاء، في غياب لثقافة ووعي الناس والمجتمع، ويرددون عبارة " الشيخ قال كده" دون تفكير في ما قاله وكأن ضمائرهم استراحت لماقاله أو خدمت وجهة نظرهم اللعينة.


عزيزي القارئ، الشيخ متلوف هو نموذج موجود في كل المجتمعات والثقافات، يستقي مكانته من جهل غيره، ثم يكرسها بأتباعه، ثم يسوق منهجًا للسيطرة على العقل.

تحتاج ان تؤمن وأنا كذلك أيضًا، لكن ليس بالطريقة التي تسلب عقلي وتجرده من دوره ومهامه التي من شأنه التفكير الذي يؤدي إلى اليقين.


عزيزي متلوف أنت كثير في مجتمعي، تستسيغ حاجة الناس الاعتمادية والاتكالية وخصوماتهم لتفرض عليهم فكر شيطانيًا، مستغلًا حالة فقر الوعي التي أصبحتمتأصلة في جذور الثقافة والعادات، الأسوأ من ذلك هو مساعدتك من خلال مدعي الثقافة والتنوير في بلداننا، لأنهم ربطوا كل تصديهم لك بأي أمر يخص الدين فقط،عزيزي متلوف أنت في كل أوجه حياتنا، في الجانب العلمي والعملي والاجتماعي والإنساني، تباً لك.



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات طه جمعه الشرنوبي

تدوينات ذات صلة