ليل وقمر وصوت فيروز يصدح بما يجول فى خاطرى وعجزت عن التعبير عنه.

عندما يضيق صدرى بشعورِ ما، لا أجد لى مهربًا سوى الورقة والقلم حتى أتخفف من ثقل الكلمات، أردت تلك الليلة أن أتعامل مع الكلمات كفرشاة الرسام حيث يسدد ضرباتِ هنا وهناك على اللوحة ولكن بخفة ورشاقة، لكن أين أجد تلك الخفة فى التعبير عما يجول فى خاطرى، كلما أردت الكتابة يشتد حبل الشوق على قلبى، يكاد يخنقه إثر كل نبضة.

أزحت ستائر شرفتى عسى أن يتسلل بعض النسيم يخفف عنى ما أنا فيه، فوجدته يجلس قبالة شرفته يراقب المارين فى الطريق وينسج بعقله قصص وحكايات تلائم هيئتهم.


يبدو أنه إنتبه لى فلوح لى بيده مبتسمًا وبعد ذلك عاد إلى الداخل، تعجبت كيف أظلمت السماء وهى ليلة قمراء، يبدو أن القمر يستمد ضيائه منه.

علة القلب أنت ودوائه كما كتبت سابقًا، أضاء جهازى النقال مشيرًا لوصول رسالة وقبل أن أفتحها فوجئت بشئ كبير إرتطم برأسى، وعندما انتبهت لذاك الشيء وجدت أنه "كتاب" فى الحقيقة هى رواية العمى لجوزيه سارماجو، أحب تلك الرواية وأمقتها فى آن واحد وهممت أن أفتحها وتذكرت الرسالة فوجدته من سلب ضياء القمر يقول ( أعلم أنكِ تمقتين تلك الرواية ولكن ما رأيكِ فى صراحة سارماجو؟).

تنهدت وشرعت فى إجابة سؤاله.. كتبت له لو أنك أمامى الآن لأحرقتك النيران اللى تتطاير من عينى شررًا، كدت أن تقتلنى_ولكن فعلًا هل هى نيران الغيظ بسبب تصرفه الأحمق هذا أم نيران الشوق هى التى كادت أن تحرقنى قبل أن تحرقه_ ولكن سأُجيبك على أىً حال، أخبرتنى من قبل أن صراحة سارماجو والنظرة السوداوية التى يكتب بها تذهب مباشرة لعلاج خلل ما فى النفس البشرية وهى تتجلى هنا بوضوحِ شديد فى مبدأ أنه لا داعى للفخر بمبادئك والقيم التى تتغنى بها إذا لم تطالها يد الظروف.

أرسل لى وجهًا ضاحكًا وقال نعم تلميذتى النجيبة التى لا تنسى أى شىء أتفوه به، فرددت عليه بل صندوقك الأسود يا معلمى.

ثم أستطرد فى الحديث عن ما يدور فى العالم من أخبار الطقس والمناخ المتغير وما مصير البشرية إذ لم يجد القادة حل لذلك، ثم قبل أن ينهى النقاش أخبرنى أن الرواية هدية منه لى، فهو يعلم كم أعشق القراءة والكتب الورقية، شكرته عليها واعتذر عن طريقة إرساله للرواية_ أنه قذفها من شرفته_ فأخبرته أن لا سبيل له لقتلى _ فأنا ميتةُ على أىً حال_ فالصندوق الأسود هو من يصمد حتى بعد تحطم الطائرة. ضحك وأنهى المحادثة متمنيًا لى ليلة سعيدة.

أمسكت الرواية وتعجبت كيف تكون ليلة سعيدة بعدما أضاف المزيد من الحطب للنار المشتعلة فى صدرى.


هممت أن أغلق ستائر الشرفة، فتناهى إلى سمعى صوت فيروز صادر من شرفته ويصدح قائلًا " بعدك على بالى" فأبتسمت وقلت ومن غيرك يأتى ذكره فى خاطرى يا علة قلبى ودوائه.


بقلم: شيماء زين.

شيماء زين

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات شيماء زين

تدوينات ذات صلة