فى خضم صعاب الحياة وما نواجه من عقبات، ما علينا سوى الاختيار بين بلال وسيزيف. أن نجعل لصعابنا معنى أم تكون مجرد عبث.
كيف يمكن لجماد أصم أن يكون له معانى أكثر من مجرد أنه جماد وكيف يمكنه أن يشكل نقطة فاصلة فى حياة أحدهم، أو يكون الفاصل بين المعنى والعبث؟ هذا ما سنعرفه اليوم فى مقالنا هذا.
فى طفولتنا عرفنا جميعًا قصة بلال الحبشى وكيف انتقل من كونه عبد لأمية بن خلف ليكون فى نهاية المطاف مؤذن الرسول (صلى الله عليه وسلم).
لن نحكى قصة إسلام بلال، فالجميع يحفظ تفاصيلها عن ظهر قلب. هنا الحديث سيكون عن صخرة بلال التى وضعها أمية على صدره ليجعله يتراجع عن إيمانه بدين الإسلام.
الحديث سيكون عن الصخرة وعن طيفها فى حياتنا نحن، نحن من نبعد عن بلال وصخرته بما يزيد عن ألف عام ولكن صخرته مازالت حاضرة معنا هنا اليوم.
من يظن أنه لا يمكن الاستفادة من قصص الصحابة والتابعين فى حياتنا اليوم فخسارته عظيمة.
وضع أمية بن خلف الصخرة على صدر بلال، الصخرة هنا تُمثل العائق الذى يحول بينه وبين قضيته، بين إسلامه. إما أن يقاوم الصخرة ويستحق إسلامه أو يستسلم ويخضع للصخرة ولأمية.
فى يومنا هذا لا وجود لأمية ولكن يمكننا أن نرى إنعكاس الصخرة تتمثل فى ما يواجهنا من صعاب فى درب تحقيق آمالنا.
صخرة بلال كانت مثالًا للإيمان يقوى الأشخاص، يحررهم من قيودهم ومن ضعفهم.
لكن انتظر…
صخرة بلال ليست الصخرة الوحيدة التى ذكرها التاريخ، هناك صخرة سيزيف.
تخبرنا الميثولوچيا الإغريقية عن سيزيف الذى أغضب الآلهة، فعاقبه زيوس بأن يحمل صخرة من أسفل الجبل إلى أعلاه، فإذا وصل القمة تدحرجت إلى الوادى، فيعود إلى رفعها إلى القمة ويظل هكذا إلى الأبد، فأصبح رمز للعذاب الأبدى.
وفى قول آخر أصبح سيزيف رمز العبث، بذل الجهد والمحاول والمقاومة من أجل لا شيء، من أجل العبث.
وهنا يبدو عنوان المقال أكثر منطقية، صخرة بين المعنى والعبث، وكيف يمكنها أن تتمثل فى حياتنا.
الصخرة هنا هى الصعاب اللى تعترض طريقنا ونحن فقط من نجعل منها صخرة بلال أو سيزيف.
نتفاعل معها ونقاومها فتقودنا للمعنى وما نريد، أم نحملها على عاتقنا ونمضى بها فقط كسيزيف.
فى حياة كل منا، هناك دومًا هذا الخيار.
صخرة ما، نجعلها كصخرة بلال، تجعلنا مصاعبها نكتشف قوتنا. أو صخرة نجعلها كصخرة سيزيف، ونقضى حياتنا فى العبث واللاجدوى.
وهناك اختيار واعٍ نختاره..
بلال أو سيزيف.
*فكرة المقال مقتبسة من رواية شيفرة بلال للكاتب الدكتور أحمد خيرى العمرى.
-شيماء زين.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات