ليالي الشتاء الماضية كانت تبعث فينا الحياة !
في فصل الشتاء الذي تتمازجُ لياليه الهادئة بين الدفءِ والبرد القارس تتساقطُ الأمطار كموسيقى وديعة تتراقصُ بعضُ قطراتها على زجاج النوافذ فتبعث فينا الحياة،
أما نحن فنتسمر أمام النافذة مراقبين الخطوط المتعرجة التي تصنعها هذه القطرات اللامعة،
نقترب من النافذة فتتلامس أنوفنا الحمراء المثلجة بالزجاج البارد وننفخ الهواء الساخن الرطب على زجاجها ونكتبُ حروفًا جميلة باللغتين العربية والانجليزية،
نرسم قلوبًا كبيرة وصغيرة.
ندخل المطبخ ونجلس أمام زجاج الفرن الدافئ وكأن الشتاء يرتبط بالزجاج زجاج النوافذ وزجاج الفرن،
ننتظر نضوج البطاطا الحُلوة، أو نراقب الكستناء في الفرن هي تتفتح شيئًا فشيئًا كلما ازداد نضجها كزهرة في الربيع تتفتح أوراقها من حرارة الشمس الدافئة، أو تتفتح أعيننا أمام الكعكة التي تنتفخ في الفرن والتي تفوح منها رائحة الفانيليا التي تعبَقُ بالمكان،
ثمة مراقبات ومداهمات كثيرة للفرن في فصل الشتاء!
وها قد حان وقت السهر والسمر في غرفة الجلوس، نشاهد مسلسلًا هادِفًا ونأكل الكستناء الناضجة أو البطاطا الحلوة أو كعكة الفانيليا اللذيذة مع كوبٍ من الشاي الساخن التي تأذَنُ أمي لنا أحيانًا بشربه، نستمتِعُ كثيرًا.
وبعد انتهاء المسلسل تبدأ الألعاب الجميلة، ابتداءً بلعبة الاسماء (حرف، اسم، حيوان، جماد، نبات، بلاد) التي يفوزُ فيها غالبًا الأسرع في الكتابة الأم أو الأب، ثمَّ لعبة الكلمات المتقاطعة، فلعبة السلم والأفعى، انتهاءً بلعبة (اللص والجلاد) التي تنتهي ببكاء إحدى الأطراف لأنه أخذ ورقة اللص من القرعة وسيتلقى ضرباتٍ من عصا الجلاد الذي سيضرب أخاه ضربًا مبرحًا لينالَ منه لمشكلة ما حدثت بينهما منذ أسبوع!
"هيا، حان وقت النوم" تقول أمي.
نذهب ونستلقي في فراشنا، تقرأ لنا أمي قصةً جميلة أو تحكي لنا قصةً من الخيال، نغمض أعيننا أمامها فتذهب،
وما إن تغرق أمي في النوم ننهض فنتسامر أنا وإخوتي لساعاتٍ وساعات نتحدث ونلهو ونلعب حتى يغلُبنا النعاس فنغفو في أسرَّتِنا الدافئة لنستيقظ في يومٍ آخر وننتظر ليلته الباردة الدافِئة بفارغ الصبر...
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات