من الأسهل أن تضرب الطفل بدل أن تربيه , الحب مكلف، ويحتاج مجهوداً وعملاً. - مورغان فريمان.
يوم كبرَ بيتربان عَرف أنهُ لن يلمس السماء مجدداً، وأن سحرهُ لن يُصلح الأشياء المكسورة كما العادة،ولن يجلب له الأصدقاء . وأن الإبتسامة لا تقابلُ دائماً بإبتسامة وأن نقاء قلبه لا ينفي حقيقة ان العالم قاسٍ بطريقة مروعة .
قد تبدو قصة بيتر بان خيالية لأبعد حد، لكنها أيضاً واقعيةٌ لأبعد حد إذا نظرتُم عميقاً في عيون الأطفال لتجدوا قسمات الرجال تختبئ بترقب تحت جلودهم وأن في عيونهم بريقاً مهيباً كالذي في عيون محاربينَ دخلوا للتو ساحات القتال . كم مرةً أجبرتكَ الحياة أن تجذبَ طفلاً إليك ينتفض من ألم كبير لتهدئَ الرجل الذي بدأ يظهر داخله ! وكأن في ضمتكَ له محاولةً أخيرةً لتأخيرِ هذا التحول وإنقاذ روحه الصغيرة.
أننّا نكبرُ سنواتٍ كثيرةً حين نفتحُ عيوننا على اتساعها لرؤيةِ الألم الذي يعمينا عن تلقف المباهج، وحين تجبرنا الحياة على تقبلِ هزائمنا وهزائم الآخرين بعجز تام، فنختصر أعوامنا كلها في لحظات من الحزن المكرس لنصل بأرواحٍ مختنقة إلى نضج كاذب.
قدسوا عبارة " لا يصلح لمشاهدة الأطفال " التي تكتب على الشاشات فهو حقاً لا يصلح . إذ لا يجوز أن نختصر سنوات من أعمار أرواحهم دون مبالاة بحجةٍ أن نراهُم رجلاً في قلب الواقع لا في معزلٍ عنه . لازلت أذكر كل المشاهد القاسية التي قدر لي ان أراها على شاشات التلفاز بدءاً من السابعة بحجة تنمية الانتماء. كل الأخبار العاجلةِ والاغتيالات و صور المذابح والمهاجرين وآلام الامهات والمعذبين وآهات الجرحى. ماذا ستفيد طفلك سوى ان يكبر خائفا ومهزوماً و هو يعلم ان العالم لن يبتسم له . وماذا سيفيدك ان تنحر انسانيته بجرعة فائضة من الواقعة؟ وإن كان لا بد من الواقع فاجعلوه مخففاً بالأمل و خبأوا عيون أطفالكم عن مشاهد الدماء وصموا اذانهم عن الألفاظ البذيئة وصلوا أن تنموا قلوبهم مغمورة بالجمال في معزل عن الألم .
كان سيسعنا العالم جميعاً لو أنقذ كل جيل إنسانية الجيل الذي يليه من مجازر القسوة. يوم كبر بيتر بان ، مات.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات