لن تغير هذه الكلمات من الواقع شيء ولن تصل هذه المرة لأي شاطئ، كتبتها فقط لإطفاء بركاني الثائر...




لا بد لكل طفل يشاء له الله سبحانه أن ينشأ ويكون جزء من هذه الحياة أن تلقى على مسامعه قصة معينة ذات تاريخ عريق ، قصة خطت بالدماء، ألفها أحب الشعوب إلى الله، قصة جغرافيا مفقودة منذ عقود طويلة ، حاولوا مرارا وتكرارا إخفاء معالمها تحت اسم اخر وإرفاقها تحت كيانهم وإنسابها لمعتقداتهم ، لكن الله أبى وشاء لمعالمها ان تأبى....

ولكن هذه القصة خضعت في الآونة الأخيرة لبعض التجاوزات ، فتعرضت للتحريف و تغيرت حروفها وتشكلت سطورها بشكل آخر،

ماهي القصة ؟ وكيف تكون تلك الانتهاكات وعلى أي هيئة؟...


هي قصة أُخِذَ الهامها من (المؤتمر الصهيوني الأول) في عام ١٨٩٧ وهو بداية النزاع المستمر و الأول بين الوطن العربي عامة ودولة فلسطين خاصة والصهاينة .

وتم إصدار الطبعة الأولى لها مع تاريخ إنشاء معاهدة (سايكس بيكو)بداية ومن ثم الوعد اللعين المشؤوم (وعد بلفور) تلك الرسالة التي تضمنت قيود أرضي و تهجير أهلي ، تلك الرسالة التي خطت بحبرها قضيتي .


في أواخر عام ١٩١٧ نزلت اللعنة فأصابت وأمرضت غصن الزيتون وقصت جناح حمامة فلسطين. في ذلك العام خضعت فلسطين للانتداب البريطاني وتم الاتفاق على إقامة وطن قومي لليهود فيها ، تلى العام المذكور عامان آخران فكانت الطامة بهجرة عدد لا بأس به من اليهود وغيرهم إليها بهدف الاستيطان .


من هم اليهود ؟ "بعيداً عن التعميم"!

اليهود هم (بني إسرائيل) ذرية تتوارث الدين اليهودي ،وهم اللذين بعد أن أنعم الله عليهم بنعم كثيرة وفضلهم عز وجل على العالمين فكانوا بذلك أفضل الأمم نقضوا الهعود والمواثيق وعاثوا في الأرض فساداً فعاندوا موسى عليه السلام وعادوا محمد صلى الله عليه وسلم،

جماعات مستمسكين بعقيدتهم مستنكرين لحقيقة الدين الإسلامي ،غير معترفين بمحمد صلى الله صلى الله عليه وسلم ونبوته ، ظناً منهم أن خاتم الرسل من المفترض أن يكون يهودياً يحمل رسالة تتفق مع رسالتهم وليس عربياً أمّياً برسالة جديدة مغايرة...

ومنهم العصرية وهي الفئة المحتلة للجزء الذي لا يتجزأ فينا (فلسطين )اللذين أدموا الأفئدة حزناً على غزة والقدس وغيرها من المدن الفلسطينية...


أما عن سبب كتابة هذا المقال، فيعود إلى الأحداث التي تنافست في الآونة الأخيرة على احتلال المركز الأول وأخذ لقب أيها أكثر إيلاماً، تلك الأحداث التي تمركزت في قدسنا بداية عندما قامت قوات الشرطة الإسرائيلية بتطويق ومنع المدنيين العزل من أداء فريضة الصلاة في مسجد قبة الصخرة ، كنت أتابع حركاتهم يوميا بعد الإفطار في شهر رمضان ،كان يدهشني بشدة ثباتهم ، وتعيث في مخيلتي مخاوف يزجها ضعفي في فؤادي ، خفت أسلحة الكيان الصهيوني ، شق علي تحمل رؤية دمائهم، لم ينبهني خاطري أنهم أقوى من أسلحة الكيان بتمسكهم، كنت أحاول إستشعار سجودهم ،دققت النظر قليلاً في أصابعهم بحثت عن ارتعاشها فلم أجد فيها غير صمود التشهد ، استدركت حينها أن الخالق عز وجل يحبهم بقوتهم فالمؤمن القوي خير وأحب إليه سبحانه من المؤمن الضعيف،تأكدت حينها أن يد الله معهم.


تمعن قليلاً ، أما ترى ان الصلاة قد منعت في كل مساجد العالم خوفاً وحيطة من الإصابة بفيروس الكورونا ،إلا في أرضهم خافهم القانون فنكَّر إطلالته في حضرتهم ، فساروا وعزموا الأمر وتوكلوا على الله وأحيوا ليالي رمضان المبارك بكامل همتهم ولم يهابوا إسرائيلياً يُعقِّبُ صلاتهم بشتائمه وبندقيته.


لم يكتف الظالمون بأذية الأبرياء (إخواننا في فلسطين)بفرضيتهم بل أرداوا أن يضيقوا عليهم معيشتهم، ويغلغلوا فيهم كيدهم ، فهاجموا بيوتهم في حي الشيخ جراح وهم فيها أمانين، ونزعوا منهم أمنهم، وأرداوا أن يستملكوا حصنهم،

ولكن مكر الله سبحانه اكبر من مكرهم إذ قال بسم الله الرحمن الرحيم:{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِين} نزلت هذه الآية في محمد صلى الله عليه وسلم منذ ما يقارب ال ١٤٠٠ عام واليوم هي رسالة من الله عز وجل للمستضعفين من أهل فلسطين، عسى الله أن يحيق بمن عاداهم مكره عاجلاً غير آجلا.

ادعُ لهم بخاطر يقظ وتذكر قوله تعالى:

{وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ۚ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ} "سورة ابراهيم:٤٢"


حي الشيخ جراح:_


لهذا الحدث وقع أليم في داخلي ، وداخل كل عربي تعرض للتهجير واغترب ،

من أصعب المواقف التي من الممكن أن يمر جحيمها على الإنسان أن يؤخذ منه شيء بالقوة ،وذلك الشيء فطري بالسليقة ، فنحن كبشر بطبيعتنا نحب الامتلاك و التعلق والتمسك بأشيائنا المحببة ، ونجد هذا عند الأطفال الصغار ، فإذا ما حاولت اخذ شيء ما وقع في أيديهم تراهم يصرخون ،يستصرخون ويبكون ،نعم هذه هي ردة الفعل الطبيعية، أن يبكي أحدنا إذا سلب منه شيئه ، كالحق والمال والأولاد والأشياء الملموسة حتى المحسوسة أيضا كالشعور بالأمان

مثلا والخ... أي السرقة بشكل عام ، والسارق في هذه الحالة جاحد لا يخاف القصاص متباهٍ بسرقته، فخورا بفعلته الشنيعة ،فما بالك و إن كان المسروق هو حقك الأول في هذه الحياة ،بيتك ،مسكنك و مهجعك؟


وهذه ليست المرة الأولى في التاريخ الفلسطيني فقد هُجِّر الشعب الفلسطيني في عام ١٩٤٨ من بيته وأرضه، كما يطرد أهلنا اليوم في عام ٢٠٢١ ،٧٣ خريفاً مضت و تتوالى السنين ولكن السياسية واحدة والقصد واحد والأفعال والأساليب الوحشية والغير إنسانية متعددة.


وكما ذكر الله في كتابه الكريم بسم الله الرحمن الرحيم:{ وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا}الإسراء: (4)

يتبين لنا أن الأمر محسوم من عنده سبحانه، أن هذه الأمة(اليهودية) سيفسدون في الأرض مرتين، أما في المرة الأولى فكان النصر على يد صلاح الدين الأيوبي ، وانما العلم عند الله أن ما حدث في المسجد الأقصى في الأونة الأخيرة من انتهاكات لحرمة المسجد وتدمير وقتل هو الإفساد الثاني والعلم عند الله سبحانه وتعالى عالم غيب السماوات والأرض.


أضاف فلسطيني في هذا بعض الكلمات فقال :


البيت الذي أسسه والدي بشق الأنفس، وولدت فيه، كل زاوية فيه تروي قصة ، وفي أركانه حكيات الجدة، وفي سقفه ضحكات معلقة ،بيت فيه محرابي وأيات تلوتها فلانت بها جدرانه ، بيت تلاحمت معادنه مع مشاعري ،

بيتي الذي ستر ضعف أمي وقلة حيلة أبي ، بيتي الذي بكت معي نوافذه في ليلة القدر.

بيتي الذي مع أول حجر وضع فيه وقَّع أجدادي وآبائي عقد انتمائي و اخلاصي لأرضي ،


في لحظة الخسارة الباردة سأل نفسه فلسطيني :


كيف لي أن اخرج واترك أشجاري وازهاري بلا سقاية ، كيف لي أن أفرض على تلفازه الصمت؟ كيف سأخبر أثاثه أنني وقعت عقد بيع مقابل زجي في الشارع؟ أين سأدفن أسراري ؟

كيف سأنام على وسادة الطريق القاسية، هل ستكون الأرصفة كفيلة بمنع السقيع عن أمي وأبي وإخوتي ؟؟

هل سيكون حفيف الأشجار منبهي الصامت؟

ام سيكون لصوت رصاص بندقياتهم نصيب من إزعاجي؟

ماذا سأرتشف في الصباح الباكر؟ أكوب من الذل، أم سأعود لفنجان قهوتي الذي تركته يغلي؟


تنهد طويل تبعته دمعة حارقة :_


انا الفلسطيني أسير الطريق ، قيدوني باسواره ، وأغلقوا فاهي، رأيت عجزي بأم عيني ومفتاحي مكسور بين يدي ، قطعوا أطرافي وعروني من املاكي...

سيخذلني الطريق ويخذلني المارة، سيعتقدون أنني لن أستطيع بحذائي البالي وقدمي الممزقة الوصول لأي جهة آخرى ....

لكنهم غاب عنهم أنني فدائي لبق في قضيتي سالم طاهر ما ضرني ولوثني تمسكي، يقظٌ ناظرٌ رصاصة عدوي لأصدها بحجارتي ،تلك هي حيلتي.


هذا أنا فلسطيني أسير طريق اللاجغرافيا طريق موحش مظلم ، فيه تجزأ مخيف شق فيه نفحات احمر واخضر وأبيض وأسود، وشق فيه ندبات زرقاء وبيضاء مؤلمة.


أما عني عزيزي القارئ :


فانا كاتبة مسلمة عربية لا أنتمي لبلد عربي محدد بل كلي لهم جزيرة ، عرقي فلسطيني عربي وروحي دمشقية عربية ، بملامحي تجد الأموي وبخافقي تتحس الأقصى.

انا تراث مصر وحضارة بغداد ،انا حمام الشام وقبة الصخرة

تلك هي انا لست شيطان أخرس إنما انا روح القدس المتحدثة ، و مآذن دمشق الشامخة .

سورية بهويتي ولكن عروبتي أبت أن تدون في هوية مصغرة ، فتلك السطور قاصرة عن الاتساع، ضيقة لن أكتفي للتعريف فيها عن فخري ومجدي .

البارحة منذ الصغر واليوم وفي سن الشباب وغدا وانا كهلة، سيبقى علم فلسطين في قمة جبل مشاعري ووجداني فقضيتي الفلسطينية هي وسيلة من خلالها أستطيع المراقبة والتعقيب في معايير إنسانيتي وتعلقي بديني وعقائدي،


لا أعتقد أن كلماتي ستعطل آلة زمن الحروب أو أنها ستصنع فرقاً شاسعاً أو أنها ستغير مجريات الأمور، لكنها سلاحي الوحيد للدفاع عن قضيتي الفلسطينية،

سأدونهن دوماً حرفاً حرفاً إلى أن يقرأ أبنائي تاريخ إخوانهم، ويكونوا عوناً لهم،عسى أن يكون النصر على أيديهم...


ولكل منا قلمه ،فاستخدمه حتى وان اختلفت الألوان ، المهم ان تتشكل لدى كل منا الرسمة ذاتها في النهاية .

لعلنا نتوصل في نهاية المطاف إلى الإعفاء من مغبة الصمت.


أما عن السلاح الثاني فهو الدعاء:الدعاء حصن منيع، وسلاح وثيق كلنا نمتلكه حل وحيد ومن الممكن أن يكون جذري، كل ما عليك فعله، هو استقبال القبلة واستحضار مشاعرك وقلبك السليم والتوجه لله سبحانه وتعالى والدعاء لأهلنا في فلسطين بكل ما أوتيت من قوة وخشوع،

ردد معي التالي:


اللهم احمِ المسلمين في القدس وغزة وفي كل فلسطين، اللهم كن لهم عونًا ونصيرًا، اللهم يا رب -جل ثناؤك وتقدّست أسماؤك- اللهم انصرهم على عدوّهم، اللهم لا يُرَدّ أمرك ولا يُهزَم جندك، سبحانك وبحمدك، اللهم عليك باليهود الظالمين ، اللهم أحصهم عددًا واقتلهم بددًا ولا تغادر منهم أحدًا، اللهم أرِ المسلمين فيهم عجائب قدرتك.


اللهم انصر إخواننا المستضعفين في فلسطين وفي جميع بلاد المسلمين، اللهم فكّ قيد أسراهم وفرج عنهم كربهم، اللهم اشفِ مرضاهم وأعِن اللهم عاجزهم، اللهم أعنهم على بلائهم وهوّن عليهم يا مولانا يا رب العالمين.


اللهم إنّ لنا إخواناً في العقيدة مسّهم الضر وأنت أرحم الراحمين، اللهم نشكوا إليك ضعف قوتنا وقلة حيلتنا وهواننا على الناس يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين وأنت ربهم، إلى من تكلهم إلى بعيد يتجهمهم أم إلى عدو ملّكته أمرهم؟ إن لم يكن بك غضب علينا وعليهم فلا نبالي ولكن عافيتك هي أوسع لنا ولهم، نعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بنا غضبك أو تحل علينا سخطك، لك الشكر حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلّا بك.


يتبع....









ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

كُل مقال يزيد جمالاًً بعيني واجزم أنه يزيد جمالاًً بعين كل قارئ، أبدعتي للمرة المئة، فخورة جداً بكِ وبكلامك الرائع، إستمري ♡︎

إقرأ المزيد من تدوينات راما الكميتي

تدوينات ذات صلة