هل رأس المال الفكري مهم؟

لم تحرز المجتمعات المتقدمة تطورها وتقدمها إلا بفضل اعتمادها على المفكرين والمبدعين وأصحاب العقول المنتجة.

أدركت الكثير من الشركات و المؤسسات اليوم حقيقة مهمة وهي ان القيمة الحقيقية لها تستند على عنصر مهم في هيكليتها التنظيمية وهو رأس مالها المتمثل بالمورد الفكري الموجود لديها، وبفعل التقدم السريع والتغير الكبير الذي حصل في عالم الاعمال اليوم أصبحت الخبرة البشرية المعرفية رأس مال ثري وقيّم ومعزز للإبداع والابتكار الذي يقود نحو تعزيز سمة النجاح والتطور والتقدم.

صار جلياً أن المستقبل سيشهد أهمية لمجموعة المعارف والمهارات التي تتمتع بها الشركات و المؤسسات و كيفية إدارتها وتطوير قدراتها حيث اصبحت المنافسة عالية وشديدة، كما أن بيئة الأعمال الحديثة ديناميكية للغاية حيث تواجه منظومة الأعمال العديد من التغييرات، ويعتمد بقاء العديد من الشركات أو المؤسسات اليوم على استعدادها وقدرتها على التكيف مع هذه التغييرات السريعة التي تحدث في عالمنا اليوم، حيث تحول اهتمام الشركات و المؤسسات من الموارد الطبيعية إلى الموارد الفكرية، لذا فهي بحاجة إلى عقل معرفي ثري لتنويع الرؤى والوصول إلى حلول إبداعية مبتكرة قادرة على تجاوز العقبات والتكيف مع المتغيرات، فالإنسان أضحى أهم موجودات هذه الشركات والمؤسسات لكونه أساس بناءها وتقدمها ومحور الإبداع فيها، وهذا يدل على أهمية دور العنصر البشري في تطور وتقدم منظومة الاعمال في وقتنا الحالي.

يعد رأس المال الفكري في بيئة الاعمال اليوم أحد أهم العوامل التي تؤدي إلى التنمية والقدرة التنافسية في الشركات والمؤسسات، ويميل إلى أن يكون موردًا مهمًا ومساهمًا رئيسيًا في النجاح الاقتصادي وخلق القيمة التنافسية في الأعمال التجارية، حيث قال ستيوارت:

"أصبحت المعرفة أهم مقومات الحياة الاقتصادية فهي المكون الأساسي لما نبيعه ونشتريه، وهي المادة الخام التي نعمل بها، فقد أصبح رأس المال الفكري الأصل الذي لا يمكن الاستغناء عنه من بين أصول المؤسسات".

يعرف إدفنسون رأس المال الفكري بأنه: "مزيج من المعرفة، الابتكارات، المهارات وقدرات الموظفين الفردية بالشركة".

حيث يمثل هذا المزيج قدرة ومهارة متفردة تتفوق بها الشركة أو المؤسسة على جميع المنافسين وينعكس ذلك على زيادة القيمة المقدمة للمستثمرين، و حيث تعتبر مصدر من مصادر الميزة التنافسية.

ويرى إدفنسون رأس المال الفكري مقسم الى ثلاث اقسام:

1. رأس المال البشري: هو مجموع المعارف، المهارات، والقدرات الإبتكارية لدى الأفراد العاملين والتي لا يمكن للشركة امتلاكها.
2. رأس المال الهيكلي "التنظيمي": هو مجموع المكونات المعنوية المملوكة للشركة والتي لا يمكن للأفراد العودة بها إلى منازلهم وتدعم الإنتاجية مثل البيانات، البرمجيات، النظم الهيكلية، العلامة التجارية، والقدرات التنظيمية.
3. رأس مال العملاء "الزبوني": هو مجموع علاقات الشركة مع الموردين والزبائن والتي يعبر عنها بقيمة الإسم التجاري والعلامة التجارية والسمعة.

حيث يعتبر رأس المال البشري هو المحرك الاساسي والرئيسي لكافة خطط التنمية والتطوير ومشاريع الاستثمار في الاعمال التجارية، فالتوجه الحديث متمثل في العمل على تنمية الموارد البشرية ومحاولة الاستفادة منها وتطويرها بشكل فعال و مؤثر لينعكس ذلك بشكل فعال على بيئة الشركات و المؤسسات خاصة في ظل التغيرات الاقتصادية في عالم الاعمال.

يعتمد بقاء العديد من الشركات والمؤسسات على استعدادها وقدرتها على التكيف مع هذه التغييرات التي تطرأ في عالمنا اليوم و الاستفادة منها وذلك من خلال رأس المال الفكري تكون الشركات قادرة على التكيف بسرعة مع التغييرات وتظل قادرة على المنافسة في عالم الاعمال. حيث اصبح رأي المال الفكري مصدرًا للميزة التنافسية بسبب تأثيره وقيمته المضافة، لذلك الإدارة التقليدية في الشركات أو المؤسسات لن تبقى للأبد، لأن الفكر الموجود في الشركة او المؤسسة ما لم يُستثمر ويصبح رأس مال الفكري ذو إهتمام ورعاية لن تكون الشركة قادرة على خلق ميزة تنافسية لها وبالتالي تفشل.

لذلك على الشركات والمؤسسات التي تطمح للنجاح و التميز التركيز على تعزيز ثقافة الشركة و المؤسسة و دعم بيئة العمل التي تمنح الفرصة والتطوير لموظفيها لتحسين الكفاءة وتحسين الإنتاجية وإضافة قيمة وميزة لها تمنحها الاستمرار والتقدم.