هل الشغف شرط، للإستمرار في الوظيفة؟ أم أنّ هنالك أمور أهم تدفعنا للإستمرار
في رحلة البحث عن وظيفتي الأولى، كان لدي تطلعات عدّة تخضع بمعظمها لفكرة العمل في ما تحب وتبدع. لذلك عندما يسر الله لي وظيفتي الأولى لم أكن راضية عنها بالشكل الكافي، ولم أدرك جمال ما خضته فيها الا بعد أن تخليت عنها وتركتها بحجة فقدان الشغف.
العمل فيما تحب وتبدع أمر مهم جدا، ولكنّه في معظم الأحيان ليس في متناول اليد، في معظم الأحيان أنت تعمل في الوظيفة التي يسرها الله لك، ووجد صاحب العمل أنّك ملائم لها.
وحقيقة لا عيب في ذلك!
فبعيداً عن كل ما زرعته السوشال ميديا، وبعض الكتب في رؤوسنا عن أنه لن يمكنك تحقيق السعادة دون الولوج في عمل تحبه -بغض النظر عن متطلبات سوق العمل- إلّا ان العمل في وظيفة لم تكن ضمن خطتك واطار طلعاتك ليس بذلك السوء، بل دعوني أقول أنه جيد حتى!
أنت في عملك شخص منتج، يساعد على نماء وطنه وفق ما يحتاجه هذا الوطن، تؤمّن موردك المالي بنفسك فتحقق استقلاليتك وتريح كاهل شخص تحبه من همك وإعالتك.
وفوق ذلك قد تكون هذه الوظيفة التي لا تتناسب مع مقاس أحلامك هي المفتاح نحو تحقيق هذه الأحلام.
فأنت مثلا لن تستطيع خلق عملك الخاص من فراغ بل ستحتاج لرأس مال تبني فيه هذا العمل، وهذا ما ستؤمنه لك وظيفتك التي لا تحب.
لن تستطيع بناء بيت أحلامك، نشر كتابك، أو الزواج من الفتاة التي تحب دون وظيفة تحقق لك المؤهلات التي تمكنك من تحقيق هذه الأحلام.
نحن لا نضيع أعمارنا في وظائف لا نحب، بل في الحقيقة نصنعها، ومع الوقت ستصبح هذه الوظيفة التي لم تحبها جزءاً منك تحبه وتسكب فيه من قلبك.
لا ضرر في أن نحلق بطموحاتنا عالياً، لا ضرر بأن نتطلع دائماً للأفضل، ولا ضرر أن نستمر دائما بالبحث عن وظيفة أحلامنا دون كلل او توقف.
ولكن أثناء مسيرك نحو الهدف لا تكن جاحداً، لا تنكر فضل الأسباب التي هيئت لك، ولا تنظر اليها بعين النكران والكراهية. هذه الوظيفة التي لا تحب تستحق منك الحب. لأنك يوماً ما ستكتشف أنها كانت داعمك الأول في طريقك نحو الحلم.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات