ملكوت الله ينبع من أعماقك

ملكوت الله ينبع من أعماقك ولكن لابد من بذل جهد هائل لتخرج هذا الملكوت

يؤكد "كولن ويلسون" أن الإبداع يشبه بحد ذاته عملية صعود شاقة لجبل كبير، لا يصعده إلا من يمتلك القوة والجلد، حيث يتساقط الضعفاء على سفحه.. هؤلاء الكتاب الذين يستطيعون تسلق جبل الإبداع هم وحدهم الكتاب المبدعون والجيدون. وكثيرا ما نتسأل هل الكتابة موهبة أم حرفة، وتنوعت الأراء كثيرا حول ذلك، ولكن مما لا شك فيه أن الكتابة يمكن أن تكون مع الوقت حرفة، لكن الموهبة هي التي تميز كاتب عن آخر.

الموهبة، ذلك الإلهام الفطري الذي يمتلكه الكاتب، فتجعله يرى الأشياء بعين تختلف عن أعين الآخرين، ومن ثم وصفها بكلمات وأسلوب يتميز أيضا عنهم. ومن هنا وجد الإبداع. وعلى حد قول "برنارد شو" فإن "ملكوت الله ينبع من أعماقك ولكن لابد من بذل جهد هائل لتخرج هذا الملكوت".

هل قرأت يوما عن متعة السفر؟ موضوع كهذا مثلا يمكن أن يتناوله العديد من الكتاب، ولكنك تجد من بينهم كاتباً واحداً فقط هو من تميز في وصف إحساسه بمتعة السفر، بل ونجده يأخذنا معه بالكلمات والعبارات خارج الزمان والمكان المتواجدين فيه، ويذهب بنا إلى حيث يحكي لنا ونرى بقلمه تلك الاماكن التي يصفها بسهولها ووديانها. فهو يأخذنا من النهار إلى الليل ومن الصيف إلى الشتاء. يأخذنا إلى حيث رأى هو بخياله. ونخرج من عملية القراءة مفعمين بالرؤية الواضحة والإحساس العميق الذي أجبرنا الكاتب على الخوض بداخله. مع العلم أنه أحيانا، بل غالبا لم ير ذلك المكان من قبل، بالرغم من وصفه لنا بدقه.

ولن نذهب بعيدا، فعميد الأدب العربي "طه حسين" من أبرز الدلائل على ذلك، فقد رأينا في كتاباته عالماً لم يره بعينيه، ولكن تملكته ملكة كتابة عظيمة، وجعلت منه شاعرا وأديباً وناقداً ومعلماً لأجيال عديدة. فكان يرى بخياله ما لم تبصره عيناه، وكان يمتلك البصيرة التي كانت تصف لنا أدق التفاصيل والأحاسيس، لإنه موهوب بالفطرة، وأثقل موهبته بالعلم، فأصبح من أهم المبدعين في التاريخ الحديث. وعلى أية حال لن يسعنا الحديث هنا باستفاضة عن كاتبنا الكبير، ولكن لم يكن في مخيلتي أعظم منه، حتى أطرحه كمثال بارز لحالة من الإبداع الفطري التي لولاها لما استطاع أن ينقل إلينا فيضه من خلال كتبه ومقالاته.

وفي الآونة الأخيرة، ولأن الحال الإبداعية أصبحت مرتبكة، تطوع العديد من الكتاب ذوي الخبرة، لإعطاء المبتدئين بعض النصائح التي تساعدهم على خوض تجربتهم الإبداعية، في محاولة لتدريب أنفسهم على الكتابة بشكل أكبر، ووضع قواعد وخطوات يسيرون على دربها، للوصول إلى اللحظة الإبداعية المطلوبة، كمان اجتهد البعض لوضع بعض التمارين لحث العملية الإبداعية على التدفق، ونذكر هنا الكاتبة الإنجليزية ذات الأصول الألمانية "ماري جاكش"، التي تعيش في نيوزيلاندا، وهي في الأصل طبيبة نفسية اتجهت للكتابة والتأليف، وقد كرست بعض وقتها لتدريب الكتاب الجدد على أصول الإبداع، فقدمت لنا بعض التمارين الخاصة بالكتابة الإبداعية، سنذكرها لكم في السطور التالية.

أولا: 7×7×7 :

قم بالبحث في رف كتبك عن الكتاب رقم 7، ثم افتح الصفحة رقم 7 وانظر إلى الجملة السابعة في الصفحة. إبدأ من هنا في كتابة قصيدتك أو موضوعك، بحيث لا تتعدى السبعة أسطر على الإطلاق.

ثانيا: القاموس:

افتح قاموسك على أي صفحة بشكل عشوائي، وابحث عن كلمة لا تعرف معناها. ثم قم بكتابة معنى وتوصيف لتلك الكلمة. كرر هذه العملية كثيرا.

ثالثا: المرة الأولى:

صف أول مرة.. قبلتك الأولى، قطتك الأولى، أول يوم لك في المدرسة.. إلخ. كل تلك الأشياء ستصنع قصصاً ممتازة.

رابعا: لغز المجلة:

احضر إحدى المجلات، واقتتطع العبارات، الكلمات، والصور المثيرة للإهتمام، ضعهم في وعاء، ثم اغمض عينيك واختر قطعتين من تلك القصاصات. اكتب قصة قصيرة تتعلق بهاتين القصاصتين بحيث لا تزيد عن 250 كلمة إطلاقا.

خامسا: أطلس جغرافي:

افتح الأطلس الجغرافي على خريطة العالم، ثم قم وأنت مغمض العينين بوضع إصبعك عليها. افتح عينيك ثم قم بالتظاهر بإنك كاتب رحلات، وأطلق لخيالك العنان. ابدأ في الكتابة عن تجربتك أثناء رحتلك في تلك البقعة من العالم.

سادسا: بع حيوانك الأليف:

قم بكتابة إعلان لبيع ثعبان (حية) على أنه حيوان أليف، ويمكن تربيته في المنزل!

سابعا: قل مرحبا لنفسك:

اكتب رسالة إلى نفسك في المستقبل، ماذا تريد أن تقول ؟

ثامنا: جد قصيدة:

ابحث عن اثنين من الإعلانات في أي مجلة، ثم قم بكتابة قصيدة أو موضوع قصير يعتمد على كلمات الإعلانين فقط.

تاسعا: أنا أتذكر:

قم بكتابة فقرة تبدأ بعبارة "أنا أتذكر"، ثم اترك ذاكرتك لتملي عليك ما تكتب.

عاشرا: بدل شخصيتك:

قم بكتابة قصة قصيرة بصيغة المتكلم، تخيل نفسك شخصا آخر من جنس آخر، وجنسية مختلفة، وعمر مختلف.