ما زاد عن الحّدِ انقلب للضّدِ.. هكذا العقل، لا تحاول أن تُعمِله فوقَ طاقتِه. لا تحاول أن تطلق العنان لأفكارك؛ فتصبح أنت أسيرا لها.. وتصبح هي قيدك، وسجنك.
كثرة التفكير سجن لا نافذة له ولا باب ..
ليسَ عليكَ أن تُفكر ..
كلُ ما عليكَ هو أَن تبنى حولَ عقلك سُورا من " الا مُبالاة " تمتدُ جذوره إلى نواةِ روحكَ ، سور أولهُ هروبٌ وأخرهُ حياة ..
غريبة هذه الحياةُ فى أدقِ تفاصيلها ، ومؤلمة أيضاً - مؤلمة جداً - لأن التفاصيل تحتاج الى جهد أكبرَ من أى جهد ، تستهلكُ روحكَ فى البحث عنها ، تحملكُ عبءَ السيرِ على حافةِ الطريق حيثُ ترى الزمانَ يمرُ ابطأَ من المألوفِ وحيثُ يكون قلبك كالطفلِ الصغير يَتمنى أن يلهو فى المنتصف ..
ستتأمل تصرفاتِ البشرِ العفوية ، وتفك شِفرةَ النظرات الساربة ، ستمضى بين البشر ترى الجميعَ ولا أحد يراك ، ستتنبأُ بأحداثِ المستقبل - من التسلسل المنطقى للأحداث - وترى الماضى من عين أبٍ وحكيم ، سترى الحياةَ بمعنى أخر غير ذلك المعروف ........ وستشعر بكل شىء ..
ولكنك فى المقابل تَدفعُ ثمنا كبيراً جداً الحياةُ اشبه ما يكون بليلٍ ساخرٍ ، يُريكَ قمرًا جميلاً ذا خدين وَرديين ضحوكين فى السماءِ ، وصفحةٌ شاسعة رائعة من نجوم لؤلؤية بيضاء . ولكنه لا يريك الظلام ؛ تلك العيون الباكيةُ والقلوب المتأوهة فى صمت ، لا يريك اشرس معاركِ الحياة بين أقوى وأسعد البشر وأنفسهم .
كثرةُ التفكيرُ تجعلك بلا حياة ، وتجعلك تفقد كل شىء رُغما عنك ، ستتألم كثيراً جداً دون أن تنطق كلمةً واحدةً ، وستتحدث إلى نفسك كل مساء وكل صباح وكل وقت ، ولكن لن تستطيع الحديث مع غيرك ؛ ستفقد القدرة على الحديث ، ستتعثر حروفك وتتلعثمُ أمام الناس ، وستفقد أيضاً قدرة التعبيرِ عن نفسك وما تُريد، ستكون أفكارك محل سخريةِ الجميعِ لأنها أعمق منهم جميعاً ، ستصل إلى مرحلة تفقدُ فيها القدرة على الابتسامِ والضحك ، ستجلسُ وحيداً فى غرفتك عدةَ سنوات لا شأن لك بالعالمِ ولا هو ذو شأنٍ بك ، ستبتعدُ كثيراً وتغيب كثيراً ، ستنسى كلُ شىء وتذكرُ كل شىء ، وستثورُ لأتفه الأسباب وتغضب وتحزن وتهرب وتعودُ لتحاول من جديد ..
حياتك القديمة ماتت مع أول عزلةٍ لك ، كلُ ذكرياتك تلاشت وكل طموحاتك نسيتها ..
ولكن من بين أصعب الأمور التى مررتُ بها فى حياتى كان اليأس ،
هو بحق اشبه ما يكون بوحش داخلي شرس ينهشُ كل ذرةِ قوة أو طاقة فيك ، ويرمى بك فى ظلمةٍ أنت تعرفها جيداً وتعرف كل شيء حولك ولكنك تكون عاجزاً عن الحراك أمامها ، ستترك روحك وقلبك وجسدك بلا حول لهم ولا قوة ، وستكون أشبه بذَرةِ تراب عالقة ٍفى عاصفة .
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات