هل فكّرت يوما في أن يتحول العالم لمدينة زومبي حقيقية؟ أن يُباح كل ما تتمكن تخيله ، و أن تنام نهاية اليوم وأنت تعلم أن غد سيحدث شيء لم يحدث قط؟

الديستوبيا، قد يكون هذا اللفظ مصطلح جديد تقوم بسماعه للمرة الأولى الآن، وها أنا أسمع صوت عقلك يتساءل: ما قد تكون الديستوبيا؟ أهي نوع طعام؟ أهي أسطورة اغريقية؟ أهي مصطلح طبي قديم ؟ أهي مكان متطرف في هذا العالم الواسع؟


في الواقع، لقد اقتربت من الحقيقة بتساؤلك الأخير، مكان ما في هذا العالم الواسع، ولكنه ليس موجود في هذا العالم، وكيف لشيء أن يكون موجودا وغير موجود في آن واحد؟ أهذا نوع من الغموض ،أم المزاح ، أم التخيلات الغريبة التي نتخيلها من اللاشيء؟


ديستوبيا، أدب المدينة الفاسدة، صحيح، أدب، هي نوع من أنواع الأدب الخيالي، أي موجود وغير موجود، أدب المدينة المخيفة بشكل غير مرغوب فيه، الأدب الذي تتمنى أن لا تعيشه في يوم ما ومع ذلك تشعر ولو لثانية بأنه حولك في كل مكان، مُراقَب، لا يوجد مكان للعدالة أو الحرية هناك، فقط مجتمع مظلم ويزداد ظلمة بالفقر والمرض والجهل والفساد والاستخدام السيء لكل ما يحلو لك وسيطرة سلطة واحدة فقط على كل هذا الظلام، عندما تعلم كل شيء ولا تستطيع التفوّه بكلمة ، وعندما يظهر العالم في التلفاز على أنه أمثل العوالم، ولكنك تعلم الحقيقة، ولكنك لن تتفوه بشيء، لأن الحقيقة ستجعلك لا تتفوه أبدََا.


الديستوبيا لا تجعلك تتوقع الأسوأ وحسب، ولا تجعلك تشعر بأنك تائه في المليون شعور المتأرجح ما بين اليأس والأمل بأن ينصلح الحال، بل تجعلك مواطن منها، لتعيش في مجتمع فاسد ديستوبي ،يندمج معك اندماجا مُروّعا على الرغم من مُقاومتك له ، يريد أن يجعل روحك النقية ملوثة بمزيج كل شيء قبيح ، وعلى الرغم من شدة قساوة روايات الديستوبيا الا انها ستجعلك تنظر للعالم بنظرة جديدة تماما، و كلا ليس بنظرة سيئة كليََا ولكنها نظرة وعي وتعمق شديد، وحرص زيادة عن اللزوم وكأنك تريد أن تُحاط بقوقعة العالم النقي ، تعرف خبايا العالم، ولكنك لا تزال لا تعلم كل شيء.


لذلك، ها قد فُتح لكم باب جديد لقراءة نوع مميز من الأدب، وعن تجربة متعلقة بي، فلا يوجد افضل من أدب الديستوبيا ليزيد عُمقك بالعالم، ولتزداد ثقتك بنفسك أثناء حديثك عن أرجوحة السياسة وعلم الاجتماع، ومع اقتراب 2021 ورغبة المعظم في وضع خطة قراءة فريدة من محتواها، اليكم بعض الكتب العربية والغير عربية التي تحتل مقعدا مهما في مقاعد المدينة الفاسدة:


1- يوتوبيا، لأحمد خالد توفيق، ذاك الفيلسوف العربي محبوب الجميع قد كتب أسطورة عربية في فن الديستوبيا لتصور المجتمع المصري والعالم أجمع ببشاعة ما قد يعيشه مستقبلا.


هؤلاء القوم يتظاهرون بأنهم أحياء، يتظاهرون بأنهم يأكلون لحما ويتظاهرون بأنهم يشربون خمرا وبالطبع يتظاهرون بأنهم ثملو وانهم نسوا مشاكلهم. يتظاهرون بان لهم الحق في الخطيئة والزلل، يتظاهرون بأنهم بشر - أحمد خالد توفيق، يوتوبيا


2- الصبيّة والسيجارة لبونوا ديتيرتر، واحدة من أروع علامات ادب الديستوبيا الذي يوقعك بين الشك والحيرة والامل والرجاء، يتهافت فيها عالم من المثل والأحلام ولكن الحقيقة تكون صادمة وثقيلة على ادراكك ، قد تجلس أيامًا لا تصدق كيف كانت النهاية بهذا الشكل المفجع.


3- 1984 لجورج أوريل ، قد تكون هذه أقسى رواية ديستوبية ستقرؤها في حياتك، وبعد الانتهاء منها سيرتبط في ذاكرتك ذكرى الأخ الأكبر، و وزارة الحب، و وزارة الحقيقة، والسلام، والوفرة ، أسماء جميلة أليست كذلك؟ سترى الأجمل بلا شك!


الحرب هي السلام الحرب هي العبودية الجهل هو القوة - رواية 1984 لجورج أوريل

لنكتفي بهذا القدر عن هذه الروايات الثلاث العظيمة، وعن الديستوبيا بشكل عام ، سأترك لكم الباب مفتوح للاطّلاع ،ولكن، إذا كنت تستطيع أن تعيش مواطنََا في عالم فاسد ولا تعلم ماذا يجري حولك، لا تعلم كيف تتصرف، تنصرف مع التيار العام، وتدفعك ضربات قلبك المتسارعة في كل نهاية صفحة أن تقرأ ما بعدها وأنت غير قادر على أخذ نفسك لدقيقة، فأهلا بك في عالم الديستوبيا.



منة اللّه
إقرأ المزيد من تدوينات منة اللّه

تدوينات ذات صلة