هل جئت هنا من أجل البحث عن حلول للتخلص من دوامة الانتقادات التي تُلاحقك؟ تابع معنا للنهاية!

في التدوينة السابقة بعنوان" دوامة الانتقادات" ، تعرفنا على العديد من العناصر، كتعريف الانتقاد، ما الدوافع التي تجعل الشخص مُنتقدََا، وكيف قد يكون الانتقاد نعمة ونقمة، في هذه التدوينة المُكمّلة للتي سبقَتها، سنتعرف على موضوعات جديدة ومطلوبة، وحلول فعّالة للجميع، فما الذي يجعل الشخص منتقدََا؟ وكيف يمكنني أن أتحول من شخص يتأثر بالكلام النقدي السلبي لشخص يتصرف مع الموقف بشكل سليم؟



ما الذي يخلق مُنتقدًا؟

عملية تحديد عوامل الانتقاد أمر ليس بمعقد أبدًا مثل ما يتوقع البعض أنه مسألة غامضة، غالبًا ما تكون عوامل الانتقاد في الفرد متأصلة منذ زمن طويل، بمعنى أصح عندما كان يستقبل كل شيء للمرة الأولى من العالم الخارجي المحيط به، و مرحلة اكتشاف العالم الخارجي هي الطفولة وأحيانا المراهقة كما نعلم، فتحدُث العديد من المواقف وتؤثر ملايين العوامل على الطفل أو المراهق مما تدفعه لممارسة الانتقاد لإرضاء حاجاته ودوافعه سواء كانت هذه الدوافع من التي تحدثنا عنها سابقًا أو دوافع أخرى فردية مختلفة عند الفرد.

  • الأسرة: من المتوقع أن تكون الأسرة هي أولى العوامل التي تؤثر على الفرد في جميع مراحل حياته، قد يعاني الأبناء من الانتقاد الشديد من والديهم واللوم المتكرر خاصة في مرحلتي الطفولة والمراهقة فلا يرى الطفل مُتنفسََا لإخراج طاقته السلبية سوى بطريقة انتقاد الآخرين مثل ما يفعل والداه معه، وهنا يأتي مفهوم أن الانتقاد دائرة مستمرة وغير منتهية، وقد يكون أحد الوالدين أو أفراد العائلة مشغول بالانتقاد الدائم للآخرين، وبالتالي يستطيع الطفل أن يتشرّب هذا الفعل من ذاك الشخص، وخاصة إذا كان هذا الشخص يمثل قدوة كبيرة له، فيتّبعه في الفعل والقول.


  • المؤسسات التعليمية: يمر الأطفال والمراهقون في مراحل التعليم والدراسة بالعديد من المواقف والأشخاص الذين يشكلون ويغيرون مسار تفكيرهم وسلوكهم، فقد يكون المعلم كثير الانتقاد لتلاميذه، أكبر مُسبب لإنتاج نُقاد جدد على الساحة، فعندما يقوم المعلم أو أحد أعضاء هيئة التدريس بإكثار النقدد والتعليقات السخيفة مع الطلاب وخاصة إذا كان نقدًا من النوع القاسي الذي لا يُذكر فيه أي محاسن أو ايجابيات، يقتنع الطفل بأنه سيء وتَقل ثقته بنفسه ويمتلئ بالطاقة السلبية، والتي سيفرغها أيضا عن طريق ممارسة الانتقاد، كما أن التنمر الذي يجري بين الطلاب في المدارس والجامعات لأسباب عدة يوطّد من الشعور بقلة الحيلة وانعدام الثقة بالنفس، ويزيد من مساحة الطاقة السلبية، فالمتنمرين واجهوا تلك المواقف أيضًا وما يقوموا به هو إفراغ للطاقة.


  • الأصدقاء: يرى أغلب البشر أن رُفقائهم هم أكثر الناس الذين يمكنهم مشاركة أفكارهم معهم بأريحية و دعم إنجازاتهم، وخاصة في مرحلتي الطفولة والمراهقة، حيث أنه يشعر باتساع دائرة معارفه مع اكتساب أصدقاء جدد، ولكن ليسوا كل الأصدقاء بداعمين حقيقيين لبعضهم البعض، فقد تجد أغلبية الأصدقاء ينتقدونك بلا سبب أو هدف في فترة من الفترات، بنيّة أنهم يريدون التحسين منك، فتسعى للاجتهاد لتصل لما يريدونك عليه، وقد يكون ما يريدونك عليه أمر خاطئ، وقد يكون صحيح، ليست تلك العُقدة الحالية، بل عملك على تغيير نفسك الى ما يريدونه سيظل لا يعجبهم، فهم لا يدركون ثقافة الاختلاف، وسيكملون انتقادهم إلى لأن يبتعدوا عنك، سيؤذيك ذلك بدنيًا ونفسيًا، فيؤدي للشعور بالإحباط وعدم تحقيق نموذج الصداقة المثالي، و قد يتجه الفرد بعد ذلك للوحدة و كُره الآخرين وعدم الثقة بهم مما يؤدي لانتقاده لهم بكل سهولة، دائرة كبيرة وأسبابها أكبر !


  • ظروف وتقلبات الحياة: عادَة الحياة، أن تفاجئنا بالعديد من مواقف الصعود والنزول، فهي ليست ثابتة، ولكن أيضًا ليسوا كل الناس على المستوى نفسه من الثبات الانفعالي والثقة بالنفس، لذلك تحبطهم هذه المواقف و تُفقد عزمهم في باقي الأمور، وطبيعة الإنسان أنه لا يريد الشعور باللوم، فيقوم البعض بتعليق مواقف فشلهم واحباطاتهم على علّاقة الظروف الأخرى، كالمجتمع والأسرة وغيرهم، و يبدأ بنقد كل ما حوله، على العلم أنه لو حاول من جديد مع إدراك الخطأ أو تحسين مستواه أو اتباع طريق جديد، فلن يحصل كل ذلك، ولن يضيع وقت كبير من حياته ،لن يخسر المجتمع انسانًا طموحًا، ولن يتحمل المجتمع أعباء المزيد من النقد، أليس هذا واقعنا؟


  • عدم الاهتمام بنشر ثقافة احترام الآخرين: فأغلب المجتمعات في الحقيقة تُعاني من عدم وجود احترام متبادل بين جميع أفراد الشعب مهما كانوا عليه من ثقافة، عرق، جنس، دين، أو حتى منهجهم في الحياة، فسترى البعض ينتقد مجموعة معينة بسبب رأيهم الذي لا زال لا يضرهم، و ترى الآخر ينتقد حياة شخص ما بسبب دينه، وترى طبقة تنتقد طبقة وشخصًا ينتقد مشهورًا لأنه لا يفعل ما يتماشى مع معتقداته، وترى رجالاً ينتقدون نساءً، و كباراً ينتقدون أطفالًا لأن لهم الحق في ذلك! لا تسري الأمور هكذا في الحقيقة، والسبب يرجع لكل هذه العوامل السابقة التي ذكرناها، فان لم يعلم الآباء والأمهات وكل مسئول في المجتمع أبنائهم على احترام الآخر، لما خرج المتنمرون والمنتقدون للواقع، و لو قامت مؤسسات التعليم والمؤسسات الثقافية والدينية بنشر ثقافة احترام وتبادل الحوار بأريحية مع الآخر ،ما كنا الآن نتحدث عن موضوع الانتقاد من أساسه.


و ماذا قد يكون الحل كي لا أتأثّر بالانتقادات المُوجهة لي؟ و كيف أستطيع مواجهته بشكل صحيح؟

إن فرصة عدم تعرّض شخص ما للانتقاد في حياته ضئيلة جدًا، فالبشر لا يتشابهون فيما يريدوه وما لا يريدوه، و هذا لا يعني أن تنفذ ما يريدوه وتهمل ما تريده أنت، ولكن كل الأفعال والأقوال مُعرضة للنقد في الحقيقة، فقد تُناسب ميول البعض وقد لا تناسب آراء الآخر، لذلك فهو أمر واقعي في حياتنا، و لكي نكون أكثر مرونة مع النقد، هُنا خمس نصائح بسيطة نستعرضها في نقاط مُختصرة لتسهيل التعامل مع الانتقاد وحل مشكلة الخوف منه:


تنمية الثقة و حُب النفس وما تفعله: حيث أن شدة الاهتمام بالانتقادات تدل على عدم الثقة بالنفس، ويسبب ذلك التعب الجسدي والنفسي المتواصل، لكي تُنمي ثقتك بنفسك، عليك الإيمان بأن ما تقوم هو أمر تحبه وتهتم بتحقيقه، و أن لك القدرة المميزة والمختلفة والخاصة بك، و أن الاهتمام بأقوال الناقدين هو مضيعة للوقت ، فهم ينتقدونك مضيعة لوقتهم أيضًا، لذلك لا تُخفي ما تصنعه، وكن واثقًا منه، فذلك يخيفهم.


عدم التفكير الزائد في كلامهم: لن يزيدك ذلك معرفة أو تطويرًا أو حتى خبرة، لذلك فقط تجاهل التفكير في الأمر، فكل ما يقولوه يرجع للأسباب القهرية التي ناقشناها، فمن أراد ودّك، لن ينتقدك بأسلوب سيء، ومن أراد معاناتك فسيفعل بالطبع، فإذا كنت تريد المحافظة على صحتك النفسية والجسدية والعملية، تجاهل.


الرد بأسلوب يعكس شخصيتك: لا يحب المنتقدون أن ترد عليهم بأسلوب محترم أو مهذب، فهم دومًا ما يريدون الشجار معك لأسباب سطحية، و إن كنت تريد الاجابة عليهم فليكن بطريقة مهذبة عقلانية تُلزمهم على احترامك أو تجنبك، ومن الأفضل تجاهلهم في الحقيقة، سيجعلهم ذلك يتمادوا قليلاً، ولكن حالما لم يجدوا منك ردًا، سيتركوك ليعثروا على ضحية أخرى.


إشغال نفسك بمهام أخرى: فلو شعرت أنك مُحاصر بسحابة نقد سلبي كثيفة فوق رأسك، اتّجه لنشاط جديد، وانغمس فيه بوقتك و جهدك و عقلك، فسرعان ما سيتجه عقلك وقلبك للعمل الجديد، و حتى لو كنت تفكر في الانتقاد أثناء نشاطك الجديد، فهو ليس بنفس القدر الذي كنت تفكر به عندما كان معظم وقتك فارغًا.


التركيز على الإيجابي أكثر من السلبي: فعندما تكن مُحاطًا بالتعليقات الإيجابية وطاقة الدعم المستمرة" لا يهم إن كانت قليلة أو كثيرة" لكن في الواقع، هذه هي الطاقة التي ستساعدك في عيش حياتك، فالنفس دائمًا تحب ما يقدرها، و دعم وإيجابية من يحبونك بصدق هو المطلوب، أما عن النقد، فإن كان غرضه للتطوير وتصحيح الأخطاء فهذا يدل أيضًا على اهتمامهم بعملك، أما إذا كان غرضه الإيقاع بك في عالم السوداوية والتشاؤم، فلا تنجرف، فهذا نفق مظلم طويل يصعب الخروج منه، فاسمح للايجابية أن تكون حولك دائمًا، ولا بأس لو واجهتك مواقف النزول للقاع في يوم من الأيام، ولكن لا تسمح لهم بالتمُلّك منك!


ها نحن في نهاية التدوينة، و هذه بعض الأقوال البسيطة عن النقد والانتقادات من أشخاص ناجحين في عالمنا:

النقد مثل المطر ينبغي أن يكون يسيراً بما يكفي ليغذي نمو الانسان دون أن يدمر جذوره. - فرانك كلارك
سئل حكيم عن أفضل نصيحة يمكن توجيهها للشخص المتردد، فقال: افعل ما تشعر في اعماق قلبك بأنه صحيح لأنك لن تسلم من النقد في كل الحالات!.


مجالسة الحكماء تقلل من تأثير النقد السيئ عليك، وتثنيك عن كثرة النقد للآخرين. سليمان العودة


معظم الناس يفضلون ان يقتلهم المدح عن ان ينقذهم النقد. نورمان فنسنت بيل


منة اللّه

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات منة اللّه

تدوينات ذات صلة