رسالة لكل قارئ: اقرأ هذه التدوينة بعقلك وقلبك معًا، دون حكم على ذاتك أو جلدها.
الكثيرون يمرّون بمواقف من الخذلان، يواجهون هذا الشعور كأنه يخنقهم من الداخل، يلتف حولهم كالحية، هو شعور يصعب وصفه بالكلمات، شعور يجعلك تتساءل: لماذا؟ وكيف مرّت عُون بهذا الشعور، لكنها قررت هذه المرة أن تواجهه وتتحدث إليه وجهًا لوجه...
المشهد الأول:
جلست عُون أمام النافذة، تحدّق في السماء، تتأملها بين حنين واشتياق لذكريات تؤلمها، كانت قد مرّت اليوم بموقف مؤلم... أرادت الذهاب إلى صديقتها المقربة لتتحدث إليها، لكن... أين هي؟ فقد خذلتها. وكانت تلك الضربة منها تحديدًا... كسرة كبيرة بالنسبة لعُون، أعادت عُون النظر إلى السماء، واسترجعت تلك الذكريات التي كانت تجمعها بصديقتها، تلك التي لم تعد هنا...
المشهد الثاني:
قامت عون من أمام النافذة، واتجهت إلى سريرها، تفكر وتسترجع كما اعتادت قبل النوم.
نظرت إلى سقف غرفتها تتأمله، وتفكر فيما حدث سابقًا، وكيف أنها لا تزال تشعر بمرارة الخذلان من صديقتها، وفجأة، وفي وسط تأملها، ظهرت دائرة صغيرة، خرج منها شعاع أسود اللون، وجاء منه صوت يقول:
"أنا هنا..."
المشهد الثالث:
قامت عُون بلهفة لتنظر، وإذا بالخذلان أمامها... يخرج من تلك الدائرة الصغيرة، وينزل ليجلس إلى جانبها، كان يرتدي عباءة رمادية اللون، يبدو عليه الإرهاق الشديد، لكنه يبتسم ابتسامة خفيفة...ابتسامة رغم أنها بدت طبيعية، إلا أنها أظهرت ما به من وجع وضعف.
عون: كيف حالك؟
الخذلان: كما اعتدتِ عليّ... مرهق!
عون: أريدك أن تكون في حالٍ أفضل.
الخذلان: وكيف لي أن أكون أفضل، وأنا أشعر بالخزي الشديد مما حدث؟
عون: أعلم أن ما مررنا به كان مؤلمًا، لكن لم يكن بأيدينا.
الخذلان: أعي هذا جيدًا... لكنني لم أكن أنتظر ما حدث. كنت أتمنى أن تستمر الحياة بيننا، كنت أريد في لحظة حزني هذه أن يكون في استطاعتي الاتصال بها والحديث إليها.
عون: أعلم أن هذا ما يؤلمك، لكن أريدك أن تُدرك أمرًا آخر: ما حدث، كان لا بد أن يحدث.
هل كنت تريد أن تستمر خديعتك؟
الخذلان: لا، بالفعل لم أكن أريد ذلك. أعلم أن ما حدث كان ضروريًا، لكن الشعور ما زال يؤلمني.
عون: أريدك أن تستمع لصوت عقلك، لا قلبك، أريدك أن تنضج، أن تجد في هذا الألم وسيلة للخروج بحكمة.
الخذلان: وما الحكمة في هذا الوجع؟
عون: الحكمة أننا لم ننكر وجعنا... الحكمة أننا تعلّمنا أمرًا مهمًا: أن لا نعطي قلوبنا بالكامل لأحد، أن نعتمد على أنفسنا، وأن نحبها أكثر من أي شيء.
الخذلان: لم أفهم شيئًا مما تقولين!
عون (ضاحكة): بل تفهم... لكنك تُحب أن تعيش داخل هذا الألم.
الخذلان: لا، أرجوكِ... أخرجيني من هنا. (يضحك أيضًا)
عون: إذن، سأمسك بيدك... ليس بيدي حيلة. (تضحك)
الخذلان: أُسلّم إليكِ نفسي... خذيني إلى نور الألفة والاستئناس بالذات.
عون: عليك إذًا أن تسجّل حديثي هذا في دفتر عقلك الواعي، وغير الواعي...عليك أن تبحث عن السلام في داخلك، أن ترى الأمور كما لو أن كل شيء يحمل خيرًا في طيّاته، ما يحدث لنا ليس صدفة، ولا شيء عابر، بل لحكمةٍ تُعلّمنا وتُنهينا إلى نُضج، تذكّر دائمًا: الحياة ليست عادلة، لكن الله عادل، تعلّم أن شعورك طبيعي، لكن لا يجب أن يستمر معك مدى الحياة، عِش ألمك وقت الحدث، وخذ منه العبرة، ثم امضِ في طريقك...أعطِ لنفسك فرصة لتجد في هذه المحنة السلام النفسي والأمان الذاتي....حتى لو خذلك الجميع، لا تخذل نفسك، ولا تتركها وحيدة، هل فهمت ما أقول، أم أعيد؟ (تضحك)
الخذلان: الآن فهمت.. أنتِ تطلبين مني ألّا أخذل نفسي بالتفكير فيمَن خذلونا، أن أستمر، وآخذ العبرة، وأكمل الطريق بدرس يجعلني أعلو... لا أتراجع.
عون: أحسنت! ستحصل الآن على جائزة "أفضل شعور فهمني أخيرًا"! (تضحك)
الخذلان: إذًا، هذا وقت الانصراف.. ينتظرني هناك شعور الأمان والراحة...إلى لقاءٍ جديد... في يومٍ أكثر سعادة وتأمل. (يغمز)
المشهد الرابع:
شعرت عون في هذا الوقت إن جواها طمأنينة...حبت تشارك اللحظة دي مع نفسها، فمسكت دفتر يومياتها، ورجعت بيه على السرير، وأخذت قلمها، وكتبت:
"إلى نفسي العزيزة...أنا بحبك زي ما انتي، مش محتاجة تـكوني غير نفسك، ومش لازم تـخبي أو تتداري من أي شعور بتحسي بيه، بس لازم تكوني فاهمة...أي حاجة بنحس بيها، نقدر نحتويها ونحضنها، لأنها جزء مننا، مينفعش نهرب منها، لأن الهروب بيخليها تكبر وتوجع أكتر، شعورنا بالخذلان ده طبيعي جدًا،بس مينفعش نفضل متوقعين إن اللي حوالينا دايمًا هيحسوا بينا أو هيتصرفوا زينا، حتى لو عدينا بنفس الإحساس تاني، عادي... مش كل الناس هتفضل زي ما هي بس انتي، لازم تفضلي قوية، اطلعي من كل شعور أقوى، ومتخافيش من مشاعرك، بس حبّيها واحميها بعقل."
التعليقات