المهرب الوحيد لنا من هذه الحياة هو الخيال , والحافز الوحيد للمضي قدما هو الحلم , ماذا نحن بفاعلين حين تنكسر احلامنا بتتابع موجع

06.07.2022


معن ريان




لقد كانت الأحلام السبب في كل هذه الكآبة ، ربما لم اكن بتلك السطحية او بالواقعية المفترضة ، انغماس المشاعر وامتزاجها ببعضها تفقدك بصرك وبصيرتك ، ان اللوعة التي تأتيك من كل تلك التخيلات التي حلمت بها تكون قاسية الى حد لا يطاق خاصة اذا شهدت انكسارها و كيف هوت من اعالي منظروك الشاهق سقوطا الى وادي التوقعات المغلوطة من تفكيرك ، على ما يبدو لا نجاة لنا من هذا البؤس الذي يتملقنا بنظراته كيفما نظرنا ، انه يطرق كل الأبواب التي نغلقها اينما حللنا و كيفما أغلقت، حتى يدق قشرتك الخارجية اذ ما تقوقعت على نفسك وانفردت بذاتك حتى لا تظهر انكسارك للشامت و المغتر ، كي تحتمي بمظلة الكرامة من امطار عيون الناس المشفقة على حالك ، تكتشف كم انت بارع في التمثيل و تذهلك ملاطفتك للناس و مداواة المنكسرة قلوبهم ولا تملك حيلة لنفسك، ان الإكتئاب حين يضرب النفس لا يعني حزن ملامحه او تنافر الناس من حوله لسوء معاملته ، انما هو الوجه الضاحك والباسم ، كأن جبروت الملوك بيده و جبال قد صبت في ساقيه لثبات خطاه ، وترى حكمة لقمان حين يشق كلامه مسمعك ، لكنه التائه المغترب في كينونته التي اضاعها واقدامه كعيدان القش سهلة الانكسار رغم عكس ما تبدو عليه ، قد تذهلك كم الصدمات التي تلقاها ولا زال واقفا على قدميه ، لكن الحقيقة هي انه " انطفأ" حتى لم يعد للألم من متسع يسكنه ...

اصبح حديث نفسه اشد صخبا عما كان و كأن احدهم يهمس في اذنه على مقربة تكاد شفتاه تخدش اذنه، يسأل دون اجابة و يحرض نفسه على نفسه فيقول متسائلا : اما آن الآن لك ان تنفجر ؟ اما آن الوقت لتخبر احدهم ؟ ومن سيسمع؟ واذا سمع ماذا يجيب ؟ ماذا يفعل لي و لقلبي ذو حظه العاثر ؟ يود لو ان يربت على كتف نفسه و يحضن قلبه كرضيع بين ذراعيه ، ان الحب احد اسباب هذه النتائج لكنه ليس الوحيد بل كان الضربة الموجعة والفاجعة الأعظم في مسيرته القصيرة ، كم يرمي الحمل على الزمان عله كفيل باستشفائه وكم يبذل جهدا مقاوما كل ما قد يودي بحياته الى التهلكة اكثر ، ويتساءل ماذا بقي للجحيم لتحرقه ، جاهد الذل مرارا وما اكثره و نهشت من جسده غربة الأوطان وقضمت من حياته قطعة عجيبة ولم تخر قواه الا من روح ملائكية كأنها اقتلعت من بين حنايا الروح واضلعه والقهر يلفح صدره العاري حتى سلبه بريق عيناه وانهار دفعة واحدة ، عجبت كيف يكون الانسان سقيما بلا ملامح و كيف القلب يئن و يضرب الصدر متوسلا كضرب المدافع ، ترى صدرك كيف ينتفض ، غير ناسيا ذكر كيف تغزو نقرات في الصدر كأنها دبابيس تطعن على حين غرة ،لكن مهما ظهر الوجع تبقى الكدمات الأصدق هي التي لا تُرى، تلك التي تصرخ ما بين الضربة الأولى والثانية من نبضك و ابواب القلب الأربعة كأنها افواه لا تنطق الا وجعا ....


معن ريان

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

نص رائع جدًا

إقرأ المزيد من تدوينات معن ريان

تدوينات ذات صلة