فكرة شريدة جاءت ترش الماء في عقلي لبدء صباح يوم جديد.


جائتني فكرة ذات صباح ولا أعرف صدقًا لما الأفكار الودودة تزورني صباحًا ولكن عامةً كانت خطةٌ للتقاعد _عندما أتقاعد إن شاء الله_.

كانت من نوع الأفكار المكسوة بالقهوة.

هَمَست لي بأني في سن التقاعد سأفتتح محلًا للمخبوزات أو للحلويات البسيطة التي ستمسي قديمة آنذاك, لعله فقط سيكون محل للكاب كيك يقدم بجانب القهوة العربية.

سأفتتحه أنا وأنت.

بعد صلاة الفجر و وردنا سأذهب أنا بإسدالي أشعل ال ... كيف لن يكون هناك راديو عندما نشيب!!!!

إذا أنا لم أُعاصر الجرامافون كيف سيكون عندما نكبر؟؟!

سحقا ,سُحقت الفكرة!

عموما سأحرص على أن أحتفظ براديو من الأن حتى أشغل عليه حينها "عبد الباسط عبد الصمد" مع قهوتنا الصباحية وفطورنا البسيط كما أعدت في بيت جدتي القديم.

ومن ثم سأناولك العكاز وسأحول ذراعك الأخر إلي عكازٍ لي, لعلك ستصيح مرة بأنك أصبحت لا تقوى وأن ثَقُلَ حملي عليك, فنمزح وأستند إلى عكازي الخاص.

نسير بضع خطوات من بيتنا ونفتتح المحل وأسمع صوت ظهرك يطقطق فأقول :(شبت يا راجل؟) فترد سريعًا (الهوى شيبني!) لعلي سأكون تركت عادة الضحك على استحياء فأقول :( أسحب كلمتي ,لا شبت ولا حاجة! لساتك بكاش.)

سأنظم بعض الطاولات بهدوء وأطمئن على ما تضمه الرفوف من الكتب, أراجع كشف الاستعارات وأشعل البخور.

بينما تذهب أنت إلى المطبخ ,تدون ما نحتاج لبدء يوم جديد, وتهتف بأن أذكرك بطلب الدقيق لأن مخزوننا منه ينفذ فأجيب : دماغي بقت على قدي ,اكتب عندك!

ومن ثم يأتي العامل الصغير.

ربما سيكون في منتصف العشرينات ولكن في نظري أنا وأنت هو صغير, صغير جدا بحجم المولود.

يعتذر عن عادته في التأخر ويبدأ العمل . أنا وأنت سيكون مر 6 أعوام على افتتاحنا إياه, فنجلس على الشرفة بينما يأتي العملاء ويرحلون سريعا ,وأنا وأنت نحسب أن الوقت أزلي!

أذهب لأعدل على العامل الصغير وأعطيه التعليمات المكررة ليكون الطعم دافئًا وأعود.

وقتنا يمر ببطء, ننظر في اللا شيء, واحيانًا تتغزل فيلمحنا صغار الشباب فيضحكون ويرمون النكات السخيفة فلا نعبأ.

أحيانا يجالسونا ,بل الأكثر أنهم يأتون المحل لأجلنا, ليس مستبعد أن نحدثهم مره عن فترة كرونا وكيف أن الأمر بدأ بخفاش وانتهى بألاف الموتى.

نتحدث عن الله وأشياء آخرى.

يمر الوقت ببطء ,أنا و سبحتي العتيقة في يدي وأنت معك ال.. لا أعرف ماذا سيلازمك,لعلها أنا!, ولكن نظراتك لن تتغير وصوتك سيمسي مستهلكًا يخرج كالخرقة البالية وسأحبه.

يأتي العامل ويقول شيئا يزعجنا بسبب حداثة سنه وأنه كثير اللجوء إلينا, وبعد أن نجيبه ويرحل تقول: أنتِ السبب! الأيد البطالة نجسة؟ الناس بتتقاعد عشان ترتاح و أنتِ " يا طير; تعالى نفتح محل " !!

أنظر إليك ببرود العَجَزة : وكانت حتة فكرة !

فتنظر للسماء وتبتسم.

أهكذا السنون تذهبُ؟ أهكذا الحياة تنضب؟ أحس أنني أذوب، أتعبُ، أموت كالشجرْ.


فلتزوريني يا أفكار يا ودودة كل صباح .. عقلي سينثر لك الورود من الأمسية.


هاجر عيد

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

تدوينة جميلة بجمال كاتبها.....

إقرأ المزيد من تدوينات هاجر عيد

تدوينات ذات صلة