لحظات الانبهار بك نعم ستمضي وستنتهي في وقت ما من عيون العابرين بحياتك.. لكن صديقك سيظل منبهراً بك وبكل انجازاتك حتى لو كانت صغيرة وغير مرئية للجميع!
لدي أصدقاء سينبهرون من أقل شيء تفعله، حتى الأشياء العادية التي يفعلها الجميع حين تفعلها أنت ستكون بالنسبة لهم خارقة وتستحق التشجيع والاحتفال..!
لم أنس فرحة صديقتي واحتفالها بأي نجاح احققه كأنها هي من حققته ولست أنا..
ولا قولها لي "لا بأس" في أي إخفاق أو فشل أو سقوط..
ولا وقوفها بجانبي في أصعب وأحلك اللحظات..
لم أنسَ لها حين كانت تود أمي لمّا كنت خارج البلاد..
ولا شعور الاطمئنان والسعادة حين يخبروني أخواتي:
"صديقتك كذا اتصلت بي أمس لتطمئن على أحوالي.. والله بها الخير"
لشخص مثلي يحب كل ما يتعلق بأخواته فما بال بمن يودهم لأجلي؟
ولم أنسَ للآن في أول أسبوع لي في الجامعة حين افترقت عن تلك الصديقة الوحيدة.. كل منّا إلى مدينة بعيدة.. كانت تعلم أنني لا اتكيف بسرعة مع المجتمع الجديد.. لكنني لم أكن أعرف أنها ستأتي لي من مدينتها التي تبعد ثلاث ساعات حتى تكون معي في أول محاضرة في الجامعة تجلس بجواري كي لا تتركني وحيدة..!
-لم انساها لها أبداً-
حتى في خصامنا وخلافنا لا أجد منها إلا الخير.. الخير فقط..
الخير الذي يجعلنا أنا وهي ننسى أي خلاف ونعود إلى بعضنا..
يفطن كل منا عيوب الآخر ونتقبل بعضنا كما نحن..
لا نبحث عن المثالية!
لحظات الانبهار بك نعم ستمضي وستنتهي في وقت ما من عيون العابرين بحياتك.. لكن صديقك سيظل منبهراً بك وبكل انجازاتك حتى لو كانت صغيرة وغير مرئية للجميع!
هذا يذكرني بأمي في أول مرة صنعت فيها كيك عادي يصنعه ملايين البشر.. ظلت أمي تتحاكى عنه وعن روعة مذاقه وكأنني قد صنعته من الماس رغم أنني أعرف أنه أقل من العادي!
-إنها أعينهم التي تجعلك ترى أجمل ما فيك.. تجعلك تحب نفسك..-
إن الآية التي تجعلني أبكي كلما قرأتها..
"إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها"
يا رباه...
أريد أن أعرف يا أبا بكر شعورك حين نزلت تلك الكلمات تحكي عنك؟ أريد أن أعرف كيف هي السكينة التي نزلت عليكما في الغار.. كيف كان شعورها؟
كيف هي السكينة التي يمنحها الله لك ولصاحبك.. والجنود التي أيدكما بها؟
أي جنود لم تروها ولكنها اسكنتكم !
"لا تحزن"
ما أثر وقوعها على الروح حين تخرج من قلب صادق يحبك..
حين يمسك يدك بها.. يشد من أزرك يواسيك ويخبرك ألا تحزن وأن الله لن يترككما..؟
أتخيل الخوف وهو يعم في هذا الغار.. الكفار يلاحقونهم.. هما على شفا حفرة من الموت ليس هناك سواهما.. فإذا بصاحبه يمسك بيده ويخبره "لا تحزن إن الله معنا" ..
والله! كيف لشخص أن يترك بلده وماله وأهله ويذهب مع صاحبه المطارد بالقتل لحمايته..!
كيف صدقه ونصره حين كذبه الجميع؟
يا أبا بكر.. أيها الصِّديق كنت نورا يستضاء به، كنت نعم الصاحب الذي يُشَد به الأزر والشريك في الأمر،
الصاحب الذي به يذهب الخوف ويحل الاطمئنان.. الذي يفدي بالمال والروح.. كنت السند الذي يغني عن الأخ والولد..
علمتنا ماذا يعني صاحب ونقشت في قلوبنا مواقف قشعرت لها أبداننا..
علمتنا ماذا يعني أن يكذبك قومك وأهلك والأقربون لك ووحده صاحبك الذي يقول: آمنتُ بكَ.
هذا يجعلنا ننتقى الأصدقاء جيدا نفكر مئة مرة قبل أن نتخذ الصديق..
-الصاحب ساحب- جملة قالها لي أبي ذات مرة وعلقت في ذهني للآن.. هو إما يسحبك إلى طريق تضيء فيه ظلماتك أو طريق تهلك فيه روحك!
انظر للذي أمامك في المواقف.. وأي طريق يشد رحالك إليه؟
انظر إليه في الخصام قبل الاتفاق.. انظر له حين تسقط قبل أن تنجح حين تحزن قبل أن تفرح.. في لحظات يأسك وحين تلتمس منه السند
إذا وجدت منه الخير في هذه اللحظات.. فلا تتركه..
♥️
Fardiat Sadek
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات