سلسلة من التدوينات تفاعلا مع شهر أكتوبر للتوعية بالعافية من سرطان الثدي
(4)
لا حب يصْدُق من غير أنثى
هل نقول إن الحب أساس في حياة الهبة الأنثوية! قد يبدو هذا الكلام مكررا، فالحب من الموضوعات المطروقة السبيل عند شتى الاتجاهات، فالحب عند المرأة يختلف عنه عند الرجل، مع العلم أن الأنوثة -وهي ما نقصد هنا - إنما سبقت التشكل بامرأة.
الحب فرادة الأنوثة لأنها المكرّسة له عطاء، واكتسابا، وإنماء، بل واختراعا أيضا. فالأنثى تستحدث الحب حتى في جفاف العالم المحيط. لذا يعتبر الحب مكمّلا للنمو الصحي للهبة الأنثوية، وبقدر ما تعيش الأنثى التوتر في خوض الحب بداءة، ثم عيشه حالا على التوالي؛ بقدر ما يصير يترسّم أمامنا مقياس لكفاءة الكيان الأنثوي بكليّته.
المقولة الشائعة اليوم في ميدان تطوير الذات: أن يحب الإنسان نفسه أولا! هي ميل الأنوثة _ عشق الذات- تمارسه بأصالة حين تحرم من مشاركة الحب مع طرف ثان. وقد لا نبعُد حين نقرر أن كل التنظير في العاطفة في ميادين علوم الإنسان إنما هي اقتباس عن خصائص الأنوثة التي كانت دوما محط الاختبار الأول لكل ما عرفته البشرية من أشكال العاطفة، وخاصة العاطفة الطويلة الأمد، والعاطفة غير المشروطة، والعاطفة المتدفقة من ذاتها؛ وكلها تجتمع في الحب.
ولقد اتفقنا منذ بداية هذه التدوينات، على أن الهبة الأنثوية هي طبيعة، وما لم تأخذ الطبيعة مجراها فإنها تعاقب ذاتها بالانعكاس، كي تسترد حق التوازن من بدء البدء.
وختاما، لا بد أن نشير إلى فكرة الحب الإلهي، حيث تناولت سيمون دي بوفوار الإشارة إلى أن "حب الإله" هو سلوك تلجأ إليه الأنثى للتعويض عن غياب الرجل في حياتها، حيث ترى في سلطة الإله شبيها لسلطة الرجل المفقودة. وهذا كلام خطير، لأنه يؤثر على الحوافز النفسية والفكرية للأنثى فيما لو اتخذت من الحب الإلهي ليحل -اضطراريا- محل حب الرجل الفطري. وقد تسبب عنه الهلاوس غير السوية في تناولات العبادة مما لا يليق بمقام الألوهية، وقد اعترفت بذلك سيمون نفسها في كتابها الجنس الآخر.
إن سماع الأنثى حين تطلب الحب، وتقرير حقها في الوصول إلى الحب ومبادلته، يرتقي لأن يكون ضمانة صحية لجسدها الذي يكابد تحت وطأة العاطفة؛ لأنه إنما يتحرك بها إقبالا وإدبارا، نموًا وتراجعا، عافية واعتلالا.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات