الفكرة سلاح ذو حدين، يعود الفضل إليها في بناء مستقبلنا وتطوير معيشتنا ، إلا أنها هدامة وخطيرة إذا ماكانت سلبية، لذا يجب أن نتعلم كيفية التحكم في أفكارنا.
كل ماحولنا أفكار .. نحن نبني أفكارا وننتج أفكارا ونستهلك أفكارا .. السيارة فكرة .. القميص فكرة .. علبة العصير والبيتزا فكرة .. نحن نفكر ونطبق منذ أن خلقت البشرية، لكن كل هذه الأفكار ليست كلها عملية أو مفيدة إذا ما انطلقت من المجرد إلى الملموس.
خلقنا الله تعالى لنعمر الأرض ومن أجل أن نعمر يجب أن نفكر أولا، لكن ها نحن نكتشف أن جل أفكارنا لا تصلح لشيئ غير أنها تسبب لنا القلق والخوف والأرق إما في التفكير في مامضى وأحداث وأشخاص أثرت على مسار حياتنا و إما في المستقبل ومايمكن أن يعترض طريقنا، وتسيطر بذلك الهواجس على تفكيرنا.
الفكرة لها سلطان على عقولنا، لكن يمكن لعقولنا أيضا أن يكون لها سيطرة على أفكارنا .. الفكرة السلبية يمكن أن ترهقنا جدا إذا ماسمحنا لها بالتوغل داخل أعصاب دماغنا الحي النابض، فمن فكرة صغيرة تصبح هاجسا كبيرا يوقض تأنيب الضمير وتصبح وحشا مفترسا يلتهم راحتنا الجسدية والنفسية كل ليلة..وتصبح الفكرة أكثر فتكا وخطورة من مرض مزمن أو وجع في أحد أعضاء الجسد، مع أن تلك الفكرة يمكن أن تكون في الواقع مجرد فكرة لا تؤثر على نظرة الآخرين لنا أو على مسار حياتنا المهنية أو الشخصية .. تولد لدينا إحساسا معمقا بالألم و القلق بينما لو عرضت تلك الفكرة التي نخاف من شبحها ليلا نهارا على عقل أحدهم سيقول لك لا تهول الأمور يا صديقي ماهي إلا فكرة مزعجة ليست أمرا مهما..فعلا ربما كانت كذلك فماذا لو طردنا تلك الأفكار السيئة وأعدناها إلى حجمها الطبيعي .. هنا تصبح عقولنا المتحكمة في تلك الأفكار وليس العكس، ربما لو تحكمنا فيها ستصبح مجرد أفكار عادية وتنمحي من تلك السلسلة الرابطة بين الدماغ والفكر و الأعصاب والمخيلة فينتهي بها الأمر إلى سلة المهملات.
لو دققنا الملاحظة سنجد أن الدماغ البشري يعمل مثل الكمبيوتر تماما يخزن كل ما حمله في ذاكرته ويعود إلى كل ماخزنه وقت حاجته إليه، لكن تلك الأفكار السلبية التي تصبح مثيرة للقلق يوما بعد يوم تلعب دور الفيروس الذي يمكن أن يعيش في نظام الكمبيوتر الالكتروني وكل مازادت مدة تواجده كل ما أصبح خطيرا ويمكن في أي لحظة أن يطيح بالنظام المتماسك المعقد شديد الحساسية .. تماما مثل نظام دماغنا الذي يرتبط بذاته من خلال الشعيرات الدقيقة التي تسمى الأعصاب بتفكير الإنسان وفهمه لما حوله و بالتالي تؤثر على صحته النفسية .. هذه الأفكار التي تصبح إذا ماشغلت البال بطريقة مبالغ فيها بمثابة فيروس يخترق الدماغ و يحدث خللا في نظرة الشخص لنفسه ولما حوله.
الجنون أو فقدان العقل ماهو إلا نتيجة و تجل لسيطرة الأفكار على الإنسان، كل مايحدث حوله بطريقة ما يؤثر على طريقة تفكيره وعلى مدى نشاط دماغه .. هذا النشاط الذي إذا مازاد عن حده و انشغل بفكرة معينة أصبحت هاجسا مخيفا وكابوسا سيئا هو مايؤدي إلى تلك النقطة التي تفصل العقل عن الجنون، فهناك مثل يقول إذا قطع الرأس جفت العروق، فإذا ماوضعنا حدا لتلك الفكرة المتعبة منذ البداية وأقصيناها تماما فلن تستطيع اختراق الدماغ.
المسؤولية كلها تقع علينا نحن فإما أن نتغلب على أفكارنا السلبية ونهزمها وإما أن تسيطر علينا وتهزمنا.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات