الإكراة ليس قوة ، العنف ليس دليل جبروت وسلطة ، الرحمةُ ليست ضعف والإنسانية تفوزُ في كل ظرف ، كن إنسان قبل أن تكون أي شيء آخر، كن مزيج بين العقل والقلب.

قوة الحوار والمنطق، قوة اللاعنف قوةٌ لا ظلم فيها ولا إستبداد ولا تجبر، قوةٌ تُحاكي العقل وتُلامسُ القلب بكل قوة لينة تحملُ معاني الرحمة والإنسانية، لفظ القوة ليس مقتصرا على التدمير والهمجية وتغييب العقل وإضاعة لغة الحوار، القوة في الإحسان قوةٌ أكبر، أحسن للناس تمتلك قلوبهم، أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ... فطالما استعبد الإحسانُ إنسان، ولكن وفي واقع نعيشه اليوم هي ليست إلا ستارةٌ أو قناعٌ تغطي في الدول وحشيتها، تتستر على همجيتها تستخدمها بالعلن، أما السر فالويلُ كل الويل لمن اعترض أو رفض، في العلن يدّعون الحوار ولغة المنطق ولو أنهم طبقوها لوجدت دولٌ تسودها الديمقراطية وينتشرُ فيها إحترام الحقوق وتقبل الرأي الآخر والسيادة والحضارة ولكن ما يُحاكُ في الظلام وتحت الأقنعة وخلف الستائر هو ما يجعلها سياسة لا واقعية واستراتيجية مشكوكٌ بصحتها، يجعلها قوة ناعمة لا يوجدُ خلفها إلا وجه مشوه الملامح، من يراه يجزع ويملأُ الخوف قلبه، خوفٌ يجعلك عاجز عن الإتيان بخطوة، خوفٌ يجعلُ الكلام أصعب، خوفٌ من الكلام ومن التفكير وحتى من محاولة التغير، خوفٌ مرارته كالعلقم، رصاصةٌ قد لا تقتل ولكن لا بد أن تشوه وتترك أثرا لا يزول مع السنين ولا تمحوا ندوبهُ الأيامُ...


في لعبة السياسية الفوزُ للأقوى، الفوز للأذكى الفوزُ للأكثر مكر، وللأقوى حيلة وللأكثر جبروت ولصاحب القلب الذي لا يرحم، للأكثر تنفيذ للأوامر دون كلمة إعتراض أو حتى فكرة، بدأت الدول تلجأُ إليه لأنها وجدت فيه سبيل لمصلحتها، طريق ممهد بالحيلة، بأسلوب المثل القائل : ( طعم التم تستحي العين)؛ أي كن المبادر باللطف، الحاني على مصالح الآخرين، كن الرؤوف الذي لا يختفي صوته في المحافل الدولية يدعوا لحقوق الإنسان وكرامة المواطن، وحقوق الأقليات، وحق الحياة الكريمة والإنسانية وما تفرضه المواطنه وما يستدعيه الإنتماء وما يدعوا إليه الولاء والإعتزاز، كُن المبادر لتبطش بيد من حديد كل من يتواطئ أو يتمرد أو يخرج عن القطيع، فأنت صاحبُ الكلمة الطيبة والداعي للحوار والذي لطالما حث على علو قيمة الإنسانية وكرامة الإنسان التي هي فوق كل حدود، قناعٌ تخفى خلفهُ الحقائق وتختبأ خلفه النوايا التي لا تحمل من الطيبة حتى إسمها، شعارات تُرفع ليبقى التطبيق رماد تذروهُ الرياح...


رغم أننا نعيشُ في زمن الديمقراطية، في عصر التكنولوجيا التي وجدت لتخدم الإنسان وتُساعده على تحقيق غاياته ومبتغاه، ما زلنا نعيش في عصر القوة فيه لصاحب العُدة والعدد، لمن يملك تجهيزات عالية الدقة، وأسلحة متقنة الصنع، ما زالت القوة هي الحكم، فرغم ما يُروجون له من حرية ومن تشجيع للغة الحوار واحترام الرأي الآخر والشورى والأخذ برأي الأغلبية وكل ما يُقالُ عنه نتاجُ تقدم عظيم تشهده البشريه ما زالت الدولُ تُدارُ بالقوة التي لا تحملُ أي من قيم الإنسانية ولا حقوق المواطن وكرامته، هو كلامٌ بالهواء وتبقى الأفعال أبلغُ من الكلام وللأسف لا يتطابقُ الكلامُ مع الفعل وكل ما يحدثُ برهانٌ أننا ما زلنا نعيشُ في قانون الغاب وتبقى الغابُ وقوانينها تحملُ الرحمة التي نفتقدها...


لا نملكُ إلا أن نبدأ بأنفسنا أن نكون نواة جيل يُقدر معنى هذه القوة (القوة الناعمة) جيلٌ فهم أن العنف لا يبني وأن الحروب لا تُجدي نفع، وأن الكراهية وقود نار تأكلُ أول من تأكلُ من أشعلها، جيل يُقدر الإنسانية بالفعل لا الكلام والتنظير، جيلُ يملك قلب رؤوف وعقل راجح وعلم يُنيرُ له الدروب، دورنا أن ننشأ أمة أفرادها لا يرضون الظلم ولا يقبلون الباطل ولا تعلوا إلا كلمةُ حق، جيلٌ يملكُ قول لا للباطل، جيلٌ عمادهُ المعرفة لا الأنساب ولا الشهرة، جيلٌ كرامته من كرامة أمة ينتسبُ إليها ومجتمع يشكلُ جزءا منه، جيلٌ يسموا بالأخلاق والعلم، جيلٌ كلمةُ الحق عنده سلطان والساكتُ عن الحق شيطان..


Bayan

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات Bayan

تدوينات ذات صلة