الدارس للتاريخ يجد فيه الكثير من العبر والمواقف المُلهمة للتفكر.
يروى خروتشوف في مذكراته : أن جوزيف ستالين اتصل به للبحث في مؤامرةٍ آنذاك إذ أن معمل إطارات وطني و هو هدية من شركة فورد الأمريكية ينتج الإطارات بجودةٍ عالية ، لكنها بدأت تتراجع منذ ستة أشهر، فأخذت الإطارات تنفجر بعد بضعة كيلومترات.فما كان منه إلا أن زار المصنع بنفسه ليقف على أصل المشكلة فلفته الحائط الذي يُكرم أعظم الإداريين والعمال في كل شهر، وبدأ بمراقبة خطوط الإنتاج و العُمال ، لكن كل شيءٍ بدأ طبيعياً.ثم عمد إلى تحليل المواد المستخدمة في صناعة ذلك الإطار وثبت أنها ذات جودةٍ عالية، لكن الإطار ظل ينفجر.وبينما بدأ العجز يتسلل إلى نفسه ويئس من الأمر، رأى صورة الموظف المثالي للمصنع على مدار الستة أشهر الماضية، فقرر أن يحقق معه عله يجد رابطاً بين صعود نجمه و الإطارات المتفجرة.فبادره بالسؤال كيف استطعت أن تكون بطل الإنتاج لستة أشهر متتالية؟. قال : لقد استطعت أن أوفر الملايين من الروبلات للمعمل و الدولة فسأله: وكيف استطعت أن تفعل ذلك؟ قال : ببساطة قمت بتخفيف عدد الأسلاك المعدنية في الإطار و بالتالي استطعنا توفير مئات الأطنان من المعادن يومياً .اتصل بستالين فوراً و شرح له ما حدث و بعد دقيقة صمت قال بالحرف : و الآن.. أين دفنت جثة هذا الغبي؟ فأجاب خورتشوف: لم أعدمه يا رفيق.. بل سأرسله إلى سيبيريا ،لأن الناس لن تفهم لماذا نعدم موظفاً مثالياً وبطلاً في الإنتاج، ليس بالضرورة أن يكون فاسداً وسارقاً.. ليؤذينا و يدمرنا.. يكفي أن يكون... غبياً.لذا فالشاهدُ يا سادة يكفي أن يوكل الأمر لغبي،وإليك مثلاً أن تجد في التعليم والإعلام في أي بلدٍ غبي ،فيحيل مقدرات الشعوب ونعمائها لنقم.فغبيٌ يُدير التعليم ،فيتخبط في قراراته و يصنع جيلاً كاملاً يُحجم عن لغة قرآنه ببثه جرعةً مُركزة من النحو والصرف للصفوف الأولية بحجة دعم اللغة ،فينفر أهل اللغة منها لأن أول عهدهم بها أتخمهم فأعيتهم، عوضاً عن تأسيس اللغة قراءةً وكتابة ً،بل تصبح عثرةً على مرتاديها .و الغبي هو من يُضعف ما شأنه القوة ،ويهمل أساس البناء و ينشغل عن استرتيجيات التعليم بتوثيق و أرشفة العملية التعليمية، ويكدس الأوراق والدلائل والتقارير التي يسوقها ليُسوق لجهدٍ انصب على الشكل وغاب عن المضمون ،فيصبح الأمر كمن يكذب على نفسه ويتمادى في تصديقها.والأدهى أن يكون بخلاف ذلك فيتغابى ساكتاً عن كُل ما يجري تحت مظلته.أما الإعلام بوجهيه التقليدي والحديث على منصات التواصل الاجتماعي ،فغبيٌ من يُسهل للحمقى الوصول للمنصات ويجعل منهم متصدري الشاشات ،مشاهير يخرجون من كل حدبٍ وصوب و يسهل لهم تصدر الشاشات بحجة التأثير .وباسم الدراما يتم التسويق لمجتمعاتٍ غبية مزاحٌ مبتذل وكوميديا مشوهة و مسلسلات الأصل في حبكتها الخيانة و الوفاء والعفة عارضٌ قد يطرأ ، أما عن النغمة والموسيقى فالكلمة أذىً والنغمة مجنونة و التقنية تغلب الحُنجرة.في التاريخ أمثلةٌ شتى تعزز خطورة أن يعتلي المنبر غبي أو أن يُعلمَ بنوها بغباء فهل من مُتعظ.لعل الغباء أخطر من الخيانة في حياة الأمم ، والواقع أن غبياً واحداً يكفي.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات