هي بعض أوجه الفساد التي نواجهها كل يوم في مدينتنا الفاضلة...
حين تجد رجل دين متوجهاً إلىٰ صومعته - في تؤدة وهدوء- وغايته الاستتار عن أعين الناس؛ ليعاقر فيها من صنوف الخمر المحرمة.
وحين تجد الرجل الكهل في سبيله - متسربلاً بلباس التقية- إلىٰ حقل بستاني عامر ؛ ليسرق من ثمرها الذي لم يكد ينضج خلسة ليبيعها في السوق.
وعندما تجد هذا المزارع الجاد يصلح أرضه ويفسد ما بقي من هواء المدينة النظيف بافتراءات اختلقها على جاره القصاب الأغنىٰ منه.
إذا توجهت إلىٰ السوق تجده - القصاب- يبيع الناسَ مما لذ وطاب من لحوم الحمير الضائعة على أطراف المدينة، وستجد -أيضاً- زوجته المستترة بلباس العفة تهرب من نظراته الخبيثة إلىٰ زبوناته الحِسان؛ لتغزل في بيت جاره العطار أبلغ قصائد الخيانة. فإذا سِرت إلىٰ بيت قاصٍ في آخِر السوق تجد بيتاً في شرفته تقف عجوز تسترق أسرار العابرين والقاطنين، وتحكيها لنديماتها في حفل الشاي بعد الظهيرة. امزج تلك الصور في مخيلتك، وستجد نفسك في دوامة من الندم والشفقة.
فقط اخرج واجلس أعلىٰ تلك التبَّة وراقبهم -فقط- ، راقب واتل عليهم صلواتك، فإلم ينتهوا فقد حقت عليهم لعناتك، وإلم ينتهوا فقد حق عليهم عذابهم الذي هم فيه .
هباءً سوف تتعب نفسك في التفتيش عن مصدر الضوء، وستضطر في النهاية إلى الاستسلام الأبدي، لن تقوم ، ولن ترى، ولن يكون لك صديق سوى ذلك الخراب الذي ما زال يلاحقك...
إنه بداخلك أنت، ذلك الكاهن، الكهل، المزارع، القصاب، وغيرهم الكثير.. كلهم أنت وأنت هم، ولكن غايتك السيطرة عليهم، هل يا ترى سوف تستطيع أم أن ستقع في شَرَك الفساد.
الحياة المريرة التي ستعيشها الآن هي من ستصقل عقلك وروحك فيما بعد، تلك المأساة.. فقد الرفيق الذي ساندك طوال الطريق، ولكنه فجأة لم يعد على قيد الحياة، ذلك الحُلم الذي ناضلت طويلًا جدًا لكي تحققه، ولكنه سرعان ما تحول إلى سراب.. ذلك الحب القديم الذي فارقك ولم يعد موجودًا، أمانيك المعلقة في السماء، سوف تحتويها وتحتويك، وستضمها إلى صدرك وتلازمك حتى الرحيل، شئت أم أبيت.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات