حرب كِنايَات يُواجِه فِيها العَقل ذو "المَنطِق" مَع القَلب ذِي "العاطِفَة".

يَبحَث البَشر عَن تَفسِير بَسيط لمُحاولة فَهم واستِيعاب أسبَاب عَديدة تَقِف خَلف حَادِثة الـ "العِتاب" وما تبِعَته مِن أحدَاث هُروب مِن التَصرُّفات والتي وصِفَت بالـ "الرعنَاء" لِما سبَّبَته مِن أضرَار جسِيمة ومَا كشفته مِن تَسلسُل أحدَاث وخِيمة فِي الواقِع مِن العَاميَّة والدراميَّة.


فالقَرارَات مَسلُوبَة الحِكمَة بكامل هَيكلِيَّتهَا طَوْعاً أَوْ كُرْهاً هِي مَن تَسبَّبت بِتَفاقُم الوضِع واللُجوء الى الاحتِكَام لِفَضّ النِزاع القائِم بَين ذَوات الازدِواجيَّة؛ ذُو المَنطِق وذِي العاطِفة، إضَافةً الى نتَائِج العَدِيد مِن الأضرَار والتِي تَمَّ استِغلال الكَثير مِنها اتّجَاه الضَحايا مِن البَشر، تفاقم بالوضع واضطراب استَدعَى جَلسة طارِئة لِمَا آلت الِيه الأمُور مِن افرَاط فِي ردَّة الفِعل وتَنامِي بحَق طَرف مُقابِل الآخر دون الاكتِراث ان كَان فَرداً او كانُوا جَماعَة.


تَمَّ استِدعاء المُشتَبه بِه والمَعروف بـ"العِتاب" مرَّة أخرَى على خلفيَّة خِلاف مَا زال قائِماً ضِدّ مَجمُوعة "القَرارات" عَلى الرُغم مِن تقدُّم ايجَابي بالعلاقات فِيمَا بَينَهم خاصَّة بَعد التَوقُّف عَن تَراشُق الكِنايَات داخِل الأزقَّة وبَين الزقَازيق إضَافةً الى تقَارب ملحُوظ نَتيجة لتَعبِئة الفَراغَات الحيَاتيَّة وتَلبِيةً لاستِدعاءات قدَّم فِيها كِلا الطرفَين شَواهِد عَن المَواقف السَابِقة والنَوايا اللاحِقة فِي مُحاولة للحُصول عَلى استِقلاليَّة مِن سَيطرة "المَنطِق" صاحِب الحُضور الأقوَى والأكثَر حِيازةً بَينهم مُقابِل مَا يُعرَف بالسِلم والمُسَالمَة.


هُنَاك بالدَّاخِل المُعتَلّ، يَتقدَّم خَصمٌ مِن "النَاطِق"و"المَنطُوق" عِنوةً وبِالقُوة المُفَرِّقَة بَين الحُضور بِالرُغم مِن التَأخُّر عَن مَوعِد المُواجهَة، كَالعَادة، وذلِك لِهدف اختِيار الدكَّة الجَانِبيَّة وتَجنُّب الجُلوس قَريباً مِن لجنَة الاقصَاء لتَبدأ المُحاكَمة بإبدَاء التَحيَّة مَع قِراءة سَريعَة لمَجمُوعة مِن البُروتُوكولات التَي يُعمَل بِها داخِل سَاحة العَتِل والرَكِل إضَافةً الى مُقدّمة تُلزم الجَمِيع بإتِّبَاع الشُروط التَالِية:


- الحَقِيقَة ثم الحقيقة أولاً.

- يُمنَع التَدخُّل مِن أي طَرف حَتَّى لو كَان مُحايِداً.

- الالتِزام بالاحتِرام دونَ ايّ استِثناء لأيّ شَخص كَان او يَكون.

- يُحظَر الاندِفاع بالإجَابة شَريطَة انْ تكوُن مُختَصرة دُونَ انقِطاع او مُقاطَعة.

- التَعهُّد بالعَودة الى المَكان بَعد تَناول قَسط مِن الرَّاحة خِلال الوَقت المُستَقطع وبين الجلسات.


تَلى ذلِك تَشاور بَين مَا يُعرف بِمجمُوعة "الناطِق" قُبَيل بِدأ الاستِجواب وطلب مُبكِّر للإعتِراض عَن تَساؤلات سابِقة للـ “العاطِفة" حَول قَضيَّة تَجاوز المِحنَة فِي الزَمان والمَكان، يُقابِل ذلِك موقِف راتِع ومُحاوَلة مِن "المَنطوق" بِطَلب التأجِيل والمُغادَرة مِن المَكان، وعِند سُؤالِه عَن الأسبَاب تَحدَّث قائِلاً: أعلَم انَّه يَلزمُنا جَميعاً اتِّباع التَعلِيمات، انَا فِي حاجَة للرَّاحة، فاللَهو قَليلاً هو مَا اريدُه فَقط والرُدهَة الدَاخليَّة لديَّ لا تَسمَح بِذلك مَع انّنِي فِي أهِبَّة الاستِعداد والجاهزية للتَنازُل عن الكثير مُقابِل القَلِيل مِن اي حَدث مُثِير.



صَمت خيِّم على المَكان، سُكون، هُدوء وتَمتَة بَين الحُضور لِيَقِف "المَنطِق" شَامِخاً أمَامَ الجَمِيع رَيثَما يَتِم السَماح لَه بالإجابة عن سُّؤَال حَول الخِلاف المَطروح والحُجَج القائِمة كأسبَاب دِفاع عَن الاحتِكار والسَيطرة، يَعود الصَخب عِند طَرح اعتِراض من اللجنَة حَول حُجَّة مُقنِعة عَن موقِعه وموقِفه؛


صرَّح "المَنطِق" بالإجَابةِ قائِلاً: انَّه وخِلال المُواجَهات فِي مِيدان عَام ومُزدَحِم، بجِوار مَحطَّة تُسمَّى بـ "رَّاحة البال" تَحديداً والتِي تَقع بَينَ العَدِيد مِن المَقاهي الشَعبيَّة والمَلِيئة بالمَقاعِد الخَشبيَّة المُهترِئة مِن الأسَاس، تمَّ رُؤيَة "الاستِعجَال" فِي مَنطقَة مَحظُور عَليه التَواجُد فِيهَا، الغَريب فِي الأمر انَّنَا عَقدنا اتِّفاق بشَرِيطَة عَدم الاقتِراب مِن بَعضِنا البَعض الى انَّه قَد اقتَرب مِن مَسافة صِفر، نَعلم جيّدا انَّ هُناك الكثِير مِن المُراقَبة لكِن لَم نَكترث ولَن نُبالي لِكلّ ذلِك، والحُجَّة هُنا أنَّنا أصحَاب المَكان ولدَينا القُوَّة في الاقتِناص والاختِفاء دون تَرك أيّ أثَر.


تَتحدَّث اللَجنَة مَع بَعضِها البَعض وتَردُّ بالاعتِراض مَرةً أخرَى بِطلب الاستِفسَار عَن الكَمّ الهَائِل مِن الغُموض والامتِناع عَن التوضِيح أكثَر؟ تَساؤلات عَدِيدَة بَين اعضَائِها والمُناشَدة بِمُحاولة فِهم واستِيعاب الألغاز البَاطِنة عن المَقاعِد المُهترِئَة والمَقاهي الشَعبيَّة؟


فَجـــأَة؛ حضَر الى المَكان شاهِد عَيان كَان قد اختَار البَوح بالحقِيقَة رُغمَ التَهدِيدَات، مَلامِح الإرهَاق واضِحة، طاقَة مُستمِيتة واستِعدادَات شِبه مُعدومَة قُبَيل لحظَات مِن التَحدُّث وسَرد حَقائِق وأسرَار قَد تُغيِّر مِن المَعادَلة بأكمَلِها؛ يَتسَاءل الحضور عَن مَدى قُوّتِه وجُرأتِه؟ هُناك الكَثير مِن الشُكوك حَوله وعَنه؟ مَن هُو؟ هَل سَيُسمَح لهُ بالتَدخُّل فِي الاستِجواب بَعد مُخالفة شَرط مِن الشُروط؟


فِي تِلك اللَحظة وقف الحَكم مُعتَرِضاً وبالصوت العَلِيل قائِلًا: لا يُخِيفكُم مَن يُخفِيكُم العِلم، أنتُم جَميعاً مَن هُم بِحاجَة الى التَوقُّف عَن التَسبُّب بالفَوضى العَارِمة والعَشوائية القَائِمة، لا وقت لديَّ لسِمَاع المَزِيد مِن التَفاهَات الدِراميَّة ورؤية التَصرُّفَات العُنْجُهِيَّة، ألَا يَكفِي انَّ للغَصَّة بَقيــَّة، أنتُم مَن أنتُم؛ لَن تتَغيَّروا ابداً وعَليه فان حُكْمِي وحَكَمِي عَلى النَحو التَالِي:


- مَنح حِماية بَحتَة لشاهِد العَيان "العَقل".

- تَتحمَّل المَعنويات المَسؤوليَّة عَن الأضرار المُلحَقة.

- حَظر تَوأم الذِهنيَّة (المِلاحة والفِلاحة) من التواجد في أماكن القرار.

- تَقدِيم التَعهُّدات بالمُضِي قُدماً فِي مَسار الواقِع والحَقِيقة بشتَّى أنواعِها.

- تطبِيق العُقوبَة في أماكِن الاحتِجَاز الملِيئة بالتَحرِيض، اللَوم، ردَّة الفِعل السَريعة.

- التأنِّي بتَنفِيذ بنود التَهدِئة وإلتِمَاس الحِيطَة والحَذر مِن أطرَافها والتِي تُشكِّل مَصدر قَلق ليلاً ونهاراً.


والأهم هو العَمل بالشَّكل المُكثَّف عَلى مَنع العاطِفَة في المُشاركَة حتَّى وَلو بِالشَكل المُؤقَّت مَع مُراعَاة كامِل حُقوقها دون الحَصر.


أكمَل قائِلاً: "فالصِّراع بَينكم دائِم، يَكاد ان يَقترِب مِن الحَل ومَن يَقِف لتعطِيلِه ويَعمَل على تعقِيدِه هو انتُم، وأحياناً أخرى يُؤدِّي الى طَرِيق مَسدُود قد يُنهِيه السِلم والمُسالمَة ولكِن؛ دون فائِدة تُذكر بِسبَبِكُم ايضاً".



وختم حديثه بـالقول: "أنتُم مَن يَختار الفِرار مِن صِحَّة القَرار، ولذلِك يَلزم التَنوِيه والتَنبِيه بِأنَّه سَيتِم المُطالبة بِكلٍّ مِن الرَدع والجَزع كعُقوبَة تَشمل كُل مَن يَرغب فِي التَسرُّع قَولاً او فِعلاً دون العَودة الى أيٍّ مِن الأخْلاق المَعهُودة والمَعمُول بِها فِي حَل الإشكَاليَّة بَين جَمِيع الأطرَاف فِي عَالم العُقول والقُلوب البَشريَّة".

أغْلِقَت الجَلسَة...



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات أحمد البطران "بطرانيات"

تدوينات ذات صلة