حين تتحول الأنثى لمجرد مصنع لإنتاج الإنسان! وحين تصادر حريتها لأجل رحمها!
هل خطر ببالكم من قبل أن أولادكم ستسلمونهم من مخافر الشرطة؟ وهل تخيلتم من قبل أن تكون هناك وزارة للإنجاب؟ وبنك للتخصيب؟ ربما يذهب خيال الواحد منكم إلى أن المهام الموكلة إليهم هي تنظيم النسل وتسجيل المواليد وهكذا أمور...ولكن لا أعزائي تابعوا معي لآخذكم في جولة قصيرة إلى أحداث رواية: "فتاة الياقة الزرقاء" من تأليف الكاتب عمرو عبد الحميد:
الرواية تحتوي 271 صفحة.
لغتها بسيطة ملائمة جدا لفكرة الرواية القائمة على سرد الأحداث الشائكة، والتي تدعو القارئ لفهمها دون الخوض في جمال اللفظ الذي قد يشوش ذهنه.
تطرق الكاتب للتعريف بالشخصيات وإظهار بعض جوانبها دون أن يترك ثغرة واحدة، وهذا ما زاد الرواية قوة.
غلافها مناسب جدا يشرح جيدا الفكرة العامة للرواية إذ أصبح الأطفال بضاعة تأتي بالطلب!
وعلى العموم بعد قراءتي الرواية_وقد قرأت للكاتب قبلا_ فإنها أقوى ما كتب.
والآن إليكم الملخص:
في عام 2070م ظهرت جائحة هددت النسل البشري؛ إذ أن عطبا ما أصاب جينات الأرحام فصارت تولد الإناث بمرض خطير يأخذ حياتهن في اليوم الثالث من ميلادهن، والسبيل الوحيد لنجاتهن هو استئصال الرحم؛ وبالتالي كان ذلك إعلانا لنهاية البشرية جمعاء؛ غير أن فتاة ما ولدت في هذا العالم بعد مدة من ظهور الوباء برحم سليمة، ألبستها أمها في ذلك اليوم لباسا أبيضا بياقة زرقاء. ولم تكن الفتاة الوحيدة بل ولدت بعدها أخريات بأرحام سليمة في بقاع مختلفة من هذا العالم أطلقت عليهن تسمية "فتيات الياقة الزرقاء"
إن أعظم الإنجازات لطالما بنيت على أصغر التفاصيل
تستمر الحياة على هذا النحو لقرون عديدة: إناث بأرحام معطوبة، تستأصل الأرحام، وفي المقابل فتيات بأرحام سليمة. وتبلغ النسبة العامة: 30فتاة سليمة مقابل 1000بلا أرحام...وهكذا تصبح فتيات الياقة الزرقاء الوحيدات القادرات على الإنجاب وبالتالي هن الثروة الحقيقية، وما على الدول إلا المحافظة عليها لتضمن بقاء نسلها، فتشكلت بذلك وزارة للإنجاب وبنك للتخصيب: تصادر حرية فتيات الياقة الزرقاء بمجرد بلوغهن، ينقلن لبنوك التخصيب ليكن: "مصنعا لإنتاج البشر" في المقابل بعد بلوغ الإناث المستأصلي الرحم يتم تجميد بويضاتهن بعد عملية تجرى لهن_والذكور نفس الشيء تجمد لهم النطاف_ تجمد وتحفظ في بنوك التخصيب ويستلم كل فرد منهم_ذكرا أو أنثى_ مؤقتا ينظم عملية النسل، به فرصتي إنجاب لكل مواطن، وفي حالة قررا الزوجين الإنجاب يقدمان طلبا ويتم التواصل بالمؤقت، ثم يكون استلام الأولاد من مخافر الشرطة، قد تصل مدة الانتظار لسنوات، بل وتحولت العقوبات لأخذ فرص الإنجاب من المجرمين.
من نعم الله علينا أننا نعتاد الألم مع الوقت
أعود بكم للفتيات السليمات: هن ملك للدولة، تراقب نموهن على بعد وتحاسب أهاليهن على أبسط خطأ، ينقلن لبنوك التخصيب بعد بلوغهن سن السادسة عشر ويبقين هناك إلى آخر العمر، يعني يتحولن لمصانع لإنتاج الإنسان إذ تحقن الواحدة منهن في فرصة الحمل الواحدة بثلاثة أجنة وما يزيد(وهنا نقصد أجنة الآخرين إذ لا حق لهن في الإنجاب والزواج فهن ملك للدول)، وهذا ما يؤثر على صحتهن ويصبحن غير قادرات على الإنجاب عند عمر الخمسة والثلاثين، وطيلة مدة خدمتهن يمنعن من التواصل مع الأهل أو حتى رؤيتهم، وبعد انتهاء مدة صلاحيتهن يبعن في مزادات سرية ليواصلن العمل رغم ضعف أجسداهن.. ولتضمن وزارة الإنجاب بقاءها وتضمن البنوك تواجدها على مدى الدهر وسيطرتها على الإنجاب يتم استئصال أرحام سليمة بعد الطفرة التي ظهرت في المنطقة؛ إذ زاد عدد الإناث المولودات برحم سليمة!
في بعض الأحيان يكون إجبارك على خيار واحد افضل من وجود عدة خيارات تجعل حيرتك أضعافا مضاعفة
...أحداث كثيرة وتفاصيل دقيقة ومشوقة ترويها ليلى الفتاة الحمقاء التي يقودها حبها لأختها سوزان_فتاة الياقة الزرقاء_ لتحريرها من سجنها، ثم بتهورها تفضح المزادات السرية وتجاوزات بنوك التخصيب، وبعدما كان هدفها تحرير سوزان فقط تحرر آلاف الخلايا.
رواية مليئة بالخيال الساحر، فيها من الذكاء ما يوهم القارئ بأن الكاتب عايش الفترة بنفسه.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
شكرا لمرورك استاذة هبة
قراءة ممتعة 💛
سأضع هذه الرواية في قائمة روايات المستقبلية
شكرا...