تحتاج العلاقات الإنسانية _عموما_ إلى تنظيم، ولا اجد أحسن من علامات الترقيم لفعل ذلك!
لا يكتمل معنى نص ما إلا بعلامات الترقيم، فهي تعطيه روحا، وتضفي عليه بهاءً. ومتى غابت تمتزج المعاني بفوضوية قاتلة، ويفقد النص كثيرا من الجمال. وهكذا العلاقات الإنسانية؛ تحتاج بعض العلامات لتستمر:
نقطة:
مما أعرفه في لغتي العربية أن نقطة النهاية لا توضع إلا حين يكتمل المعنى، ويتّخذ الكلام قوامه المرجوَّ منه، وحين تتجاوز الأسطر حدها نضطر لاختزال فقرة في فكرة ونضع بذلك نقطة النهاية.
أما أن تعترض المعنى وتكسر قوام الكلام، فذلك خطأ لغوي يضرب اللغة في عمقها، ويجعلها قاصرة عن أداء وظيفتها!
كذلك الأمر بالنسبة لعلاقاتنا وتعاملاتنا اليومية: يجب علينا أن نضع نقطة النهاية حين يزول سوء الفهم وتتضح الأمور، أما أن توضع في منتصف الطريق فهذا خطأ يؤذي أحد الأطراف!
فاصلة:
ومما أعرفه عن الفاصلة أنها توضع للفصل بين الجمل القصيرة، وللفصل بين الصفات، والكلمات المتناقضة، وقبل العطف، وللتمهيد كذلك، وللدلالة على أن الكلام مستمر. ولقد قرأت ذات مرة تشبيها بليغا يصف الفاصلة، حيث؛ شبهها بإشارة المرور التي تنبهنا متى نقف، ومتى نستمر. وفي الحقيقة غياب الفاصلة في نص ما، يظهره كمدينة تعمها الفوضى، تغلب عليها المباني العشوائية، لذا؛ وجودها ضروري في لغتنا العربية.
والعلاقات عموما مثل ذلك، يجب علينا أحيانا وضع الفواصل لترتيب الفوضى، وأخذ قسط كاف من التفكير في أمور مختلفة. وحتى أنها توضع لمعرفة الشعور الحقيقي اتجاه شخص ما.
فاصلة منقوطة
تبدو أنيقة جدا، نادرة الحضور، تغيب لدى جمع كبير من الناس. وكلما بحثت عن مكان وضعها أجدني أحترمها أكثر، إذ أنها تأتي قبل أي توضيح.
وهكذا يجب أن نفعل في أي علاقة ساءت فيها الأمور إلى حد كبير، فلا يرتب الفوضى إلا الصمت الطويل، و الممتلئ بالتفكير العميق، والذي ينتج عنه توضيح لكل سوء فهم.
أما علامتي التعجب والاستفهام:
فتوضعان متى استلزم الأمر ذلك:
اسأل حين لاتفهم، وتعجب حين تجد ما يسيء، لاتمر مرور الكرام في مواقف لاتستدعي الكرم، فالأسئلة المتراكة تولد انفجارا، والتعجب المخفي يضفي برودا على العلاقات، تعجب واسأل ووضح سوء الفهم في اللحظة المناسبة تنجح علاقاتك مهما كانت.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات