يبدو أن الشعور بانسياب زمن خطي من ماض إلى مستقبل ليس سوى "تركيبة عقلية داخلية" لا وجود لها في "العالم الخارجي" أو "عالم الطبيعة"
النعجة: مللت...
الخروف: إذهبي وشاهدي التلفزيون...
النعجة: لا. التلفزيون أصبح مزعجا ورتيبا... أحس... أحس أحيانا أنهم يريدون تخديرنا... يريدون أن يجعلوا منا... أن يجعلوا منا... أن يجعلوا منا... لا أعرف!!
الخروف (وهو يعلف شيئا من التبن): ههه... نظرية المؤامرة؟
النعجة: فعلا مللت... المسألة جدية...
الخروف: إذن نامي... النوم مفيد لصحتك... وهو يجنك التفكير ويريح أعصابك.
النعجة: لا. لا يمكنني النوم أكثر مما نمت... أيقظني ابننا الحمل منذ قليل لأعد له شيئا من التبن وغادر النوم أجفاني بعد ذلك...
الخروف: حسنا، أنا ذاهب..
النعجة: إلى أين؟
الخروف: لأمأمأ مع الجماعة...
النعجة: وهل اليوم يوم المأمأة المقدسة؟
الخروف: ويحك يا نعجة! كيف تنسين يوما كهذا؟
النعجة: لا.. لكني مللت... أحيانا يكون الملل ملحا جدا فيحجب كل شيء... حتى الأشياء الجميلة كهذه...
الخروف: أنت دائما هكذا منذ عرفتك... نكدية... فلتكوني ممتنة لأن لك سيدا طيبا كصاحب ضيعتنا الجميلة هذه، يأتي لنا بالتبن والماء كل صباح... يعزف لنا الناي... يأمر كلابه بحراستنا... يضربنا بعصاه من شدة خوفه علينا ومحبتنا... ويتفقد بطوننا كل مساء ليتأكد أننا نسمن أكثر فأكثر... فكم نحن محظوظون... هل تعرفين يا نعجتي العزيزة... هل تعرفين أن هناك كائنات أخرى تعيش خارج سور ضيعتنا هذه لا سيد ولا مالك لهم؟ هل يمكن لعقلك تصور مدى معاناتهم ومأساتهم وتلك الفوضى التي يعيشون فيها؟
النعجة (وهي تطأطأ رأسها في خجل وحياء): فعلا... من العيب فعلا أن أشعر بالملل... يالي من نعجة ناكرة للجميل...
ولكن...
يبدو أن الشعور بانسياب زمن خطي من ماض إلى مستقبل ليس سوى "تركيبة عقلية داخلية" لا وجود لها في "العالم الخارجي" أو "عالم الطبيعة". تماما كالرياضيات أو الأحلام. أداة تخول لنا، معشر الأحياء، أن نحدد لأنفسنا مواقع بين النجوم وأن نسرد لأنفسنا الحكايات قبل أن نتحول بدورنا إلى حكايات يسردها الآخرون.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات