"وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ"


أذكر أني حاولت كثيرا في لحظات هذيان عدّ النّعم التي منحها الله لي، لا على سبيل الحصر بل على سبيل الشكر، وكنت أفشل في كل مرة أفعل ذلك، فلو قلت: منحني نعمة البصر، سأتغلغل في هذه النعمة إلى العين وما تحتويه من جمال، ثم لو قلت: منحني عائلة حتما سأتطرق لكل فرد فيها وما يحمله من خصال حميدة، لذلك كنت أتوقف بعد لحظات من انطلاق العملية، ولكن لم يخطر أبدا ببالي أن بعض النعم قد اعتدت عليها فما عادت بذات الأهمية التي أوليتها لنعم أخرى؛ وحين حرمت منها فقط أدركت قيمتها!

لم أكن أظن أن نعمة الخروج من البيت بهذه الأهمية، و حين حرمت منها بسبب الحجر المنزلي أدركت قيمتها.

لم أكن أظن أن استقبال الضيوف ومشاركتهم الطعام نعمة عظيمة، وحين حرمت منها أصبحت أتطلع بلهفة كلما طُرق الباب لعل القادم ضيف يشاركنا ما طبخناه.

لم أكن أظن أنه سيأتي يوم وأشتاق لضم صديقاتي ومصافحتهن وحتى لقائهن! كان الأمر سهلا جدا نلتقي في عمل ما، في حافلة، وفي رحلة للتسوق، أما اليوم وحين حرمت من ذلك أصبحت أقدر هذا الشيء أيّما تقدير.

فكرة أن يمضي يومي دون أن أتناول دواءً ما نعمة معتادة هي الأخرى. كذلك التمتّع بأشعة الشّمس فغيري -أطفال القمر مثلا- يتوقون لنعمة كهذه، وحتّى شعور الجوع نعمة بحدّ ذاته فبعض المرضى لديهم شعور دائم بالشبعِ رغم حاجة الجسم للغذاء! بل و الصوت الذي يصدر عن فتح الباب نعمة معتادة فبعض البيوت في المداشر والقرى لا أبواب لها.

التزاور، التسوق، الاجتماعات الأسرية، اللقاءات الثقافية، ماء الحنفية، الكهرباء، الغاز الطبيعي، الأكل الجاهز وغيرها الكثير، كلها نعم اعتدنا عليها فلم نعد نحسبها بهذه الأهمية، بل وقصرنا في الشكر!


وما كلماتي هذه إلّا هذيانٌ حاولت خلاله عدّ النّعم المعتادة!

زكية أحمد

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات زكية أحمد

تدوينات ذات صلة