حديثي هنا على وجه الخصوص للذين يملكون موهبة الكتابة والشغف إليها لكنهم يريدون الطريق الذي يقودهم ل من أين وكيف أبدأ في الكتابة؟!
كثيراً ما مرّ عليّ أشخاصٌ يميلون للشعرِ، ولطالما تمنّوا كتابته، فأن تكتب قصيدة، يعني أن تصحو من ماضٍ قاسٍ وتتخذه عبرة للحاضر، أن تعبّر عن بحر اشتياقك، صخب فراقك، عن مأساةِ الظلم الواقعة على بلادك، والعجيب أنك إذا ما قلت لهم " اكتبوا.." كان لسان حالهم
يقول " الشعر موهبة، تولد مع الإنسان في أول ظهوره للحياة".
دعونا نتفق أن جزءً من كلامهم لا ينكره العاقل أو الجاهل فكثيرٌ من الشعراء وُلدوا بلسانٍ فصيح، وحسٍ مرهف، وقد ساعدتهم الطبيعة، العائلة، الظروف، قراءتهم المستمرة، على أن يكونوا أقوى وأفصح.
وسؤالي لكم، لماذا نرى اسم فلان لمع فجأة بين الشعراء ولم نعهد عليه يوماً أن كتب شعراً أو نثراً؟
ألم تسمع حديثاً بشعراءٍ جدد نزلوا على الساحة!
هذا يدل على حقيقةِ أن الشعر يكتسبُ أيضاً، ولا يقتصر على كونه موهبة ولدت مع الشخص نفسه.وربما وُلدتَ أنت بموهبةٍ، لكنها لم تصقل ولم توجّه جيداً، فذبلت وأوشكت على التلاشي، لا تستسلم ما زال لديك الوقت لمحاولةٍ مثمرة.
إن الشعر فنٌ من أقدم الفنون عند العرب، وقد كان يُميّز صاحبه لدرجة الإجلال والتوقير ما بين قومه.وهو حسٌّ يداعب قلبك وعقلك، يشعل فيهما لهيب الحبّ أو الحرب، تُجسّد من خلاله كل ما يصول ويجول في خيالك، أو ما تشاهده أمام عينك من أحداثٍ ووقائع، ولا أعني بذلك أنني أتحدث على لسان الشعراء، بل إنما هو رأيي الخاص، وحقيقةً لن تجد وصفاً للشعرِ، بل ستجد أوصافاً لا نهائية، فكلٌ يُظهرُه حسبما يراه بعينه وقلبه وعقله، واكتساب الشعر وتعلمه ليس بالصعب أو السهل، فهو يحتاج منك خطواتٍ يجب أن تكون صادقاً معها، وتعقدان في ما بينكما اتفاقية حبٍ وود تستمر إلى ما لانهاية دون كرهٍ أو بغضٍ مهما حدث لك!
إن تميزك وإبداعك هما اللذان سيحددان مدى مهارتك، وقبل أن أبدأ بتلك النصائح التي سأقدمها لك، أنصحك أولاً وآخراً بأن تكثر الاستماع إلى الكثير من الأناشيد ذات الكلمات الموزونة، ستلهمك ألحاناً جميلة، وستبدأ في بناء قصائدك عليها، كخطوة مهمة قبل أن تقرأ، ثم اقرأ و اقرأ، ولا تتوقف أبداً...
خمس خطواتٍ في غاية الأهمية عليك معرفتها قبل أن تبدأ في كتابة الشعر، استعن بالله ثم ابدأ بالخطوات.
الخطوة الأولى: كثرة الاستماع إلى الأناشيد الملهمة، ستفجر موهبة الإبداع في داخلك، وتمنحك رغبة في أن تبدأ أُولى قصائدك، إن الرغبة في الكتابة، ولهيب الشوق لها، سيجعلك تحترف صقل الحروف، وتكون سيفاً وسلاحاً قوياً بوجه الخطوب، لذلك فإن الرغبة عاملٌ أساسي وكخطوة بدائية لتحترف كتابة الشعر.
الخطوة الثانية: حدد فكرتك ( الموضوع الذي ستكتب عنه) وما الهدف من كتابته، التعبير عن الواقع، إيصال رسالة لفئة معينة، وصف لما في داخلك، ذكرى يوم معيّن، فراق حبيب، صداقة، الخ...اختر موضوعاً تحبه وتشعر أن في نفسك حماسة شديدة للحديث عنه، وأنك مهتم به، فبدون اهتمامك ورغبتك سيكون الأمر مملاً ولن تخرج بنتاجٍ جيّد.
الخطوة الثالثة: هل أنت مبتدئٌ في الشعر؟؟ لو كنت كذلك أنصحك ألّا تذهب لبحور الشعر في هذا الوقت، سيكون الأمر أشبه بدوامةٍ لن تستطيع الخروج منها، اكتب كل ما يجول في عقلك وقلبك، اسمح لأفكارك أن تجعل منك شاعراً، عبّر عن الموضوع بالطريقة التي تحبها، تخيل نفسك يغني أغنية على لحنٍ حزينٍ مثلاً واشرع في الغناء والكتابة معاً.
الخطوة الرابعة: بناءً على أنك قرأت كثيراً لشعراءٍ وأدباء فإنك تعي جيداً ماذا يعني ألا تكون فكرتك مستهلكة وأنت تكتب، حذار من ذلك، سيكون الأمر أشبه بمنتجٍ مقلّد!حاول أن تكون أفكارك استثنائية، وأن تبدع في وصف الجُمل والكلمات بطريقةٍ مميزة غير مألوفة.
الخطوة الخامسة: قم بعرض ما تكتبه على المهتمين، وذلك من خلال نشره على مواقع التواصل الاجتماعي، أو الانضمام للمجتمع الأدبي من الأمسيات والصالونات الأدبية التي يعرض فيها الشعراء كتاباتهم، ويناقشون فيها الصعوبات التي تواجه الكاتب، ونصائح للكتابة الصحيحة وغيرها، سيفيدك ذلك كثيراً، وقبل أن تقوم بعرضه اقرأه لعدة مرات، راجعه، بدّل كلمة مكان كلمة أو جملة مكان أخرى، قم بإلقائه بين نفسك، هل إيقاعه مناسب، أم أن هناك كلمات ثقيلة مثلاً؟كرر ذلك حتى ترى النص جميلاً ومقبولاً في نظرك ويسهل عليك إلقائه بشكل سلس.
هذه هي أهم خمس خطوات للذين يرغبون في احتراف الشعر، وإذا ما وجدت الرغبة والحماس وبدأت بالكتابة وحققت الخمس خطواتٍ بجانب القراءة المستمرة وسماع الأناشيد ذات الكلمات الموزونة والبحث الدائم لكتابات الآخرين، ستبدأ تلقائياً لتتعلم بحور الشعر وسيسهل عليك أن تراجع كتاباتك القديمة التي كنت تكتبها قبل سنوات وستقوم بوزنها بكل سهولة، حتى يلمع اسمك كشاعرٍ يوماً ما، فلا شيء مستحيل...
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
الله يسلمك
سلمتم يا أصدقاء
❤️❤️