لأقتلنك قبل أن تقتلني، لأنني أدركتُ الآن أنك سبب لحسرتي وخسارتي! إنّه داءٌ إن رافق المرء طيلة أيامه قتله، يُضعف سير القلب إلى الله، بل ويُميته غالباً.
الكسل...
هو حسرةٌ في الدنيا وندامةٌ في الآخرة، يأسرك عن اتباع الحق ويوقع بك في سجن الشياطين، ولَا أَسِيرَ أسوأ حَالًا مِنْ أَسير أَسرَهُ الكسل، فقيَّد قلبه من جميع الاتجاهات!
وقد قال عنه الإمام النووي: " هو عدم انبعاث النفس للخير وقلة الرغبة مع إمكانه"
يعترينا شعور الكسل في كثيرٍ من الأحيان، وهذا الأمر طبيعي بحدِّ ذاته، فالنفس البشرية تملُّ من السير على وتيرةٍ واحدة، والعدو بالمرصاد دوماً.
والإنسان الفطن اللبيب، يستغل هذا الشعور في مبارزته وقتاله، فبدلاً من أن ينقاد له، يتحداه، ويجعل من لحظاته فتوره فترات راحة له من التعب، فتعلو همته وثمرة عمله.
فمن أراد النجاح في حياته والفلاح في عمله، فعليه أن ينفض رداء الكسل عنه، ويتلحف برداء الجد والعمل، خشية أن يفترسه الكسل.
فكل الذين رفع الله ذكرهم وقدرهم في الدنيا من الصالحين العابدين، كانوا أهل هممٍ ولم يعرفوا طريقاً للكسل.
إن الكسل يسلب من الإنسان عمره، ويثقل همته، ولو عرف المرء ما في الكسل من هدرٍ للنفسِ وضنكٍ للعيشِ لولَّى هارباً من كسله، عاملاً بجدٍ على محاربته.
ولقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من الكسل الذي سببه أعدى أعداء الإسلام، قائلاً صلوات ربي وسلامه عليه: يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقدٍ يضرب مكان كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلَّت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقده كلها، فأًصبح نشيطاً طيِّب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان"
تخيل أن الشيطان يحاول أن يهجم عليك كلَّ ليلة في محاولةٍ لإضعافك وشلِّ أملك ويقينك، وتوريطك بهذا الداء القاتل!
لذا أنت من يقرر ويحسم نتيجة تلك الهجمات الخسيسة من هذا العدو اللعين، فإما أن تستسلم له وتنقاد لشرِّه وإما أن تقتله بسيف إيمانك مستعيناً بالله وحده!
وفي حال كنت غارقاً في بحر الكسل وتعذَّر عليك أن تنجو، سأرسل لك قارب نجاةٍ، فتمسَّك به وانج بنفسك قبل أن تبتلعك شياطين هذا البحر.
ألا وهو: الذِّكرُ والدعاء."
إن كنت من المحافظين على أذكار الصباح والمساء، سترى كم كان يستعيذ نبينا صلى الله عليه وسلم صبحاً ومساءً من الكسل قائلاً: " رب أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر وأعوذ بك من عذابٍ في النار وعذابٍ في القبر"
ادعُ الله دوماً بأن يثبتك على الطريق الحق، دون فتورٍ وكسل، دون أن تزيغ الطريق وتضل!
فكم كان قدوتنا وحبيبنا صلوات ربي وسلامه عليه يدعو ربه قائلاً: اللهم يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك"
وما أحوجنا نحن إلى هذا الدعاء مقارنة بحاجة النبي صلى الله عليه وسلم وقد عصمه الله وغفر له ما تقدم وما تأخر من ذنبه!
ادعه ولا تمل واسأله العون على الذِكر والشكر، واعلم أن حبل الدعاء والاستعانة بالله، حبلاً قوياً متيناً لا يستطيع الشيطان قطعه، فالأكثر دعاءً أقرب منزلة إلى الله وأعظم أجراً وعوناً وثباتاً.
وتذكر أنه لا راحلة لنا في هذه الدار.
ولا فراغ لنا إلا في دار القرار.
لن تنتهي مهمات الدنيا.
ولن تنقضي عنك الواجبات والالتزامات.
صلِّ وأكثر من الركعات...
دع ملائكة الرحمن يذكرونك في الملأ الأعلى كل ثانية!
لن يملوا، فقط اعمل!
فالعمل العمل، لراحةٍ أبدية ونعم المستقر!
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات